مازال مشروع قانون الضرائب علي الدخل هو أكثر القوانين جدلا داخل البرلمان وذلك علي الرغم من نجاح الحكومة في تمريره بدون أي تعديلات جوهرية من مجلس الشوري. والأسباب منطقية لأن أحكامه تمس الجميع ولن يفلت أحد من الخضوع لمواده، كما أن آثاره ستطول كل فئات المجتمع من المواطن العادي إلي الشركات.. المؤسسات.. وجميع الهيئات والتنظيمات صاحبة الايرادات. وتتطلع الانظار حاليا إلي مجلس الشعب حيث يتوقع البرلمانيون والمراقبون أن تشهد مناقشة المجلس للمشروع نفس السخونة التي شهدتها في "الشوري" إن لم تكن أسخن سواء حول نفس المواد التي كانت محل تحفظ منظمات الأعمال والمجتمع الصناعي بصفة خاصة بشأن اعفاءات المدن الجديدة.. عقوبة الحبس.. ومساواة النشاط الصناعي بالتجاري والغاء إعفاء أرباح شركات الأموال المقيدة بالبورصة. ونرصد في هذا التقرير مواد "الاختلاف" في مشروع القانون بين الحكومة ومجتمع الأعمال وخاصة المجتمع الصناعي، ومدي امكانية نجاح الحكومة في الخروج به "سالما" من مجلس الشعب كما كان الحال في الشوري. بداية فإن لجنة الطاقة والإنتاج الصناعي بمجلس الشوري برئاسة محمد فريد خميس أبرأت ذمتها كلجنة متخصصة في مجال الصناعة والطاقة تدرك متطلبات المجتمع الصناعي وما يفيده وما يضره، حيث وضعت أكثر من ثمانية تحفظات ومقترحات في مذكرة بعثت بها إلي اللجنة الاقتصادية في المجلس والتي اختصت بالمناقشة الأولية للقانون بمشاركة مكاتب أربع لجان أخري، كما وضعت صورة من المذكرة علي مكتب صفوت الشريف رئيس المجلس، وذلك قبل بداية مناقشة القانون أمام المجلس. ودعم محمد فريد خميس رئيس اللجنة ذلك من خلال الطرح الذي قدمه بوجهة نظره خلال مناقشات مشروع القانون، فهو يؤيد الفلسفة التي يقوم عليها القانون والتي تصوغ مفهوما جديدا للضريبة والثقة المتبادلة بين مصلحة الضرائب والممولين، وانعكاسات هذا الاصلاح الضريبي علي الاقتصاد القومي بشكل عام، ولكنه يلفت إلي أنه إذا كان النظام الضريبي يهدف إلي توفير الموارد المالية اللازمة لمقابلة الاعباء المالية التي تتحملها الدولة، فإنه أيضا يقوم بأدوار غير مالية مثل تشجيع الاستثمار والتنمية وتوجيه المدخرات نحو الاستثمارات التي يتركز أغلبها في الصناعة وبالتالي فإن الضريبة في العصر الحديث يجب أن تراعي الأهداف الاجتماعية والاقتصادية التي لا تتعارض مع الهدف المالي للضريبة. أما المهندس "مجدي عفيفي" رجل الصناعة وعضو مجلس الشوري فيركز علي أن القانون يساوي بين النشاط والصناعي والتجاري عند احتساب الضريبة، وكان من المفترض أن يحفز النظام الضريبي النشاط الصناعي من خلال تمييزه عن النشاط التجاري لأنه النشاط الذي يقوم بتحويل المدخلات إلي مخرجات في شكل منتج نهائي من خلال عمليات صناعية ترتبط بها مخاطر عديدة، كما أن دورة رأس المال في مجال الصناعة أطول بكثير من التجارة والمساواة بين النشاطين تجعل المستثمر بالطبع يفضل الاستثمار في التجارة عن الانفاق علي مشروع صناعي ذي مخاطر مرتفعة وعوائد تأتي بعد فترة طويلة. ويلفت عفيفي إلي أن بعض الاعضاء طالبوا بأن تكون الضريبة علي النشاط الصناعي 16% وليس 20% باعتباره فرقا بسيطا يستحقه قطاع الصناعة الذي يقوم عليه الاقتصاد، ويعاني حاليا من العديد من المشاكل وستزداد معاناته في مواجهة التطورات الأخيرة مع الاندماج في الاقتصاد العالمي والتغيرات الداخلية في القوانين التي تشمل التعريفة الجمركية من خلال تخفيضها علي المنتج النهائي والغاء الاعفاءات الضريبية التي كانت تمنح للاستثمار في المدن الجديد وغير ذلك من الآثار السلبية علي الصناعات المتوسطة. أما فيما يتعلق بحد الاعفاء الضريبي فيقترح عفيفي ان يزيد حد الاعفاء علي 5 الاف جنيه وتعويض الزيادة برفع نسبة الشرائح من 10% الي 12% للشريحة الاولي ومن 15% الي 17% للثانية والشريحة الثالثة من 20% الي 22% وهنا يتحمل كبار الممولين الفرق وليس محدودي الدخل.