مستثمرون يتساءلون: لماذا منطقة صناعية في السودان وآلاف المصانع متوقفة في مصر؟! جمال بيومي:الأزمات الأقتصادية والفراغ الأمني والركود وراء هروب المستثمرين من مصر محمد مؤمن: الاستثمار في السودان سيوفر العملة الصعبة ويرخص الأسعار هاني رسلان: إنشاء منطقة صناعية في السودان كلام وهمي هدفه الترويج السياسي! جاءت الزيارة الأخيرة للرئيس محمد مرسي لدولة السودان، والتي تعد الأولي له منذ توليه الرئاسة لتفتح من جديد ملف العلاقات الثنائية الاقتصادية بين الدولتين وهي العلاقة التي مرت خلال السنوات الماضية بمراحل صعود وهبوط علي خلفية العلاقات الرسمية غير المستقرة في أحيان والمتأرجحة في أحيان أخري بين البلدين في عهد الرئيس السابق؛ حيث اتسمت تلك المرحلة بإصدار مسئولي الدولتين تصريحات وردية تتعلق بإقامة مشروعات مشتركة في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية، والتي لم ينفذ منها أي شيء علي أرض الواقع.. ومع مرور السنين وتعاقب الحكومات أكد الواقع وجود مشكلة جوهرية بعيدة عن شخص مسئولي الدولتين لخصها الخبراء في أنها تتمثل في نقص الموارد المالية، إلي جانب غياب الإرادة السياسية لحكومتي الدولتين، ومن ثم يتوقع الخبراء أن تكون زيارة الرئيس مرسي للسودان وما أعقبها من خروج تصريحات رنانة تتعلق بنتائج الزيارة وأنها تمثل نقطة تحول كبيرة نحو إقامة مشروعات مشتركة بين الدولتين إذ تم الإتفاق علي إقامة مزرعة بحثية علي مساحة 500 فدان، وكذلك إقامة شركة ملاحية بحرية مشتركة، إلي جانب عمل بروتوكول سياحي لتحقيق طفرة بالسياحة العلاجية وإقامة منطقة صناعية شمال الخرطوم بمساحة مليوني متر وإقامة مصانع لتدوير المخلفات.. حيث وصف الخبراء هذه التصريحات بأنها نوع من حلاوة الروح لا أكثر حيث لا يزال الوقت مبكرا جدا كي ينتفض الجسد ويعمل من جديد، مطالبين حكومة البلدين وقبل أي شيء بالعمل علي تأمين الوضع الداخلي وإعادة الاستقرار لمصر والسودان علي حد سواء؛ حيث تعاني كلتا الدولتين مشكلات أمنية واقتصادية باتت خارج حدود السيطرة وهي الأولي بالاهتمام حاليا قبل التحرك لإقليم خارج حدود كل دولة . بداية، وصف السفير محمد نصر الدين رئيس مجلس إدارة الجمعية الإفريقية الزيارة التي قام بها الرئيس محمد مرسي لدولة السودان بالعادية وما نتج عنها من تصريحات لمسئولي الدولتين لا يختلف كثيرا عن تصريحات مسئولي النظام السابق حيث لا يزال الحديث قائما عن مشروعات مشتركة صناعية وزراعية، وهو الكلام الذي يتم ترديده منذ أكثر من 40 عاما ولم ينفذ منه شيء، فمشروعات الاستثمار الزراعي، مؤكدا انه من غير المتوقع أن يشهد القريب العاجل إقامة استثمارات زراعية مصرية علي الأراضي السودانية لأن هذه الخطوة تتطلب أولا تحسين الوضع الاقتصادي الداخلي لكل من مصر والسودان؛ فالدولتان يعانيان مشكلة اقتصادية طاحنة.. فالجنيه المصري والسوداني يشهدان حالة تدهور غير مسبوقة أما القوي الشرائية فقد تراجعت لأدني معدلاتها ولكن في المقابل يجب الاعتراف بأن هناك وجودا مصريا علي أرض السودان يتمثل في مجالات التجارة البينية؛ فالسوق السوداني يعتمد علي البضائع المصرية في عدة مجالات أساسية كالأدوية والسيراميك والأسمنت وهذه القطاعات يمكن تطويرها خاصة أن هناك نقطة إيجابية تعد الوحيدة في تطور العلاقات الثنائية بين الدولتين علي مدي الأعوام السابقة وهي الانتهاء من إنشاء 3 طرق برية تربط بين السودان ومصر وهو المطلب الذي نادي به العديد من الخبراء وتم الانتهاء منه أخيرا ليكون عامل جذب في نقل الأفراد والبضائع بين البلدين بتكلفة أقل وبطريقة أيسر. وأوضح نصر الدين أن الحديث عن النزاع السياسي بشأن منطقة حلايب وشلاتين يمثل مسمار جحا الذي يتم الحديث عنه مع ظهور بوادر لأي علاقة جديدة بين مصر والسودان، ورغم أن هذه القضية تم حسمها منذ سبعينيات القرن الماضي من خلال الاتفاق بين حكومتي الدولتين علي أنها منطقة تكامل وليس منطقة صراع علي الحدود فإن هذا الاتفاق لم يفعّل رغم امتلاك هذه المنطقة ثروات تعدينية من ذهب وفوسفات ومناجم عديدة تحتوي علي خيرات لا مثيل لها والتي يمكن استخدامها في إقامة منطقة حرة وإحداث تكامل اقتصادي بها لإزالة الخلاف السياسي حولها . تصيد الأخطاء فيما أشار د.