مواعيد وضوابط التقييمات النهائية لطلاب الصفين الأول والثاني الابتدائي    رئيس مدينة الطود بالأقصر يتابع صيانة عطل في مأخذ السحب بمحطة مياه الشرب    وزارة الزراعة: تشديد الرقابة على المبيدات ولا خسائر بسبب النمل الأبيض    قرار وزاري من وزير العمل بشأن تحديد ساعات العمل في المنشآت الصناعية    مصر تدين اعتراف إسرائيل الأحادي بما يسمى ب«أرض الصومال»    منتخب الفراعنة ضد جنوب أفريقيا.. محمد الشناوي حارس المواعيد الكبرى    أمم أفريقيا 2025 | مدرب بوركينا فاسو: مواجهة الجزائر مهمة ..ومطالبون بتقديم مباراة ذكية    الإعدام شنقًا لعامل وربة منزل لقتلهما شخص وتقطيع جثته بالقناطر الخيرية    المشدد 15 سنة وغرامة 100 ألف جنيه ل3 متهمين بالاتجار فى المخدرات بسوهاج    الداخلية تضبط شخص يوزع أموالا بمحيط لجان في سوهاج    بالصور إزاحة الستار عن ملامح «فن الحرب» والظهور الاول للفنان يوسف الشريف    اليوم.. العرض الخاص لفيلم "الملحد" ل أحمد حاتم    سهر الصايغ وعمرو عبد الجليل يتعاقدان على "إعلام وراثة" لرمضان 2026    وزير إعلام الصومال: نرفض تحرك إسرائيل فى أرض الصومال وندعو لاجتماع عربى طارئ    بلديات محافظة شمال غزة: الاحتلال حوَّل المنطقة إلى منطقة منكوبة    افتتاح مشروعات تعليمية وخدمية في جامعة بورسعيد بتكلفة 436 مليون جنيه    12 رقما من فوز مصر على جنوب إفريقيا    برئاسة محمد سلامة.. انتخاب مجلس إدارة جديد ل الاتحاد السكندري    فلافيو: الأهلي بيتي.. وأتمنى التدريب في مصر    شطة: مصر المرشح الأول للفوز بكأس أمم إفريقيا    تعذر وصول رئيس اللجنة 40 بمركز إيتاي البارود لتعرضه لحادث    المشاط: نعمل على وصول النمو لمستويات 7% لزيادة معدلات التشغيل وتحقيق تنمية تنعكس على المواطن    حضور قوي لمتطوعي صناع الخير فى احتفالية اليوم العالمي للتطوع بجامعة القاهرة لعرض تجاربهم الناجحة    انهيار جزئي لعقار قديم في منطقة رأس التين بالإسكندرية    هيئة تنشيط السياحة: القوافل السياحية أداة استراتيجية مهمة للترويج للمنتج المصري    القبض على أجنبي لتحرشه بسيدة في عابدين    انتخابات النواب 2025.. غرفة «الجبهة الوطنية» تتابع جولة الإعادة بال19 دائرة الملغاة    القوات الإسرائيلية تنفذ عملية تهجير قسري بشمال الضفة الغربية    وزير الصحة: بدء الاستعداد للمرحلة الثالثة من التأمين الصحي الشامل    متحدث الوزراء: توجيهات بتخصيص الموارد لتطوير التأمين الصحي الشامل و«حياة كريمة»    إصلاح كسر خط مياه بشارع 17 بمدينة بنى سويف    وزارة الدفاع العراقية: 6 طائرات فرنسية جديدة ستصل قريبا لتعزيز الدفاع الجوي    تايلاند وكمبوديا تتفقان على وقف «فوري» لإطلاق النار    روسيا: تنفيذ ضربة مكثفة ضد البنية التحتية للطاقة والصناعة الدفاعية الأوكرانية    تواجد بنزيما.. تشكيل اتحاد جدة المتوقع أمام الشباب بالدوري السعودي    الغش ممنوع تماما.. 10 تعليمات صارمة من المديريات التعليمية لامتحانات الفصل الدراسي الأول    الداخلية: ضبط 866 كيلو مخدرات و157 قطعة سلاح ناري خلال 24 ساعة    خلال جراحة استمرت 8 ساعات.. نجاح الفريق الطبي في إعادة بناء وجه كامل بمستشفى شربين    انطلاق الدورة 37 لمؤتمر أدباء مصر بالعريش    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : المطلوب " انابة " بحكم " المنتهى " !?    عندها 100 سنة.. معمّرة في قنا تدلي بصوتها في انتخابات النواب على كرسي متحرك    انطلاق جولة الإعادة لانتخابات النواب بدوائر الفيوم وسط تأمين أمني    اسعار ألسمك اليوم السبت 27ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    المستشفيات الجامعية تقدم خدمات طبية ل 32 مليون مواطن خلال 2025    الصحة: فحص 9 ملايين و759 ألف طفل ضمن مبادرة الكشف المبكر وعلاج فقدان السمع لدى حديثي الولادة    اليوم.. نظر محاكمة 3 متهمين بقضية "خلية داعش عين شمس"    عشرات الشباب يصطفون أمام لجان دائرة الرمل في أول أيام إعادة انتخابات النواب 2025    تشكيل الأهلي المتوقع لمواجهة المصرية للاتصالات في كأس مصر    أسعار