برغم ان كل التوقعات تشير الي ان الاقتصاد الامريكي سيكون في حالة جيدة خلال عام 2005 الا ان المستثمر اليقظ لا يمكنه الركون الي هذه التوقعات كأمر مسلم به. وعليه دائما ان يسأل نفسه الي اي مدي ستصدق هذه التوقعات وما المخاطر او التهديدات الافتراضية المحتملة في العام الجديد والتي يمكن ان تجعل الاقتصاد الامريكي يضل او يتوه عن تلك التوقعات؟ وليس معني ذلك ان التوقعات المتوافق عليها مسألة لا فائدة من ورائها بل العكس هو الصحيح فهذه التوقعات تحدد قاعدة مهمة للحكم علي الاداء الاقتصادي وقد قامت مجلة "بيزنيس ويك" بسؤال 60 من كبار الخبراء عن تنبؤاتهم للاقتصاد الأمريكي في عام 2005 وكان هناك توافق بينهم علي ان معدل النمو الاقتصادي سيكون في حدود 5.3% اي اقل قليلا من معدل النمو في عام 2004 وهو 8.3% ووافق الخبراء ايضا علي ان نمو الارباح سوف يتباطأ ليصبح 7.6% فقط وان التضخم سيتراجع مع تراجع اسعار البترول الي 39 دولارا للبرميل قرب نهاية عام 2005 ومع ذلك فان بنك الاحتياط الامريكي سيواصل رفع اسعار الفائدة من المستوي الذي وصلت اليه الآن وهو 25.2% لتصبح نحو 5.3% وسترتفع اسعار الفائدة علي سندات الخزانة الامريكية التي تبلغ مدتها عشر سنوات من 3.4% لتصبح 1.5%.. وعموما توافق الخبراء علي ان سعر الدولار سيواصل الهبوط التدريجي ليهبط بنسبة 10% امام العملات الرئيسية وبنسبة 5% امام كل العملات كما سيهبط معدل البطالة من 4.5% ليصبح 5% فقط. واذا كانت هذه هي الصورة العامة للاقتصاد الأمريكي عام 2005 كما توقعها خبراء "بيزنيس ويك" وهي صورة غير رثة او بالاحري يمكن القول انها صورة طيبة فما الذي يمكن ان يحدث ويدفع قطار الاقتصاد الامريكي الي الخروج عن مساره المتوقع؟! يقول خبراء المجلة في معرض اجابة هذا السؤال ان هناك خمسة مخاوف او مخاطر يمكن ان يحدث احدها أو بعضها ومصدر اهميتها انها مخاطر متداخلة التأثيرات ومترابطة التداعيات بعضها مع بعض وادل هذه المخاطر كما يقول خبراء "بيزنيس ويك" هو حدوث انهيار كبير في سعر الدولار فقدرة امريكا علي اجتذاب كميات كافية من رؤوس الاموال الاجنبية هي التي تمكنها من التعامل دون قلق مع ما تعانيه من عجز في ميزان المدفوعات والموازنة الفيدرالية واذا تعرضت الثقة في الاقتصاد الامريكي للانهيار فهنا يمكن ان يبدأ الخطر ويتعرض الدولار الامريكي لهبوط حاد تصعب السيطرة علي تداعياته خاصة علي سوق سندات الشركات وعلي سوق العقارات السكنية بل وعلي البورصة ذاتها الي جانب المستهلكين المثقلين بالديون. اما ثاني المخاطر فهو تذبذب اسعار البترول سواء بالصعود المبالغ فيه او الهبوط الشديد فصعود اسعار البترول بقوة يمكن ان يؤثر علي طلب المستهلك وحتي لو ظل سعره بين 50 و55 دولارا للبرميل فانه يمكن ان يخفض معدل النمو الاقتصادي المتوقع بنسبة 1% في عام 2005 اما صعود سعر البرميل الي 60 -70 دولارا فسيكون بمثابة صدمة لا تخفض طلب المستهلكين فحسب وانما تضرب ارباح الشركات ايضا واذا وصل السعر الي 80 دولارا للبرميل فسيقود ذلك الي ركود مؤكد في العام الجديد. ولكن الاقتصاديين يرون ايضا ان سعر البرميل يمكن ان يهبط الي 25 دولارا فحسب ومثل هذا الهبوط ستكون له تداعيات ايجابية كثيرة مثل حدوث نمو كبير في الاقتصاد الامريكي قد يصل الي 6% وان كان ذلك سيدفع بنك الاحتياط الامريكي الي رفع اسعار الفائدة بمعدلات اكبر مما هي الآن. وثالث المخاطر هو التضخم فبرغم ان توقعات الخبراء تري ان معدل التضخم يتراوح ما بين 2.1 و4.4% الا ان هناك احتمالا بان يزيد التضخم عن هذه الحدود المتوقعة اما بسبب ارتفاع كبير في اسعار البترول او انخفاض كبير في سعر الدولار وهذا سيغير كثيرا من التوقعات المتفائلة في شأن الاقتصاد الامريكي خلال عام 2005. ورابع المخاطر هو حدوث ارتفاع في اسعار الرهن العقاري الي 8% مثلا نتيجة للارتفاع في اسعار الفائدة فهنا سيحدث تراجع في اسعار العقارات وثروات الملاك وانفاق المستهلكين علي نحو يقود الي درجة من الركود في سوق العقارات ان لم يكن في الاقتصاد الامريكي كله. يبقي الخطر الخامس والاخير كما يحدده خبراء "بيزنيس ويك" وهو حدوث تباطؤ حاد في معدلات النمو العالمية سواء في منطقة اليورو او اليابان او الصين حيث سيكون لهذا التباطؤ تداعيات عالمية منها انخفاض الطلب العالمي الي درجة تدفع الصادرات الامريكية الي التراجع بصورة توقف تأثير انخفاض الدولار علي استقرار العجز التجاري الامريكي. واذا كانت هذه هي المخاطر الاقتصادية الخمسة فهناك بجانب ذلك مخاطر سياسية منها او في مقدمتها بالطبع الارهاب وبالتحديد حدوث ضربة ارهابية جديدة داخل الولاياتالمتحدة او اتساع نطاق النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط بما يعنيه ذلك من زعزعة الاستقرار وهز ثقة الشركات علي نحو يضر بالتعافي المتوقع في مستوي الاستثمار والتشغيل في الاقتصاد الامريكي خل