غابت البسمة ..وخفت ضوء الشمعة .. قلب ينزف من الحزن زخات .. كلهيب الشمس تشتعل الدمعة فى العيون فتنثر مائها المحترق على الوجنات .. لسان يرتجف يتمتم بكلمات .. ويردد عبارات .. بأنفاس متقطعة تهرف لفراق الغالين .. تلك اللحظات يكاد القلب يتمزق فيها الى شطرين .. فتارة يرجو رحمة رب السماء وتارة يجهش بالبكاء .. حالة من الخوف والترقب والقلق من مصير مجهول .. على وجل كان الجميع منتظرين .. ما يخبئه القدر تلك الساعة و ذلك الحين .. عين تنظر من النافذة فى لهف ... تختلسها نظرات مترقبه على الهاتف تفيض بالحنين .. تساؤلات شتى, أفكار مبعثره.. وبصوت يعلوه الأنين صاح الجمع مرددين .. أين أنت يا صغيرتى ...؟؟؟ كيف حالك ...؟؟؟ ماذا تفعلين ...؟؟ إحساس لا يوصف وشعور مؤلم ، أصعب شئ قد يمرعلى قلب أي أم و أي أب ، حالة عشتها مع أسرة صديقة لنا، عندما اختفت ابنتهم التي لم تتجاوز المرحلة الاعدادية بعد ، فهم أسرة ملتزمة دينيا وأخلاقيا ربوا أبنائها على الطيبة وحسن الخلق لا يحبون إيذاء الآخرين كعادة باقي المصريين. بدأت القصة عندما ذهبت الفتاة لتحضر بعض الاغراض التى يحتاجونها من المنزل الاخر فى المدينة حيث يمتلكون منزلين كلا فى مكان. مسافات بين الأثنين، قام الوالد بتوصيلها إلى منزلهم المنشود وذهب لأتمام عمله ، فصعدت الفتاة وجهزت الاغراض وانطلقت مسرعة فى طريقها قاصدة وسيلة مواصلات تنتقل بها إلى حيث منزلها الآخر لتلحق بباقي عائلتها . لم تكن تلك الفتاة المسكينة تدرك ما تخبئه لها الدقائق القادمة ، فمن وسط الناس ومع أول النهار حيث الحركة مستمره التى لا تنقطع ، فذاك ذاهب الى عمله وتلك ذاهبة الى السوق ، وهؤلاء ذاهبون الى جامعاتهم ، وهذه بصحبة أولادها ، الحياة تبدو من ظاهرها أمان ليس فيها ما يقلق. فسارت الفتاة فى طريقها مطمئنة متجهة نحو العربات ،الا وتجد الصغيرة مجموعة من المجرمين ظاهرين عليها بالسلاح الأبيض ، يهددونها ويرغمونها على ركوب سيارة قديمة غير معلومة الملامح ، عينهم مركزة على حليها الذهبية البسيطة التي كانت ترتديها ، فذهبوا بها بعيدا .. بعيدا..حيث إحدى المدن الساحلية والله يسلم من اللحظات الاتية.
