§ العبث مع جيل ثائر سيقضي على دولة “,”الإرشاد“,” قبل أن تبدأ. § ميليشيات الجماعة والتيارات الإسلامية سمحت بوجود جماعات “,”بلاك بلوك“,”.. والعنف يشعل حربًا أهلية تقضي على الأخضر واليابس. § شباب الثورة سيرفض كل محاولات “,”الجماعة“,” للسيطرة على مفاصل الدولة.. والحوار الوطني هو الحل الحقيقي للخروج من الأزمة. § توقفت عن الكتابة الروائية لأن الثورة ما زالت مستمرة.. وأي عمل حقيقي لا يخرج إلا بعد انتهاء الثورة وتحقيق مطالبها. § الجماعة لن تحقق الديمقراطية؛ لأن تنظيمها قائم على المبدأ “,”الأوتوقراطي والثيوقراطي“,”.. والدستور الإخواني مشوّه يفرض على مصر نظام الدولة الدينية. § الشعب المصري سيرفض أي محاولة إخوانية لتغيير هوية سبعة آلاف عام.. وأساليب القمع والعنف الفكري ستجعله يقاتل الدولة الدينية كما قاتل الدولة البوليسية. أكد الروائي الكبير «بهاء طاهر» على أن العبث مع جيل ثائر سيقضي على دولة “,”الإرشاد“,” قبل أن تبدأ، موضحًا أن جماعة الإخوان المسلمين عليها أن تستمع لشباب الثورة والشارع؛ لأنها تدين لهم بالفضل في الوصول إلى كرسي الرئاسة على دمائهم، موضحًا أن جيل شباب الثورة سيرفض كل محاولات “,”الجماعة“,” للسيطرة على مفاصل الدولة، وأن الحل الحقيقي للخروج من الأزمة لن يتحقق إلا بالحوار الوطني. وعن العنف المتبادل في الشارع المصري؛ أوضح طاهر في حواره أن ميليشيات الجماعة والتيارات الإسلامية سمحت بوجود جماعات “,”البلاك بلوك“,”، مبينًا أن العنف المتبادل يشعل حربًا أهلية تقضي على الأخضر واليابس. وقال الأديب الكبير إنه توقف عن الكتابة الروائية لأن الثورة ما زالت مستمرة؛ مشيرًا إلى أن أي عمل أدبي حقيقي لا يخرج إلا بعد انتهاء الثورة وتحقيق مطالبها. وإلى نص الحوار · في البداية.. كيف ترى الوضع الراهن في ظل الأوضاع الساخنة في مدن القناة والقاهرة والإسكندرية؟ · علينا أن نعلم جيدًا أن الشعب المصري قام بثورة، وعلينا أن نعلم أن الشعب المصري لن يعود إلى الخلف، وعلى جماعة الإخوان المسلمين أن تعلم جيدًا أن عبث مكتب الإرشاد مع جيل ثائر سيقضي على دولتها قبل أن تبدأ فصولها. · وهل هذا يمكن أن يؤدي إلى تبادل العنف بين جميع الأطراف...؟ · مقاطعًا: كلنا يرفض العنف بكل أشكاله، سواء كان العنف المادي أو القهر المعنوي، كلاهما نرفضه تمامًا، وهذا يعني أن هذا الجيل الثائر سيرفض كل محاولات الجماعة كفصيل سياسي يسعى للسيطرة على مفاصل الدولة، ويسعى لفرض دستور دولة فاشية، ويسعى لفرض دولة لا تحترم القانون، ويسعى لفرض دولة الاستبداد الديني. · هل تعتقد أن تلك الخصائص سبب لفرض العنف؟ · إذا كان العنف مرفوضًا؛ فإن البعض يجده بديلاً للتجاهل، وللأسف الشديد الجميع يمارس التحريض بأشكال مختلفة؛ فالعنف يبدأ بلفظة وبكلمة واحدة، وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين هم من فرضوا أولاً مبدأ العنف في تهديداتهم، فكيف كان سيواجه هذا الجيل الثائر توجيهات تطالب مرسي بالأمر؛ ليأتوا له بالمعارضة في شيكارة، وآخر يتحدث عن بحور دم، وثالث يتحدث عن دولة البقاء للأقوى، ورابع يحاصر المحكمة الدستورية، وخامس يحاصر مدينة الإنتاج الإعلامي؟ بالتأكيد سيقابلها الجيل الثائر بالعنف المتبادل. · معنى هذا أن تفشي ظاهرة العنف يعود في المقام الأول إلى النظام الحاكم؟ · بالطبع.. هي مسئولية الحزب الحاكم ومسئولية الحكومة كلها. · هل تعتقد أن قرار رئيس الجمهورية إعلان حالة الطوارئ في محافظات القناة كان قرارًا صائبًا؟ · القرار السليم الوحيد في هذا التوقيت هو القرار الذي يجب أن يكون نتيجة توافق مجتمعي، فلا أحد يحب العنف، ولا أحد يريد إراقة الدماء؛ ولذلك يجب أن يكون هناك نوع من التوافق المجتمعي، وهذا يعني أنه لا يستقيم بعد ثورة شعبية أن ينفرد أحد بالقرارات دون دراسة كافية وبدون توافق سياسي ومجتمعي. · البعض يؤكد على أن جماعة “,”البلاك بلوك“,” هي الحل الوحيد لمواجهة ميليشيات الجماعة والتيارات الإسلامية؟ · على الإطلاق.. هذا كلام خطأ، ولا أوافق عليه على الإطلاق، وتحقيقه على أرض الواقع يمثل كارثة بكل المقاييس؛ لأن عظمة ثورتنا أنها ثورة سلمية، وثبت أن الثورة السلمية يمكن أن تحقق أهدافها بالوسائل السلمية، ولكن مبدأ مواجهة العنف بالعنف يحوّل الموقف إلى حرب أهلية، وهذا خطأ جسيم قد يقضي على الأخضر واليابس. · بعض الحركات، كحركة حازمون، أعلنت تشكيل جماعة “,”الوايت بلوك“,” للقضاء على جماعة “,”البلاك بلوك“,”، هل تعتقد أن هذا يمكن أن يفتح بابًا آخر يزيد من الفوضى؟ · هذا عنف آخر.. والعنف مرفوض من جميع الأطراف، أي عنف يؤدي إلى إراقة دماء المصريين، أو إلى إصابتهم بأي شكل من الأشكال، مرفوض بكل الطرق. · كيف في رأيك يمكننا الخروج من الأزمة خاصة أن جبهة الإنقاذ ترفض الحوار مع رئيس الجمهورية؟ · هذا الرفض جاء كحلقة في سلسلة متصلة، وإن كنت أتمنى أن تحضر جبهة الإنقاذ الحوار الوطني مع “,”مرسي“,”، وليس مع الحزب الحاكم، ويعرضون أفكارهم ثم ينسحبون بمنتهى السهولة؛ لأن موقفهم بهذه الصورة لن يفهمه الرأي العام، لأن الرأي العام لا يتابع المواقف الصغيرة، بل يتابع المواقف الكبيرة، والمواقف الكبيرة تؤكد أنهم تلقوا دعوة إلى الحوار وهم رفضوها ولم يذهبوا إليه، ولكن لو كانوا ذهبوا إلى الحوار وقالوا قرارهم هناك ثم انسحبوا لتفهم الناس موقفهم. · لكن الجبهة تبرر موقفها بأن الرئاسة تخرج مع كل حوار بتصريح لم يتفقوا عليه ويكون عكس ما خرجوا به من الحوار.. · كان من المفترض أن تخرج جبهة الإنقاذ بعد الاجتماع مباشرة للرأي العام لتوضح لهم القرارات والملاحظات ونقاط الاختلاف التي خرجوا بها من الحوار، وكان من الواجب عليها أن تنفي ما يقوله الإخوان، هذا رأيي الشخصي، وإن كان النظام أو المعارضة وجموع الناس لا تهتم بآراء المثقفين تمامًا، ويتعمدون تهميشهم. · ذكرتَ مرارًا أن حكم الإخوان سيكون وبالاً على مصر، فهل تعتقد أن دعوة عصام العريان لعودة اليهود إلى مصر جزء من هذا؟ · هذا لا خلاف عليه.. فهذا جزء من مخطط السيطرة “,”الصهيو-أمريكي“,” على مصر، وجزء من ترسيخ التبعية المصرية للسياسة الرأسمالية الأمريكية، فهم يريدون أن تدخل مصر في شبكة تضم إسرائيل وأمريكا، وتضم كل الكيان الرأسمالي الموجود في العالم، وتحويل مصر إلى ترس في الآلة الرأسمالية، وليس تصريح عصام العريان بعيدًا عن ذلك، إنما هو جزء منه. · هل تعني أن دعوة “,”العريان“,” نوع من التطبيع بين مصر وإسرائيل؟ · هذا صحيح.. فالمصريون طوال الوقت لا يتحدثون عن إسرائيل أو يأتون بسيرتها على لسانهم، وهذا نوع من المقاومة السلبية للصهيونية، بمعنى أننا نرفض التطبيع، وهذا الرفض؛ حتى لا نكون جزءًا لدخول الفكر الصهيوني على الثقافة المصرية، وبالتالي نتبنى فكرة المقاطعة بعدم ذكر اسمها، فكيف يعقل أن يصرح بعودتهم؟ هذا يعني أنه يطبع فكرة تقبل إسرائيل. · في رأيك لماذا لم يخرج محمد مرسي برد على دعوة “,”العريان“,”؟ · أعتقد أن هذا سؤال يجب أن يوجه للدكتور محمد مرسي، يجب أن يُسأل عن كيفية خروج مستشاره بتصريحات لعودة اليهود إلى مصر ولا يقوم بالتعليق عليه. · ذكرتَ أن الإخوان غير قادرين على ترسيخ النظام الديمقراطي.. هل تعتقد أن تجربة حكمهم أثبتت هذا؟ · كل الظواهر تؤكد أنهم لن ينجحوا.. خاصة أن تنظيم الإخوان تنظيم غير ديمقراطي، فكيف يمكن أن يرسخ الديمقراطية في المجتمع كله؟ وأنا لن أصدق أنهم يريدون ترسيخ الديمقراطية في المجتمع إلا إذا قاموا بترسيخها داخل تنظيمهم في البداية؛ فالتنظيم قائم على المبدأ الأوتوقراطي والثيوقراطيا، ومن المستحيل أن يغيروه، فكيف يغيرون تفكيرهم في التعامل مع المجتمع؟ · لكنهم أكدوا كثيرًا أن مصر ستكون دولة مدنية ديمقراطية.. ويؤكدون أن الدستور... · مقاطعًا: الدستور سيء وغير ديمقراطي، وسيفرض على مصر أنظمة ثيوقراطية، إلا إذا نجحت المعارضة في الاستمرار بالمقاومة لتغيير البنود التي تكرس الحكم الديني في مصر. · التيار المعارض أو المدني مفكك الآن، فهل تعتقد أنهم يمكنهم الصمود للوصول إلى التغيير المطلوب؟ · يمكن إجابة ذلك بجملة رائعة كتبها الكواكبي في كتاب «طبائع الاستبداد»، قال فيها إنه “,”بالضغط والتضييق تلتحم الأجزاء المبعثرة، والغمة تلد الهمة“,”.. هذا هو الأمل في المستقبل؛ لأننا نواجه غمة فظيعة، وندعو الله أن تولد الهمة. · في رأيك لماذا تفزع الثقافة المصرية من الحكم الديني؟ · إذا نظرنا إلى أفعالهم وإلى مواقفهم من حرية الرأي وحرية الإبداع، أو مواقفهم من المرأة والأطفال، فسنعلم لماذا هذا الموروث الثقافي الخاص برهبة الحكم الديني، فكل هذه المواقف ترعب الناس. · هل تعتقد أن هناك تشابهًا بين حكم الإخوان وحكم خامنئي في إيران؟ · الحقيقة أنني لست خبيرًا في حكم خمانئي في إيران، ولا يمكنني الحكم، إلا أن النظام الشيعي يختلف عن النظام السني؛ لأنهم يتبنون نظرية ولاية الفقيه، فلا يمكنني المقارنة. · مبدأ التكفير السائد اليوم في مصر واستخدام مصطلحات كثيرة مثل العلمانية والليبرالية... · مقاطعًا: هذا لأنهم لا يفقهون شيئًا، ولا يفهمون هذه المصطلحات؛ لأنهم إذا كانوا يفهمونها بالفعل لما غضبوا منها أو كفروها، فمصطلح «العَلمانية» يفهمونه على أنه «العِلمانية»، والذي يعني “,”تسييد“,” العلم، وهي ليست كذلك على الإطلاق؛ لأن الأصل في التعبير عن كلمة «عَلمانية»، التي ظهرت بعد العصور الوسطى في أوروبا، هو التمييز بين الحكم المدني عن الحكم الديني، ف«العَلمانية» نسبة إلى العَالم أو الشيء الدنيوي المختلف عن حكم الكنيسة الذي ساد في عصور الظلام. · في رأيك هل يمكن أن تتقبل حضارة سبعة آلاف سنة هذا الفكر المتشدد؟ · رغم أنني دارس للتاريخ، لكني لا أتقبل فكرة حضارة سبعة آلاف سنة؛ لأننا حضارة حية ولسنا حضارة مندثرة أو ميتة، وأنا أعني أن أفضل ما في حضارة السبعة آلاف سنة موجود الآن بالفعل ويعيش بداخلنا كلنا، ويمكن أن تجد هذه الحضارة في بعض الألفاظ أو في بعض العادات والتقاليد. · هل تعني أن المصريين لن يتقبلوا هذا الفكر المتشدد؟ · بالطبع.. لن يتقبل المصريون أي فكر متشدد أبدًا.. وحقيقة لا أعلم إلى أي مدى سيستمر الوضع الحالي، لكن النهاية معلومة، وهي أن المصريين سيرفضونه وسيقاتلونه كما قاتل النظام البوليسي. · رغم كل ذلك نجد أن التيار الإسلامي اليوم يتصاعد بسرعة غريبة.. فكيف تفسر هذا؟ · لأن النظام البائد خرّب مصر، وجعل من الحياة السياسية بقعًا جرداء، وأنشأ أحزابًا كرتونية وهمية، وما زال بعضها موجود حتى الآن، ويتعامل معها النظام الجديد بنفس سياسة تعامل نظام مبارك؛ فهم يريدون أن تكون ديكورًا يلفت النظر إلى وجود معارضة وإن كانت وهمية، وفي الحقيقة لا أستطيع أن أحفظ أسماءها، وكل ما أعرفه الأحزاب التقليدية؛ مثل الوفد والتجمع والأحزاب الكبيرة. · الجميع يكره الحكم الديني ويهاجم الإخوان المسلمين ورغم ذلك يتبعونهم وقت الاستفتاء ويأتي الصندوق ب«نعم»!! · عادة نتيجة الاستفتاء تكون معلومة وقت تقديمه، ومحسومة بأن الصندوق سيخرج ب«نعم»، ولم يحدث في تاريخ مصر -أو في تاريخ العالم الثالث كله- أن يقدم استفتاء من الحكومة ويرفضه الناس، فمجرد تقديمه للاستفتاء معناه أن الشعب وافق عليه؛ لأن هذه ثقافة “,”التخلف“,” التي تجعل الناس تتبنى فكرة أن ما تريده الحكومة سيتحقق سواء قبله الشعب أو رفضه!! وبالتالي يقول «نعم» تجاوزًا. · التاريخ والاستفتاءات ال17 تؤكد أن النتيجة دائمًا ب«نعم». · هذا لا يحدث في مصر فقط، بل في العالم الثالث كله؛ لأن الاستفتاء له شروط لا توجد في مصر والعالم الثالث.. لقد عشتُ في سويسرا لأكثر من 20 عامًا، وهي دولة تعيش على الاستفتاءات، ولكن استفتاءاتها لها شروط لكي تكون وسيلة ديمقراطية، أولها أن توجد أحزاب قوية، وكل حزب يبين رأيه في الأمور المقدمة للاستفتاء، الشرط الثاني أنه يجب أن يحدث حوار مجتمعي لفترة طويلة، والشرط الثالث -والذي كانت تقوم به الحكومة السويسرية بنفسها- هو عرض كامل للشعب عن مزايا وعيوب الاستفتاء، وما يمكن أن يؤدي إليه من تغيرات في نظام البلد، وفي النهاية تترك الناس للاختيار، ولا أعتقد أن الديمقراطية تحتاج لأكثر من ذلك. · كمبدع.. كيف يمكنك أن تواجه الزحف الإخواني، خاصة بعد تقسيم مصر بين ما هو إسلامي وما هو غير إسلامي؟ · في الحقيقة الإبداع يمر بأسوأ عصوره؛ فهو متهم في كل شيء، وما كان له من سلطة مجتمعية لم تعد متوافرة أو موجودة، بل على العكس تمامًا أصبح الإبداع متهمًا ومدانًا. · هل تعتقد أن الدعوة لغلق المسارح والسينما وقضايا النشر تقلِّص من دور المثقفين وتحاول تدميرهم؟ · هذه هي الحلقة الأخيرة، فالتدمير مستمر منذ السبعينيات، ثم إن المثقفين دُمِّروا بالفعل. · الوسطية في الأفعال هي الثقافة التي تخلق النسيج المصري.. فلماذا هذا التطرف الشديد الذي وصل إلى الساحة؟ · لقد عشت مصر وهي تحارب الإنجليز، وعشتها وهي تحارب الإسرائيليين، وحتى وهي تحارب ظلم مبارك، طوال عمرها كانت كتلة واحدة، ولم أرها منقسمة سوى في عهد الإخوان، إنما قبل ذلك كانت تتحدث بصوت واحد، وتحارب في معاركها ككتلة واحدة، وهذا الانقسام لم يحدث إلا بفضل الإخوان المسلمين. · هل هذا الانقسام نتاج تدخل الجماعة في شئون مصر أم...؟ · مقاطعًا: توليهم الحكم هو الذي أفسد مصر وقسّمها؛ فالإخوان المسلمون موجودون منذ نشأت الجماعة، ولم يحدث انقسام للوطن، ولكن بعد أن وصلوا إلى الحكم حدث الانقسام، فالحقيقة أن الإخوان المسلمين فصيل وطني مصري، وبينهم الكثير جدًّا من المخلصين الذين يحاولون أن يطبقوا أفكارهم كنوع من خدمة الوطن، لكن المشكلة الحقيقية في القيادة وليست في القواعد. · هل تعني أن القواعد الإخوانية بريئة مما يحدث؟ · هذا ما أعنيه بالفعل.. لأنهم ليسوا سوى مجموعة من البشر مؤمنة بمبدأ، ويسعون لتحقيقه، ويخيل إليهم أن هذا المبدأ هو أفضل شيء، لكن القيادات لا أحد يعلم ماذا يوجد في عقولهم، لا أنا ولا المصريون، ولا حتى القواعد تعرف ماذا يوجد في عقولهم، فهم يتصرفون كجماعة سرية، ولا يفهم لهم أحد شيئًا، لكننا ننظر إلى نتائج عملهم فنجدها كوارث. · ومن ضمن هذه الكوارث انقسام مصر؟ · انقسام مصر كارثة على رأس الكوارث التي أصابت مصر بسبب الإخوان المسلمين؛ لأنه لم يحدث في التاريخ أن انقسمت مصر كما يحدث اليوم، حتى أن توفيق الحكيم كان يقول إن “,”الكل في واحد“,”، بمعنى أن كل المصريين يتصرفون ككتلة واحدة، وكأن كل واحد منهم هو المجموع، وكأن المجموع هو الواحد، أما ما يحدث اليوم فهو اقتتال المصريين بعضهم بعضًا؛ الأمر الذي وصل إلى انقسام الأخ عن أخيه في الأسرة الواحدة، وهذا كله بفضل الإخوان المسلمين. · الكثير يقول إن غباء مبارك في التعامل مع ثورة 25 يناير سبب سقوطه، ويقولون إن غباء مرسي في التوافق بين الجماعة والشعب سيكون سببًا في سقوطه؟ · لا يمكنني أن أتكهن بسقوط مرسي، إنما بالنسبة لمبارك فغباؤه بالفعل هو السبب فيما حدث له؛ لأنه هو الذي صمم على التوريث رغم كراهية الناس لهذا الأمر، فكان هذا هو المعول الرئيسي الذي قضى على نظامه. · بصفتك عاصرت صِدام الإخوان المسلمين مع جمال عبد الناصر سنة 54.. هل تعتقد أن الإخوان يتبعون نفس الأخطاء الآن؟ · هذا لا يظهر الآن.. لكن دائمًا جماعة الإخوان المسلمين تستعجل جني الثمار، ففي ثورة 23 يوليو خيل إليهم أن الدنيا دنت لهم، وبالتالي يحق لهم الحصاد، فتعجلوه، وهذا لا يصلح، وأعتقد أن عمر التلمساني كان أذكى قيادات الإخوان المسلمين؛ لأنه كان يأخذ الأمور بهدوء وروية ولم يتعجل قطف الثمار، لكن كل القيادات الأخرى تعجلت قطف الثمار، وهذا كان سببًا في فشلهم في الأربعينيات، عندما دخلوا في صدام مع الدولة مع النقراشي ومع النظام الملكي، وسبب فشلهم في صدامهم مع جمال عبد الناصر؛ لذلك أقول إن عمر التلمساني كان من الذكاء بحيث إنه قرر عدم الدخول في صدام مع أنور السادات، وقرر أن يدخل بالطرق السياسية. · الإبداع دائمًا ما يرصد الحالة الثورية.. فلماذا لم نر لك عملاً إبداعيًّا يؤرخ لثورة الشباب حتى الآن؟ · لأن الثورة مستمرة ولم تحقق أهدافها حتى الآن، وأي عمل إبداعي حقيقي لا يخرج إلا بعد انتهاء الثورة وتحقيق مطالبها؛ فالمبدع يتوقف عن الكتابة ويتأمل الأوضاع، أما إذا كتب شيئًا فلن يكون إبداعًا، ولكنه سيكون عملاً مشوَّهًا وموجَّهًا تجاه طرف بعينه، وأنا أعتقد أن ما يقوم به شباب المبدعين الآن عبارة عن سلسلة مذكرات يمكنها أن تؤرخ للثورة بشكل أدبي.