الخضراوات والفواكه بكفر الشيخ اليوم.. الطماطم ب8 جنيهات    121 عامًا على ميلادها.. «كوكب الشرق» التي لا يعرفها صُناع «الست»    مانشستر يونايتد يحسم مواجهة نيوكاسل في «البوكسينج داي» بهدف قاتل بالدوري الإنجليزي    خبيرة تكشف سر رقم 1 وتأثيره القوي على أبراج 2026    زاهي حواس يرد على وسيم السيسي: كان من الممكن أتحرك قضائيا ضده    ريابكوف: لا مواعيد نهائية لحل الأزمة الأوكرانية والحسم يتطلب معالجة الأسباب الجذرية    أخبار × 24 ساعة.. موعد استطلاع هلال شعبان 1447 هجريا وأول أيامه فلكيا    لماذا لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم على السيدة خديجة طيلة 25 عامًا؟.. أحمد كريمة يُجيب    خشوع وسكينه..... ابرز أذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    دعاء أول جمعة في شهر رجب.. فرصة لفتح أبواب الرحمة والمغفرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



25 يناير .." اليوم يوم المرحمة "
نشر في الأيام المصرية يوم 25 - 01 - 2012

إن كنا نحب مصر الجميلة ، العظيمة ، الجليلة، كنانة الله في أرضه، والمحفوظة بحفظ الله لها، والمذكورة في قرآن ربنا الكريم، ونحن نعلو جميعا على خلافتنا، ونذيب تفرقنا وتشتتنا، ونضع مصلحة الوطن فوق كل مصلحة ، إن كنا كذلك، فتعالوا نجعل شعارنا جميعا في هذا اليوم (الأربعاء) الموافق 25 يناير- يوم الذكرى الأولى للثورة المباركة - هذا الشعار الجميل: " اليوم يوم المرحمة"..
من منكم يتذكر هذه الجملة النبوية الكريمة التي منع الله ببركتها دماء تسفك، وأرواحا تزهق، وأبرياء من الممكن أن يقتلوا، لو لم يطلقها صاحبها ويجعلها شعارا للجميع كما أتمنى أنا الآن أن تكون شعارانا اليوم..
ولمن لا يتذكر المقولة الكريمة أقول : إنها وردت على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند دخوله مكة فاتحاً في العشرين من شهر رمضان المبارك ، وقالها ردا على مقولة سعد بن عبادة الأنصاري، رضي الله عنه، عندما مر بأبي سفيان في كتيبة الأنصار فقال: " اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، اليوم أذل الله قريشاً "..
وما إن وصل الخبر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى استنكره واستبدله بالشعار الجميل الرحيم ": اليوم يوم المرحمة"، ثم ترجم رسول الإنسانية هذا القول بفعل عملي، حيث أرسل إلى سعد ونزع منه اللواء ، ودفعه إلى ابنه قيس ، ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعد إذ صار إلى ابنه.
مقولة سعد بن عبادة كانت شبه مسلمة من المسلمات التي تكاد تسيطر على معاشر الأنصار والمهاجرين وأبناء المسلمين من القبائل الأخرى التي انضمت للإسلام، وشاهد الجميع وسمعوا كيف اضطهد المسلمون من قبل قريش وحلفائها..
ويكفي أن نعلم أن المسلمين بسبب الدفاع عن دينهم، دخلوا مع قريش حروبا شرسة بلغت أشدها وأوجها في غزة أحد الذي انكسر فيها جيش المسلمين وجرح رسول الإنسانية كلها وكسرت رباعيته ودخلت حلقتي"المغفر" في وجنتيه الشريفتين صلى الله عليه وسلم. حتى نزف الدم الغزير ونزعهما عنه أبو عبيدة الجراح بأسنانه الأماميتين فسقط أرضا وسقطت أسنانه مرتين، حتى أصبح رضي الله عنه " أثرما".
واشتدت عليهم أيضا في غزة الخندق حتى وصف الله جل وعلا مدى الضيق والخوف الذي انتاب المسلمون من المشركين بقوله" وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا".
ولم تكن أول مشاهد غزة حنين بأخف وطأ على المسلمين حيث ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وولوا مدبرين وقد انكسروا في بدايتها حتى ثبت الرسول الشجاع وقلة معه ثم انزل الله السكينة والنصر على رسوله وعلى المؤمنين.
ولم تكن أيضا غزة مؤتة- بعيدا عن قريش- و قتل فيها خيرة الصحابة الأجلاء عبد الله بن جعفر وزيد بن حارثة، وعبد الله بن أبي رواحة ونعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا تلو الآخر- بأرأف من الغزوات السابقة في الشدة والضيق وقلة الحيلة والعدد والعدة.. ثم جاءت غزة العسرة وأعني بها غزة تبوك التي كانت في حر وفقر وجوع وضيق حال وطول طريق .
