العسكرية الأمريكية تغرق في وحل العراق.. حتي الاعناق! لابد من حل ينقذها من الهزيمة الكاملة، ويحمي فرصة الانتخابات الصورية تحت راية الديموقراطية القاهرة من التفجير بفعل صواريخ المقاومة العراقية، وبيوتها المفخخة، وعربات الكارو التي يجرها حمار يسابق الانفجار.. الأمر الذي يعرض رئاسة بوش الثانية للمهانة، وتكنولوجيا الأقمار للازدراء، ويجعل حصاد غزو العراق الاستباقي مجرد صفر كبير! والحل؟.. وزراء خارجية دول الجوار يجتمعون اليوم في عمان، يضيئون شمعة في عز النهار، بحثاً عن حل لا يشق له غبار..! لكنهم ينادون القمر، ورجع الصدي خيبة ثقيلة.. الكل محاصر في قبضة المقاومة العراقية علي أرض الرافدين! علي أن المقاومة العراقية الأصولية تغير الآن جلدها.. في البدء كانت مجرد فلول من حزب البعث، تمارس حرب العصابات في سذاجة وعلي استحياء، بأمل طرد المحتل الأمريكي واستعادة السلطة..! الآن اختلف الأمر بالكلية.. في تحقيق واف نشرته مجلة تايم.. 3 يناير.. يعتمد علي: لقاءات مع رجال المقاومة وقياداتها، مشايخ القبائل العراقية، شيوخ الطوائف الدينية بكل أطيافها، كبار المسئولين من ضباط أجهزة المخابرات الأمريكية في العراق.. الكل يجمع علي أن المقاومة العراقية تحولت الآن إلي حركة جهاد عالمية، تشكل جبهة متقدمة لتنظيم القاعدة! المقاتلون من دول الجوار انصهروا حتي توحدوا مع رجال المقاومة ضباط من الحرس الجمهوري لصدام، ومن أجهزة أمن الدولة والمخابرات العراقية، تابوا عن معاقرة الخمر ومعاشرة بنات الليل، صلوا وصاموا، وانخرطوا في الجهاد في سبيل الله.. لم يعد أي منهم يجرؤ علي إشعال سيجارة، في السر أو في العلن! هدفهم يقولون ليس فقط طرد الاحتلال الأمريكي، وإنما تحويل العراق إلي معسكر هائل لتفريخ المجاهدين، تماماً مثلما كانت أفغانستان في الثمانينيات، لتدفع إلي دول المنطقة والعالم الأوسع الموجة الثانية من مجاهدي القاعدة والتنظيمات الأخري التي تنضوي تحت لوائها! ... يا للهول! الضرب.. كيف يدار؟ من الشخصية الخفية التي تقود المقاومة في أرض الرافدين؟ كل فصائل الجهاد تجمع علي أنها تتلقي الإلهام والأوامر من شخصية حورية: أبو مصعب الزرقاوي..! تؤكد ذلك أيضاً أجهزة المخابرات الأمريكية العاملة في العراق، وتنسب له الدور الرئيسي في تحويل المقاومة كما تدعي إلي إرهاب! كما تنسب له صدارة الفعل في تحويل المقاومة المسلحة إلي حركة سياسية، تستثمر جيشان النضال الجاري في تحويل أجزاء من العراق إلي إقطاعيات "fiefdoms" علي غرار نظام طالبان في أفغانستان! ويصف رموز المقاومة طريقة الزرقاوي في ممارسة القيادة بأنها لا تمت إلي القيادة العسكرية التقليدية، وإنما هي صورة من صور الأب الروحي في تنظيمات المافيا "godfather-style mafioso"..! هو لا يدير العمليات اليومية، وإنما يشارك في تخطيط العمليات الكبري، ويضع القواعد الاستراتيجية العامة.. جنرال! وللزرقاوي ملكات لا تباري في تحريض الآخرين وتلقينهم "indoctrinate".. أمراء الجماعات يقول أحد قادة "الفلوجة يجلسون إليه، ينصتون، ثم ينصرفون لتنفيذ كلماته بالحرف وكأنها قدت من نار ونور"! ضربة الموصل الأخيرة تعمد في أن يكون في تلقينه لقادتها أن تكون كارثية عظيمة الأثر..! بين الخلايا التي تعمل تحت إمرته مجموعات صغيرة، في سيارات متفرقة ومتنوعة تجوب شوارع بغداد، ينتظرون أوامره المباشرة بالضرب، أو تعليماته بالتنفيذ إلي قادتهم، المجموعة التي تتسلم أمر الضرب تنفذه، والباقون ينسحبون إلي قواعدهم في انتظار فرصة أخري للهجوم! وأعوان الزرقاوي وحرسه الشخصي من المقاتلين الوافدين من دول الجوار، وليسوا من العراقيين، مقاتل عراقي يصف المناضلين الوافدين بأنهم: "لا يثقون في أحد مطلقاً، حتي في ملابسهم"! ويقول أحد مناضلي الفلوجة: "من بين خلصاء الزرقاوي المقربين قائد عراقي اسمه الحركي: أبو علي. خبير في الصواريخ. قدم سنين مع جماعة فدائيي صدام، وقاوم الغزو الأمريكي بصواريخه حتي آخر صاروخ". ويتولي الآن مسئولية الهجمات الصاروخية علي "المنطقة الخضراء"، معقل القيادة الأمريكية والحكومة العراقية في قلب بغداد.. في لقاء معه قال: "لم يعد همنا أن يعود صدام للحكم.. وإنما أن نخلص المسلمين من غير المخلصين، ونقيم حكومة إسلامية علي أرض الرافدين"!! عملية.. تهز الدنيا! لكن المقاومة العراقية، بقضها وقضيضها، تفتقر إلي التمويل.. أمر صدام وأتباعه المخلصين "henchmen" جعف المنابع.. لكن روافد جديدة تدفقت بالأموال من دول الخليج..!