"خصخصة الحروب" استراتيجية أمريكية جديدة ظهرت في العراق وتقوم من خلالها شركات الأمن الخاصة بتنفيذ المهام العسكرية مقابل مئات الملايين من الدولارات وأصبحت هذه الشركات لفظاً مهذباً "للمرتزقة" الذين يتم جمعهم من بين العسكريين السابقين سواء من جنسية واحدة أو من جنسيات متعددة يتقاضي كل منهم بالمتوسط خمسة أو ستة أمثال ما يحصل عليه نظيره العسكري النظامي في القوات الأمريكية. ونحاول في ذلك التحقيق الإجابة عن التساؤلات الخاصة بعدد هذه الشركات التي دخلت مجال خصخصة الحروب والاستثمارات التي تعمل في ذلك البيزنس الجديد وهل يمكن أن تصبح بديلاً عن الجيوش النظامية؟ من جانبه يؤكد اللواء دكتور حسام سويلم الخبير العسكري أن هناك 90 شركة خاصة في ذلك النوع من العراق ويعمل فيها 20 ألف شخص وتبلغ استثماراتها 6 مليارات دولار سنوياً ويتفاوت مرتب المرتزق العامل داخل الشركة من 500 دولار إلي 4 آلاف دولار في اليوم الواحد تبعاً للمهمة الموكلة له، ويشير إلي أن خصخصة الحروب هي استراتيجية أمريكية تهدف إلي تخفيض التكلفة المادية وتقليل الاعتماد علي الأسلحة والذخائر والضربات الجوية.. حيث ستوكل المهمة العسكرية إلي شركات خاصة لا يتم حسابه كقوة عسكرية في حالة حدوث خسارة، وهو ما سيؤدي إلي تقليل الخسائر البشرية والمادية من خلال الاستفادة من المحالين للتقاعد والاستفادة بخبراتهم كما يتم استخدام العاملين في الشركة في أعمال البناء في القواعد العسكرية وتجهيزها وعمليات الاستجواب والمخابرات. ويوضح سويلم أن هؤلاء العاملين ليس لهم "دية" حيث يحصلون علي مبلغ تأميني كبير.. فنجد علي سبيل المثال أن العدد الحقيقي للقتلي من الجنود الأمريكيين منذ بدء الحرب لا يتعدي 1000 جندي بينما نجد أن الباقين من القتلي يعملون في هذه الشركات. دور الموساد ويلفت اللواء فؤاد علام الخبير في الشئون الأمنية إلي الدور الخطير الذي تلعبه إسرائيل في تلك الشركات الأمريكية حيث يتم تنفيذ مخطط أمريكي إسرائيلي لتحقيق أهداف من أهمها التجسس والحصول علي المعلومات وإبلاغ الجيش الأمريكي بالأماكن المفروض توجيه ضربات عسكرية إليها، وقتل علماء عراقيين في مجال الذرة والأسلحة الكيماوية والنووية وتهريب العقول المثقفة بإغرائهم بالمال للعمل في أمريكا أو تهديدهم بالخطف أو الاغتيال، كما أن تلك الشركات متورطة في عملية اغتيال الخوئي وباقر الحكيم. ويلفت علام إلي الدور الخطير الذي لعبته تلك الشركات بعد سقوط الحكومة العراقية مباشرة بالسطو علي الثقافة العراقية من خلال الاستيلاء علي المكتبات والمتاحف والوثائق التاريخية.. وحالة النهب والسلب التي تمت في الوزارات العراقية. وعن دور الموساد يقول علام إنه تم إدخال ما لا يقل عن 80% من أجهزة الاتصالات الإسرائيلية "الدش والموبايل" إلي العراق.. كما تم نقل كل المعدات والآلات العسكرية العراقية بما قيمته 160 مليار دولار إلي إسرائيل من خلال تلك الشركات ويشير إلي الطريقة التي تعمل بها تلك الشركات في العراق ويوضح أنها تعمل تحت مسميات مختلفة وبصورة غير مباشرة، فمنها شركات تعمل تحت اسم شركات تجارية أو صناعية يتم استقطاب العراقيين للعمل بها واغرائهم بالأجور المرتفعة يتم بعد ذلك توريطهم للعمل لصالحهم، وهذه الشركة تأتي للعمل لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر للقيام بمهمة معينة بموظفين معينين ثم تختفي ليحل محلها شركة أخري جديدة بمسمي جديد وموظفين جدد. ومن جانبه يكشف اللواء فاروق الصايغ ل "العالم اليوم الأسبوعي" كيف حاولت تلك الشركات استقطابه حيث طلبوا منه عمل تصميم جديد للموانئ العراقية بعد انتهاء الحرب، وأكد أنه رفض ذلك العرض، ويشير إلي أن هناك أساليب كثيرة لجذب الناس للعمل في تلك الشركات الخاصة منها ذلك الإعلان الذي نشر في إحدي الصحف القومية وطلب منه خبراء أمنيون للتدريب في المجر مقابل أجر مادي ضخم، ويري الصايغ أن التكلفة الاقتصادية التي تتحملها الولاياتالمتحدة سنوياً للصرف علي تلك الشركات تبلغ 12 مليار دولار.