لم يحدث أبدًا أن تعرّض رئيس منتخب لهجمة حمقاء كما يتعرض الرئيس مرسى. لا أتحدث عن انتقاده، فانتقاد الرئيس حق انتزعناه بأظفارنا من أيام المشلوح التعيس.. أنا أتحدث عن شتمه وإهانته والتعريض به على نحو بالغ السفالة والانحطاط. لقد توحّد فى هذه الحملة أنفار من كل جنس ونوع، فمنهم يساريون هرسهم قطار الثورة وداس على أحلامهم فى القرب من السلطة والتمتع بالتعيين فى المجالس المدنسة، ومنهم رأسماليون عاشوا يسرقون المصريين ويستولون على المعونة الأمريكية حتى راكموا المليارات، ومنهم مشتاقون باحثون عن أى دور، ومنهم عملاء لأجهزة أمن مبارك التى ما زالت فى خدمة المشروع الإجرامى القديم. كل هؤلاء توحّدوا من أجل إهالة التراب على كل ما يفعله الرئيس.. صحيح أن بطء الرئيس لا يرضينى وقراراته لا تقع منى موقعًا جميلًا، لكن ما لهذا وقلة الأدب التى يتعمدها هؤلاء ومنهم قاضٍ لم يفتح حنكه أيام مبارك عندما كان بعض زملائه القضاة يُضربون بالنعال فى الشارع من ضباط الشرطة؟ إننا نريد أن يتوقف القصف تجاه الرجل، حتى يسهل علينا انتقاده ومحاسبته، ذلك أن التربص به يدفع للتعاطف معه دون أن يكون أتى شيئًا حقيقيًّا أو حل أى مشكلات نعانى منها. الأمر الآخر الذى قد يترتب على إيقاف الحملات ضده هو توقف الحملات الإخوانية التى تفتح النار فى كل اتجاه وتدين بقسوة بالغة كل من يتعرض للرئيس ولو بالنقد المهذب، والحملة الشرسة ضد الدكتورة هبة رؤوف عزت تشهد بذلك. أرجو أن يرتفع الجميع إلى مستوى الأيام الصعبة التى نعيشها وأن يكفوا عن الصغائر التى لن يستفيد منها سوى أحباء المخلوع الذين يفركون أيديهم من السعادة وهم يرون رفاق الثورة ينقلبون على بعض ويستعين كل طرف منهم على الآخر بالشيطان. وبعيدًا عن هذا، أود أن ألفت انتباه الرئيس إلى أن ممارسات الأجهزة الأمنية فى عهده لا تختلف عنها أيام الملعون، فقد عادت ظاهرة زوار الفجر الذين يروعون الناس ويقتحمون البيوت دون إذن النيابة، كما انتشرت ظاهرة اختطاف النشطاء وإخفائهم بواسطة المخبرين، ولم تنته ظاهرة التعذيب حتى الموت فى أقسام الشرطة وآخرها القتيل الذى تم سفك دمه فى قسم مصر القديمة. أنت المسؤول يا سيادة الرئيس عن صون أعراض الناس وكفالة الأمن لهم ورجال الأمن المجرمين هؤلاء لم يعودوا رجال حسنى مبارك لكنهم الآن رجال محمد مرسى، فهل تحب لاسمك أن يقترن بأجهزة قمعية تفعل بالناس ما كان كلاب مبارك يفعلون بك وبأهلك وأصحابك؟ إن اختيار رئيس للوزراء ووزراء وحكومة هو أمر هام لا شك، لكن أهم منه إلغاء الإعلان الدستورى المكمل الذى وضعه العسكر والذى يعوق ويكبل خطاك. إننى أزعم أن هذا الإعلان هو السبب الأساسى فى استباحتك والتطاول عليك، لأنه يؤكد للأنذال الذين يخافون ولا يستحون أنك لست صاحب السلطة الحقيقى، ومهما وقفت وخطبت فامتدحت المجلس العسكرى على وفائه بالأمانة وتسليمه السلطة كاملة فإن أحدًا لن يصدقك. فى اللحظة التى تتوقف فيها الأبواق المأجورة ويتوقف القاضى الموتور والسياسيون المعطوبون عن سبّك وشتمك سأعرف أنك ملكت سلطات رئيس الجمهورية وأصبحت جاهزًا لاستخدامها! فى اللحظة التى يكف رجال الشرطة عن ضرب الناس واقتحام منازلهم سأعرف أنك أصبحت الرئيس فعلًا.. لكن إذا لم يحدث هذا فسيكون مؤشرًا على أحد أمرين: الأول أنك رجل طيب لكن لا تستحق هذا المنصب ولستَ كفئًا له، والثانى أنك مالك لأمرك وممسك بسلطاتك وأن الاعتداء على كرامة المصريين يتم بأوامرك ووفقًا لتوجهاتك.. مَن أنت من هذين يا دكتور مرسى؟ أو لعلك تفاجئنا فتكون مَن ظنناه حين انتخبناه!