ادان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدنى بأشد العبارات الهجمات الإرهابية التي تقع في شمالي سيناء وليبيا والجريمة النكراء والبشعة التي ارتكبها تنظيم "داعش" الإرهابي بحرقه للطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة. وقال مدنى - في اجتماع المنظمة الوزاري حول مواجهة الإرهاب والتطرف العنيف في العالم الإسلامي المنعقد اليوم الأحد في مدينة جدة (غرب السعودية) - إن "الإرهاب عدو للبشرية جمعاء وهو آفة ليس لها حدود ولا عقيدة ولا دين". ونقلت وكالة الأنباء الإسلامية الدولية (إينا) عن إياد أمين مدني قوله إن "الإسلام يعتبر الإرهاب إحدى أبشع الجرائم ضد الإنسانية، وشرع له عقوبة شديدة لصون حرمة النفس البشرية وحماية المجتمع"، مشيرا إلى أن الإرهاب إجرام يتخذ من الكراهية والتدمير وسيلة له. وانتقد "العناصر الهامشية التي تربط زورا وعدوانا أعمال العنف الضالة التي ترتكبها بالإسلام" وقال إنها "تقوض الأعمال المشتركة لتبيان الموقف الواضح للإسلام من الإرهاب والتطرف والعنف". وطالب مدني، الاجتماع "بالخروج باتفاق يمثل موقف الدول الأعضاء جميعها نحو الإرهاب وممارساته، يجدد موقف المنظمة المبدئي ضد الإرهاب بجميع أشكاله وتجلياته، مهما كان من اقترفه وحيثما وقع". وأدان "الانتهاكات المستمرة للحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وإرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي المحتلة ولا سيما الحصار الذي تفرضه على قطاع غزة في تجاهل تام للقانون الدولي". وقال إن "الأعمال التي ترتكبها تنظيمات "داعش" و"بوكو حرام" و"حركة الشباب" و"القاعدة" وغيرها من الجماعات الإرهابية المماثلة تتعارض مع القيم الإنسانية والإسلامية والعالمية". وأكد أن التصدي للإرهاب لا يمكن أن يتحقق بالوسائل الأمنية والعسكرية وحدها إذ لا بد من إيلاء الاهتمام الواجب والخطط العملية لمعالجة جوانب وأبعاد وسياقات لظاهرة الإرهاب. وأضاف أنه "من تلك السياقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي توفر الظروف المواتية لانتشار الإرهاب والتطرف العنيف ومن ضمنها الحرمان الاقتصادي والإقصاء والاستلاب والفصل بين الناس وتهميشهم والتفكيك الأسري القسري للمؤسسات السياسية والقانونية والأمنية والاجتماعية والثقافية". وشدد على تقويض خطاب الجماعات الإرهابية المتطرفة التي تحاول أن تضفي الشرعية على أعمال العنف والتضليل التي تقترفها باسم الدين أو الأيديولوجيا ومزاعم التفوق الثقافي. ودعا للتصدي للأسباب الكامنة وراء العنف الطائفي ومحاولات تسييس الخلافات المذهبية والتركيز على الانتماء الطائفي باعتباره جوهر الهوية الرئيسية وشن حملات لتحويل المسلمين من طائفة إلى طائفة أخرى. كما دعا إلى الأخذ بعين الاعتبار احتمال اختراق جهات خارجية للجماعات الإرهابية والمتطرفة بهدف خدمة أجندتها السياسية الخاصة. وحث على الإدراك بدور الإعلام وظهور الإرهاب الإلكتروني مع استخدام المجموعات الإرهابية لتكنولوجيا المعلومات والاتصال الجديد. ودعا إلى مراجعة وثيقتي "مدونة قواعد سلوك مكافحة الإرهاب الدولي" الصادرة في عام 1994م و"معاهدة منظمة التعاون الإسلامي لمكافحة الإرهاب الدولي" الصادرة في عام 1999م، قائلا "آن الأوان لمراجعتهما وتحديثهما حتى تتضمنا أحكاما تعالج المظاهر الجديدة للإرهاب وآلية للمتابعة تستخدمها الدول الإسلامية". وطالب الاجتماع بالتعبير عن "القلق العميق إزاء تنامي التعصب والتمييز ضد المسلمين مما يؤدي إلى تصاعد حدة الإسلاموفوبيا، التي تشكل انتهاكا لحقوق الإنسان الخاصة بالمسلمين وكرامتهم". من ناحيته، قال الأمير تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات المتعددة الأطراف، رئيس الاجتماع، إن "المنطقة تشهد تحديات غير مسبوقة منها تفشي ظاهرة الإرهاب التي استشرت في دول كثيرة من العالم وبالأخص في الدول الإسلامية". واعتبر هذا الاجتماع "فرصة لإظهار عزم وتصميم العالم الإسلامي للعالم بالمضي قدما في محاربة ظاهرة الإرهاب بكافة أشكالها وصورها وأيا كان مصدرها". وأكد موقف بلاده "الثابت في مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله وصوره وذلك من منطلق حرصها ومسئوليتها في المشاركة في أي جهد دولي جاد يسعى إلى حشد وتضافر العمل الدولي المشترك في مكافحة الإرهاب والجهات التي تقف وراءه دون تفريق بين جنس أو لون أو ديانة أو مذهب". وحث الاجتماع على الخروج "برؤية موحدة لمكافحة الإرهاب والتصدي له سياسيا وعسكريا وأمنيا واستخباراتيا واقتصاديا وفكريا وإعلاميا واجتماعيا". وشدد على "أهمية الوضوح في الخطط والسياسات والإجراءات وتقاسم المسؤوليات والجدية والاستمرارية في التحرك المطلوب للقضاء على ظاهرة الإرهاب وما ينتج عنها". وقال إن "التقاعس أو التردد لن يساعد في اقتلاع هذه الظاهرة من جذورها بل ربما يشجع على عودتها وبشراسة مما يعد تهديدا مباشرا لأمن واستقرار مجتمعاتنا". وأكد أن "التحرك ضد ظاهرة الإرهاب يجب أن يغطي جميع الجوانب الخاصة بمكافحته، حيث أن أي تحرك أمني ضد الإرهاب ولكي يؤتي نتائجه لا بد وأن يصاحبه تحرك جاد نحو التصدي للفكر الضال ومؤيديه". ودعا إلى "قطع التمويل عن الإرهابيين سواء بالمال أو السلاح بما في ذلك مراقبة السلاح المتدفق من بعض الجهات المشبوهة حيث أن ذلك يؤدي إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة ومنع التدخل السافر في شئونها الداخلية وزعزعة أمنها واستقراراها".