تعد البنوك من أكثر القطاعات التي تتأثر بالشائعات سلباً أو ايجاباً، بل ان الشائعات قد تساهم في زيادة الإقبال من المودعين علي بنك بعينه دون الآخر وارتفاع أسهمه في البورصة وذلك في حالة إذا كانت الشائعات ايجابية، كما يمكن أن تدعم المركز المالي للبنك وتؤدي إلي زيادة أرباحه، وعلي النقيض من ذلك تتسبب الشائعات في أحيان كثيرة في الاضرار بالبنك، بل وقد تؤدي إلي انهياره وإقبال المودعين علي سحب أموالهم منه. قضية الشائعات أثارها البنك المركزي بكوستاريكا عندما تقدم بدعوي قضائية ضد أحد المستشفيات قام موظفوها بترويج شائعات أضرت بأحد البنوك وهي قضية لم تحسم في المحاكم هناك حتي الآن ولكنها أثارت عدة تساؤلات داخل مصر منها: من له حق الرد القانوني عن البنك في حالة اطلاق شائعات ضده؟ وهل القانون يوفر الحماية اللازمة للبنوك من الشائعات الضارة ويكفل لها حق المطالبة بتعويض عن الخسائر الناجمة عن تلك الشائعات؟ الأسئلة طرحناها علي العديد من القانونيين داخل وخارج البنوك. في البداية يقول جمال محمد إبراهيم مدير الإدارة القانونية بالبنك الأهلي: في الغالب تكون هناك صعوبة في تحديد مصدر الشائعة ولكن إذا استطعنا تحديد مصدرها وإثباتها عليه وأنها مخالفة للواقع فالقانون يكفل للمتضرر في هذه الحالة استرداد حقوقه ويعطيه الحق في مطالبة الجهة أو الشخص مصدر الشائعة بالتعويض المناسب سواء المادي بدفع مبالغ مالية أو المعنوي بتكذيب ما أشاعه. ويستطرد إبراهيم قائلاً: ان رئيس مجلس إدارة البنك هو المسئول الأول عن رد تلك الشائعات وتفنيدها أو تفويض الجهة المختصة في ذلك سواء العلاقات العامة أو الشئون الإدارية أو القانونية كل حسب اختصاصه. ويضيف ان ذلك ليس تنازلاً أو انتقاصاً من سلطة رئيس البنك بقدر ما هو إرساء لمبدأ التخصص في العمل بين الإدارات المختلفة كما أن البنك المركزي يتضامن مع البنوك في حالة تعرضها لشائعات مغرضة ويتكفل بالرد عنها وحمايتها. ويتفق خالد سطوحي مساعد مدير عام الشئون القانونية ببنك الشركة المصرفية العربية الدولية مع الرأي السابق حيث يؤكد أن القواعد العامة في القانون الجنائي المصري تكفل الحماية لأي جهة أو شخص حيال البلاغات أو البيانات الكاذبة ويحق للمتضرر المطالبة بالتعويض عند إثبات وقوع ضرر ما مع توافر سوء النية وينطبق ذلك علي الشائعات المغرضة حيث يتصدي لها القانون العام سواء كانت تستهدف أفراداً أو شركات أو بنوكاً ويتم معاقبة مروجيها في حالة إثبات ذلك ومطالبتهم بالتعويض المناسب. ومن جانبه يؤكد حسن طلعت مدير إدارة الشئون القانونية بالمصرف الإسلامي للتنمية والاستثمار أن القانون العام ينص علي حماية جميع المصالح من الشائعات الضارة بها ومن بين تلك المصالح البنوك باعتبارها قطاعاً حساساً ومهماً وحيوياً في الاقتصاد القومي. كما أن للصحافة والإعلام دوراً مهماً في الترويج للشائعات أو تكذيبها من خلال تدعيمها الخبر أو نفي مصداقيته. ويضيف طلعت ان البنك المركزي يلعب دوراً مهماً في تدعيم موقف البنك تجاه الشائعات الضارة ويعمل كحائط صد عن البنوك في تلك الجزئية. واستشهد علي ذلك بالشائعة التي تعرض لها المصرف الإسلامي عام 1988 في الخليج وكادت تعصف بفرعه بمصر لولا موقف البنك المركزي المتضامن معه في ذلك الحين. ومن ناحيته نفي فؤاد حجازي نائب مدير عام القطاع القانوني ببنك قناة السويس أن يكون قانون البنك المركزي نص علي حماية البنوك من الشائعات المغرضة في الوقت الذي كفل فيه هذا القانون السرية التامة لتعاملات البنوك وكفل فيه أيضاً القانون العام حماية جميع المصالح بما فيها البنوك من الشائعات الضارة وحقها في المطالبة بتعويض الضرر الذي لحق بها نتيجة تلك الشائعات. ويري حجازي ان المشكلة تكمن في صعوبة إثبات مصدر الشائعات، حيث إنها في الغالب تكون أقوالاً تتناقلها أفواه يصعب تحديد مصدرها الأول، وبالتالي لا يكون لدي المتضرر دليل مادي يمكن الاستناد إليه في حالة اقامة دعوي قضائية وعلي العكس من ذلك إذا كانت تلك الشائعات مكتوبة أو في حديث تليفزيوني يمكن تحديد مصدرها ويصعب عليه انكار ذلك، وبالتالي يحق للمتضرر أياً كان فرداً أو بنكاً أو شركة رفع دعوي قضائية لتعويضه مادياً وأدبياً.