لم يحدث أبداً ان تعرض رئيس منتخب لهجمة حمقاء كما يتعرض الرئيس مرسي.لا أتحدث عن انتقاده، فانتقاد الرئيس حق انتزعناه بأظفارنا من أيام المشلوح التعيس..أنا أتحدث عن شتمه واهانته والتعريض به على نحو بالغ السفالة والانحطاط.لقد توحد في هذه الحملة أنفار من كل جنس ونوع، فمنهم يساريون هرسهم قطار الثورة وداس على أحلامهم في القرب من السلطة والتمتع بالتعيين في المجالس المدنسة، ومنهم راسماليون عاشوا يسرقون المصريين ويستولون على المعونة الأمريكية حتى راكموا المليارات، ومنهم مشتاقون باحثون عن أي دور، ومنهم عملاء لأجهزة أمن مبارك التي ما زالت في خدم المشروع الاجرامي القديم.كل هؤلاء توحدوا من أجل إهالة التراب على كل ما يفعله الرئيس.. صحيح ان بطء الرئيس لا يرضيني وقراراته لا تقع مني موقعاً جميلاً، لكن ما لهذا وقلة الأدب التي يتعمدها هؤلاء ومنهم قاض لم يفتح حنكه أيام مبارك عندما كان بعض زملائه القضاة يُضربون بالنعال في الشارع من ضباط الشرطة؟ كذلك منهم إعلاميون يديرون مباءات قذرة هدفها تيئيس المصريين وجعلهم يكفرون بالديموقراطية التي أتت بأول رئيس من اختيارهم. إن المريب في حملة السب التي يتعرض لها الرجل ان قادتها كلهم من الأنذال الأقحاح الذين لم تعرف عنهم أي وطنية وقد عملوا دائماً في خدمة من يدفع، وحديثي عنهم يدفعني اليه الغضب لأنهم يحولون بين المعارضين الحقيقيين وبين القيام بدورهم في نقد السلطة والوقوف لأدائها بالمرصاد. المشكلة إن أحداً لا يريد ان يصطف بجوار الإعلاميين الفالصو أو القاضي الموتور حتى لا يخطئ الناس التمييز بينهم. المشكلة أن مرسي لم يقدم حتى الآن على ردع السفلة والتصرف معهم بما يليق، وهذه بطبيعة الحال ليست دعوة للبطش والقمع وإنما دعوة للتصرف معهم وفق القانون. يصبر مرسي وهو يظن الحلم كفيلا بتبيان الخطأ لهم وجعْلهم يتوبون عما يفعلون! إن هؤلاء يا دكتور مرسي ليسوا خطائين حتى يتوبوا، لكنهم عملاء مأجورون. وبعيداً عن حديث السفلة هذا أود ان ألفت انتباه الرئيس إلى أن ممارسات الأجهزة الأمنية في عهده لا تختلف عنها أيام الملعون، فقد عادت ظاهرة زوار الفجر الذين يروعون الناس ويقتحمون بيوتهم دون اذن النيابة، كما انتشرت ظاهرة اختطاف النشطاء واخفائهم بواسطة المخبرين، ولم تنته ظاهرة التعذيب حتى الموت في أقسام الشرطة وآخرها القتيل الذي تم سفك دمه في قسم مصر القديمة.أنت المسؤول يا سيادة الرئيس عن صون أعراض الناس وكفالة الأمن لهم، ورجال الأمن المجرمون هؤلاء لم يعودوا رجال حسني مبارك لكنهم الآن رجال محمد مرسي، فهل تحب لاسمك ان يقترن بأجهزة قمعية تفعل بالناس ما كان كلاب مبارك يفعلون بك وبأهلك وأصحابك؟ ان اختيار رئيس للوزراء ووزراء وحكومة هو أمر هام لا شك، لكن أهم منه إلغاء الاعلان الدستوري المكمل الذي وضعه العسكر والذي يعوق ويكبل خطاك. انني أزعم ان هذا الاعلان هو السبب الأساسي في استباحتك والتطاول عليك لأنه يؤكد للأنذال الذين يخافون ولا يستحون أنك لست صاحب السلطة الحقيقي، ومهما وقفت وخطبت فامتدحت المجلس العسكري على وفائه بالأمانة وتسليمه السلطة كاملة فان أحداً لن يصدقك.في اللحظة التي تتوقف فيها الأبواق الاعلامية ويتوقف القاضي الموتور والسياسيون المعطوبون عن سبّك وشتمك سأعرف أنك ملكت سلطات رئيس الجمهورية وأصبحت جاهزاً لاستخدامها!..في اللحظة التي يكف رجال الشرطة عن ضرب الناس واقتحام منازلهم سأعرف أنك أصبحت الرئيس فعلاً..لكن اذا لم يحدث هذا فسيكون مؤشراً على أحد أمرين: الأول أنك رجل طيب لكن لا تستحق هذا المنصب ولستَ كفئاً له، والثاني أنك مالك لأمرك وممسك بسلطاتك وان الاعتداء على كرامة المصريين يتم بأوامرك ووفقاً لتوجهاتك..من أنت من هذين يا دكتور مرسي؟..أو لعلك تفاجئنا فتكون من ظنناه حين انتخبناه!. نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية