شهد عام 2004 أحداثا مصرفية مهمة، كانت مؤثرة علي الاقتصاد الوطني وقت حدوثها وسيستمر تأثيرها علي مجريات أحداث العام الجديد. يأتي صدور اللائحة التنفيذية لقانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد الصادر بالقانون رقم 88 لسنة 2003 علي رأس الأحداث التي شهدها القطاع المصرفي عام 2004 حيث صدر قرار جمهوري بتاريخ 22 مارس باللائحة الجديدة، وتنص اللائحة علي أن يضع البنك المركزي أهداف السياسة النقدية بالاتفاق مع الحكومة وذلك من خلال المجلس التنسيقي المشكل بقرار من رئيس الجمهورية، وترجع أهمية صدور اللائحة التنفيذية لقانون البنوك الجديد إلي كونها تلغي العمل باللائحة التنفيذية السابقة لقانون البنوك والائتمان رقم 163 لسنة 57 وقرار وزير الاقتصاد والتجارة رقم 331 لسنة 94 باصدار اللائحة التنفيذية للقانون رقم 38 لسنة 94 بتنظيم التعامل في النقد الأجنبي كما يلغي كل نص يخالف أحكام اللائحة التنفيذية الجديدة. ومن القرارات المصرفية المهمة التي شهدها عام 2004 قرار البنك المركزي القاضي بسحب 8 مليارات جنيه من البنوك وذلك في نهاية مارس الماضي سعيا منه للحفاظ علي استقرار أسعار الفائدة داخل السوق وعدم اتاحة الفرصة للبنوك لخفضها بسبب ضخامة حجم السيولة لديها بالعملة المحلية، حيث قام المركزي نيابة عن وزارة المالية يطرح عطاء أذون خزانة لمدة عام مع السماح للبنوك الخاصة والأفراد للاكتتاب فيها، علما بأن الاكتتاب في مثل هذه العطاءات كان يقتصر علي بنوك القطاع العام وشركات التأمين طوال الفترات السابقة. ومن التطورات الحاسمة والتي شهدها القطاع المصرفي إعلان الحكومة في 15 سبتمبر 2004 اعتزامها خصخصة أحد البنوك الحكومية واتخاذها في هذا السياق قرارات تعمل علي إعادة تشكيل للقطاع المصرفي تتمثل في دمج البنوك الصغيرة في كيانات أكبر والاعداد لحلول شاملة لمشكلات الديون المتعثرة وتوسيع الملكية في البنوك العامة والمشتركة وتجدر الاشارة هنا إلي وضع البنك المركزي لقواعد جديدة من شأنها معالجة أوضاع البنوك المتعثرة والتي تعاني من مشكلات تؤثر سلبا علي مركزها المالي وتهدد أموال المودعين، حيث وافق المركزي علي قواعد لتطبيق أحكام المادة 79 من قانون البنوك والتي تنص علي أحقية مجلس إدارة المركزي في حالة تعرض أحد البنوك لمشكلات مالية أن يطلب من إدارة البنك المتعثر توفير موارد مالية اضافية في صورة زيادة رأس المال المدفوع أو ايداع أموال مساندة للبنك وإلا جاز لمجلس إدارة المركزي إما تقرير الزيادة التي يراها في رأس المال وطرحها للاكتتاب بالاجراءات والشروط التي يقررها أو اصدار قرار بادماج البنك المتعثر في بنك آخر أو شطب تسجيل البنك المتعثر. أيضا من الأمور الحاسمة في تطوير القضايا المصرفية إعلان البنك المركزي في 3 أكتوبر 2004 أنه لا مهلة جديدة لتوفيق أوضاع البنوك لزيادة رأس المال إلي الحد المقرر في قانون البنوك وهو 500 مليون جنيه وقراره بعدم منح مهلة ثالثة. كما أعلن المركزي عن خطته لاعادة هيكلة القطاع المصرفي في فترة محددة وهي خمس سنوات تمثل عمر خطة الاصلاح وتمثلت الخطة في انجاز خمس مهام الأولي الاعداد لخصخصة أول بنك قطاع عام حكومي والثانية الانتهاء من دمج خمسة بنوك في فترة زمنية لا تزيد علي ثمانية أشهر، وتمثلت المهمة الرابعة في الاعداد لحالات دمج كبري داخل القطاع المصرفي تستهدف تقليص عدد البنوك العاملة إلي عشرين بنكا، وأخيرا اختصت المهمة الخامسة باستكمال إجراء تغييرات علي مستوي الادارات العليا بالبنوك. ويذكر أن اجتماع المجموعة الاقتصادية مع الرئيس مبارك تم الاتفاق فيه علي ادماج أضعف ستة بنوك وفقا لخطة فورية وخلال مدي زمني يحدد بمعرفة البنك المركزي والستة بنوك هي بنك المهندس ومصر اكستريور والمصري المتحد والمصرف الاسلامي للاستثمار والتنمية وبنك النيل وبنك التجارة والتنمية (التجاريون) كما اسفر الاجتماع عن إنشاء لجنة تحكيم بالبنك المركزي ووحدة لمتابعة القروض غير المنتظمة. وأخيرا يعد من أهم القرارات التي تعد خطوة لاستعادة أموال البنوك موافقة الحكومة علي تعديل المادة 133 من قانون البنك المركزي لتسمح بالتصالح في جميع الأحوال حتي بعد صدور أحكام نهائية وهو الأمر الذي يعني استفادة المحبوسين حاليا في قضايا التعثر من التعديل كما اعتبر البعض هذه الخطوة فرصة لاستعادة أموال البنوك الهاربة.