صناعة الغزل والنسيج ذات الطبيعة الاستراتيجية اقتصاديا واجتماعيا في مصر تواجه حاليا حزمة من التحديات الصعبة والحاسمة فاما تبقي قادرة علي المقاومة أو تغرق بكل ما يحمله ذلك من تبعات. القضية قديمة وعلي رأس الاولويات وحساسة لجميع الاطراف الا ان الوقت داهمنا فتحولت المخاوف الي واقع يطرق ابواب هذه الصناعة بعد شهور.. وربما بدأت اجراس الخطر تدوي بالفعل وتقلل من فرص منتجاتنا في الاسواق الخارجية. القائمة تشمل اوضاع هذه الصناعة التي لم تجد حتي الآن خطوة حقيقية تضعها علي طريق الانفراج.. بالاضافة الي الاخطار التي تواجه البقية الباقية من صادراتنا متمثلة في الغاء نظام الحصص مع بداية العام القادم.. والمنافسة التي نواجهها من صادرات المناطق الصناعية المؤهلة في الأردن.. بخلاف العديد من التحديات الأخري. اكثر من تساؤل.. واكثر من جرس انذار نحاول رصده في هذه التحقيق. يتساءل الدكتور طلعت بيومي الخبير الاقتصادي واحد المهتمين بصناعة النسيج: هل استعدت مصر بالفعل للنهوض بصناعة الغزل والنسيج لكي تستطيع المنافسة وتستطيع اختراق السوق الاوروبي وخاصة بعد ان ينتهي نظام الحصص علي صادرات الغزل والنسيج والملابس؟.. ولماذا لم تتمكن مصر من استخدام مبلغ ال 80 مليون يورو التي خصصها الاتحاد الأوروبي لتحديث صناعة النسيج واعادة هيكلتها؟ ويقول الدكتور بيومي ان المسئولين للاسف الشديد يتحدثون عن ان مصر سوف تقوم بوضع خطة عمل لتنفيذ البرنامج الذي يعالج مشكلات هذه الصناعات الحيوية.. ومازالت مصر تسعي للاستعانة بخبراء من الاتحاد الأوروبي لدراسة اوضاع هذه الصناعة ويعود للتساؤل: لماذا لا يتم الرجوع للدراسات السابقة التي اعدتها المراكز البحثية والمجالس المتخصصة عن هذه الصناعة؟ وكلنا يذكر الدراسة المهمة التي اعدتها اكاديمية البحث العلمي واشرف عليها د. علي حبيش عن هذه الصناعة والتي تعد بمثابة خريطة الطريق لها.. للخروج بالصناعات النسيجية من عنق الزجاجة بعد ان فقدت مصر قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية. متي نتحرك؟ كما يشير ايضا الي الدراسة المهمة التي وضعتها المجالس القومية المتخصصة التي تضم اكفأ عقول مصر عن هذه الصناعة.. التي لم تترك صغيرة أو كبيرة الا وتناولتها بدءا من زراعة القطن الخام ومرورا بالغزل وانتهاء بصناعة الملابس الجاهزة ويتساءل: لماذا لا نأخذ بهذه الدراسات بدلا من الذهاب للاتحاد الاوروبي الآن وبعد دخول الاتفاقية حيز التنفيذ وانهاء نظام الحصص علي صادرات الغزل والنسيج؟ ويلفت الدكتور بيومي الانتباه الي المؤتمر الذي عقدته شعبة بحوث الصناعات النسجية بالمركز القومي للبحوث في مارس الماضي عن "العمليات النسجية: الوضع الراهن والتطورات المستقبلية" ويدعو الي الاستفادة من ابحاث هذا المؤتمر الذي شارك فيه اكثر من 28 عالما من الولاياتالمتحدة وانجلترا والمانيا وايطاليا والبرتغال والاتحاد الاوروبي الي جانب اكثر من 150 مشاركا من المراكز البحثية والجامعات المصرية ورجال الصناعة. ويطرح الدكتور طلعت بيومي تساؤله الأخير: لماذا اتسم أداء مصر في استخدامها للمساعدات بالبطء الشديد؟! ويقول: حتي برنامج تحديث الصناعة الممول من الاتحاد الأوروبي والذي بدأ العمل به عام 2002.. مازلنا نبحث مع الجانب الأوروبي حتي الآن كيفية إقامة آلية لصرف الشرائح المالية لمشروع تحديث الصناعة! ويحذر من أن هناك دولاً سبقتنا في عملية التحديث منها الأردن وتركيا والمغرب وإذا استمر الوضع علي ما هو عليه فسوف نظل في ذيل المنطقة! التحديات ومن جهته يري الدكتور نبيل عبدالباسط رئيس شعبة صناعة النسيج: ان صناعة الغزل والنسيج من الصناعات الرائدة في بلدنا.. ولذا يجب وضع استراتيجية للنهوض بها، لكي تتمكن من اختراق السوق الأوروبي وخاصة بعد دخول الشراكة المصرية الأوروبية حيز التنفيذ ويضيف ان المال المستثمر في هذه الصناعة يزيد علي ال 17 مليار جنيه.. كما ان عدد المنشآت التي تنتمي إلي قطاع الأعمال العام والخاص والاستثماري يصل إلي 3 آلاف منشأة يعمل بها قرابة المليون من العمال والفنيين والمهندسين الذين يعولون أكثر من أربعة ملايين عائلة، وتصل حصة الصناعات النسجية في الصناعات التحويلية إلي قرابة 25%. ويشير الدكتور عبدالباسط إلي أن الصناعة تشهد مجموعة من المتغيرات علي الصعيد المحلي ويوضح ان المشكلة الرئيسية التي تواجه صناعة النسيج تتمثل في تقادم المعدات، حيث يحتاج تجديدها لاستثمارات كبيرة.. إلي جانب صعوبات أخري تؤدي في النهاية لزيادة تكلفة المنتجات وتحد بالتالي من قدرتها التنافسية.