فلنرجع مجددا لنتابع حال اسرة الفتاة الذى مازال قلب والدتها وابيها يعتصر ، ولسان حالهم لا يمل من الدعاء عيناهم لا تجف من البكاء ،يبحثون فى كل مكان فى طريق سيرها عند أصدقاءها ، فى المستشفيات ، فى الطرق وحتى المحلات .. منذ الصباح لا يعلمون شيئا عنها، والوقت الان يقترب من السادسة مساء ، حيث كان من المفترض أن لا يستغرق مشوارها ورحلتها وعودتها الى منزلها الاخر أكتر من ساعة ... فأين ذهبت يا ترى .... ؟؟ ومع كل دقيقة تمضى يزيد القلق، بحثوا فى كل مكان من المحتمل أن تكون قد ذهبت إليه فلم يتوصلوا لشيء، هاتفها مغلق أو غير متاح .. فيعيدوا المحاولة من جديد لعلها ترد وتطمئن قلوبنا عليها .. ومع كل محاوله للاتصال على هاتفها ينتظر الجميع فى شغف وفى أمل وترقب .. يا الله هذه المره هناك جرس ولكن هناك من يغلق الخط ..!!! فتصيح الام المتألمة فى ذلك الحين ..وتقولى أبنتى خطفت ... لدي إحساس كبير يقول لي أن ابنتي حبيبتي خطفت.. أين أنت وماذا يحدث لك ... ؟؟ وتجهش فى البكاء وتسارع بالدعاء. يئس الجميع وجلسوا يفكرون فى أى سبيل نمشي وأي طريق نسلك ... ننتظر..؟؟ .. نذهب الى اين الان ..؟؟ وتمر الدقائق ... قصيرة ... طويلة علينا وعليهم فى ذلك الانتظار. فكان رب السماء وأرحم الرحماء.. رءوف بعباده الضعفاء .. وفاض فضله عليهم. دق جرس الهاتف نمرة غريبة لا يعرفونها فرد والد الفتاه فى لهفه .. فأجابتة سيدة فاضله وأخبرته بإسمها وأبلغته أن ابنته بخير وطمئنتهم عليها .. وقامت بإعطاء الفتاه الهاتف لتحدث والدها ووالدتها لتطمئن قلبها الملهوف وتجفف دمعتها الحزينة وتخبرهم أنها بخير ولم يمسسها أحد بسوء بفضل الله ، فقط أخذوا منها سلسلة العنق التى كانت ترتديها . وقام الوالد بالاستفسار من السيدة عن مكانها فأخبرته بالعنوان وبأنها موجوده معها فى منزلها فى أحدى المدن الساحلية البعيدة عن محافظة تلك الفتاة ، وأعلمته أن أخوها قام هو وأصدقاءه بأنقاذها من أيدى هؤلاء المجرمين وأعادو لها حليها بفضل الله ، فذهب أهل الفتاة فى الحال الى حيث كانت ابنتهم ، فاحضروها وعادوا بها فرحين مستبشرين شاكرين صنيع تلك السيدة وأخوها ،الذين كان السبب فى أن تقر أعينهم برؤية ابنتهم من جديد ليهدأ قلب والدتها وتسعد بدفء حضنها فحمدت ربها ،وسجد الوالد شكرا لله . تجربة صعبة على تلك الفتاة الصغيرة، وحالة من الألم عاشتها هذه الاسرة الطيبة ، وأسر كثيرة هذه الأيام من حسرة وخوف وحرص على بناتهم من الاختطاف. فلولا فضل الله الذى كان رحيما بهذه الأسرة وستر وحفظ ابنتهم من شر أولئك المجرمين ،ولم يطل غيباها عن أهلها ،فأرسل لها بقدرته هذا الشاب الذى يمتلك من الشجاعة والمروءة الكثير هو وأصدقاءه ذوى الأخلاق العالية لينقذوها وينجدوها من أيدى الاشرار. نحمد الله على نجاة هذه الفتاة .. ولكن ماذا عن الاخريات ..؟؟ هل سيستمر الحال هكذا ويتفاقم الأمر ..؟ الأن بتنا نخشا على أنفسنا حتى ونحن في منازلنا ... فهل انعدم الامان الى تلك الدرجة..؟ لقد خطفت الفتاة فى عز النهار....!! لقد خطفت الفتاة من وسط الناس ....!! تنبية ايها السادة فهذه ليست حالة الخطف الأولى ولا الاخيرة .. فهناك الكثيرات يتم خطفهن فى تلك اللحظات .. فهل تأمن أى فتاة أو سيدة على نفسها الأن ...؟؟ أنعدمت النخوة ... وغاب الأمن والأمان ... بالله عليكم الى أين نحن الان... ؟؟
أسترنا واحفظنا بحفظك يا رحمن ... فأنت وحدك الحافظ والمستعان.