ومن أجل هذا وذاك كانت مقولة القائد الأنصاري ليست بمستغربة منه من قبل المسلمين سواء كانوا من المهاجرين والأنصار، ولا أكون مخالفا لو قلت إنها كانت ترجمة لما في نفوس الجميع في يوم اجتمعت فيه كلمة المسلمين وقويت شوكتهم وكثر عددهم وهم ذاهبون لفتح مكة التي طردوا منها قبل عامين وهم معتمرين ثم خذلتهم قريش بأن نكثوا العهد وقتلوا حلفاء المسلمين في وقت الصلح..
لكن رسول الإنسانية لم يكن هم سفك الدماء ولا أسر الأبرياء بل أرادها درسا قويا وترجمة واقعية لكبراء قريش وقادتها حين دخل مكة آمنا وهم خائفون، ودخلها منتصرا وهم منهزمون، ودخلها والحق معه وهم الذي خذلوا الحق ونكثوا العهد، ثم أعطاهم الدرس الكبير بالعفو العام الذي لم يكن يصدقه الزعماء فضلا عن العامة من أهل مكة كلها.
بالله عليكم لو لم يتدخل "الرحمة المهداة" بأسلوبه الحكيم، وقلب شعار الصحابي " اليوم يوم الملحمة" وجعله " اليوم يوم المرحمة"، ماذا كان سيجل التاريخ من مآس ومجازر؟ ولما رأى أن في الأب عصبية قد توحي بالشر المستطير في يوم انتظره المسلمون كثيرا، ليردوا لقريش الصاع صاعين، نزع اللواء من الأب – وإرضاء له – أعطاه للابن، وجعل يوم الفتح تسامحا لم تسمع البشرية كلها بمثله.
إن ابن قريش وسيدها وابن ساداتها الكرام، محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، التي طردته قريش من مكة وبيّتت النية وخططت لقتله في فراشه، ليلة الهجرة، قال لقريش كلها عن بكرة أبيها مقولته الخالدة:" اذهبوا فأنتم الطلقاء"، وهو الذي يملك حق القتل وحق الأسر وحق الانتقام وحق الثأر، إلا انه لم يقتل ولم يسفك ولم ينتقم ولم يثأر ولم يرد السيئة بمثلها، بل رد بالعفو العام والصفح الجميل والكرم الذي لم يدانيه كرم والجود الذي أصبح مضرب الأمثال على ممر الليالي والأيام.
إن ديننا الإسلامي الحنيف حرم المُثلة، بل حرم قتل الحيوان، وإفساد الزرع، وهدم البيوت، وكذلك حرم الإجهاز على الجريح، وتتبع الفار، وذلك أن الحرب كعملية جراحية، لا يجب أن تتجاوز موضع المرض بمكان.
وفى ذلك روى سليمان بن بريدة عن أبيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أّمر أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: "اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً"
واسمعوا معي لوصية أبى بكر الصديق لأسامة بن زيد حين بعثه إلى الشام: "لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة، ولا بقرة، ولا بعيراً، إلا لمآكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع (يريد الرهبان)، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له".
هذا في حالة الحرب بين الأعداء، فكيف ونحن لسنا في حرب، بل نحن أبناء شعب واحد ووجب أن نكون إخوانا متحابين متماسكين نطبق ما طلبه منا رسول الإنسانية جمعاء" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
إن مصر اليوم في الذكرى الأولى تحتاج للرحمة والتسامح والتضامن والتعاون والتآزر وليس للفرقة والتخريب والتدمير والتحريق وسفك الدماء، فالله لن يسامح مصريا يغدر في هذا اليوم بأهله وشعبه وناسه ولن يسامح الله مخربا أو محرقا أو مدمرا ينتهز انشغال الناس في الاحتفال بالذكرى ويسعى في مصر المحروسة خرابا.
إن لنا أعداء متربصين بنا، كما قال القرآن" ودوا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة" وما إسرائيل وحلفاؤها عنا ببعيد، فلا تعطوا الفرصة لمن يريد بمصر ما يريده أعداء مصر منها..
مرة ثانية وثالثة ورابعة وعاشرة ومائة أقول لكم ولكل مصري ومصرية : تعالوا نستدعي التاريخ الجميل، ونطبق هذا الموقف النبوي الكريم النبيل الرحيم، في مصرنا الكريمة الجميلة، ومن أجل مصرنا الكريمة النبيلة الجميلة أيضا، ونجعل شعارنا اليوم: " اليوم يوم المرحمة".

**************
آخر الكلام..
وإذا قدرت فأنت أمٌ أو أبٌ // هذان في الدنيا هما الرحماءُ
(أمير الشعراء أحمد شوقي ، يمدح سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في عفوه وتسامحه ورحمته)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.