هويدا عبدالعزيز الأستاذ بمعهد بحوث الدراسات الإفريقية إلي أن السودان بها خيرات كثيرة وتخوف المستثمرين المصريين من الذهاب إلي هناك لا يمثل تراجعا لكنه نتاج حذر ومترقب لما سيحدث في الفترة القادمة خاصة أن رأس المال جبان وصاحبه يبحث دائما عن الاستقرار أولا وقبل أي شيء وهي الميزة التنافسية التي باتت تفتقدها مصر والسودان حاليا، مضيفة أن السياسية الخارجية المصرية الحالية تختلف جذريا عن سياستها قبل الثورة، ومن هذا المنطلق يجب أن يكون لدينا تفاؤل بالمرحلة القادمة ونحتاج فقط إلي الهدوء في تقييم الأوضاع وعدم تصيد الأخطاء لبعضنا البعض، مؤكدة أن السودان أرض واعدة زاخرة بالخيرات والثروات والكنوز ونحن كمصر أولي بالشفعة كوننا الجار الأقرب للسودان، والفترة الحالية يجب أن تشهد تكثيفا في الجهود المصرية تجاه هذه الدولة واغتنام الفرصة التي استغلتها ولا تزال تستغلها دول أمريكا والصين وماليزيا، والتي دخلت السودان بحثا عن البترول ومن ثم فمصر مطالبة وبعد تحقيقها للاستقرار الداخلي بالتوجه إلي السودان لتحقيق الأمن الغذائي لكلا الشعبين.. فكل دولة تتمتع بموارد تحتاج إليها الدولة الأخري؛ فالسودان تمتلك الأرض الخصبة والمياه الغزيرة.. أما مصر فلديها الخبرة والأيدي العاملة والتكنولوجيا، مشيرة أيضا إلي أن دخول مصر السودان لم يعد اختيارا بل أصبح أمرا ملزما والحكومة والقطاع الخاص مطالبان بالعمل معا لتكوين كيانات اقتصادية قوية بالسودان. وإذا كان دور القطاع الخاص هو توفير رأس المال والخبرة، فالحكومة مطالبة بتأمين هذه الأموال وتحقيق استقرار وإعطاء دفعة للقطاع الخاص من خلال سن القوانين والتشريعات القادرة علي حمايته، مؤكدة أن تنفيذ هذه الخطوات مؤجل حتي يعود الاستقرار المفقود حاليا في كلتا الدولتين . رؤية غير واضحة وفي تعليق مقتضب يتسم باليأس يري المهندس مصطفي الأحول رئيس مجلس الأعمال المصري الشرق-إفريقي أن الرؤية غير واضحة، موضحا ان هناك حالة من عدم الإتزان التي تمر بها كافة قطاعات الدولة. ورغم خبرته الكبيرة في مجال الاستثمار في أفريقيا حيث أنه أحد الأعضاء المؤسسين للشركة المصرية الافريقية للترويج للاستثمار والتي تضم مجموعة من كبار رجال الأعمال المصريين الساعين لتوطيد العلاقات الاقتصادية بين مصر ودول أفريقيا إلا أنه الآن أصبح غير قادرعلي فهم ما يحدث في ظل إستمرارحالة التخبط التي تدار بها الدولة والتي ستؤثر حتما في سياستنا الخارجية. ومن جانبه يوضح د. أسامة عبد الخالق الخبير الاقتصادي أن نتائج زيارة الرئيس مرسي للسودان نوع من حلاوة الروح لا أكثر حيث لا زال الوقت مبكراَ لكي ينتفض الجسد ويعمل بصورة حقيقية، مضيفاَ أن هناك فرقا كبيرا بين الأمنيات والأحلام وما بين أرض الواقع المبني علي الإرادة السياسية لحكومتي الدولتين فالمؤكد أن السودان تعد الإمتداد الطبيعي لأحلام مصر في المستقبل المرتقب لحياة أفضل للشعب المصري والسوداني معا حيث أن عوامل التكامل ما بين الدولتين متوافره وإمكانية تحقيق تكامل ووحدة اقتصادية كاملة قائمة لتوافر الموارد الطبيعية والبشرية ولا ينقصها سوي عنصر الموارد المالية الذي يتطلب دخول دولة عربية ثالثة تمثل الدعم المالي لهذه الوحدة الاقتصادية خاصة وأن عوامل الدين واللغة والتاريخ كلها متوافرة . ويضيف عبد الخالق أن المشكلة لدينا تتمثل في عدم توافر الإرادة السياسية فكلتا الدولتين تتمتع برئاسة رئيسين للدولة والحكومة مازال في طور النضج وتثبيت الأقدام محليا وخارجيا وكلاهما في حاجه إلي تحقيق طفرة سياسية في العلاقات تدعم الوجود المحلي وتمنحهم دفعه أمام شعبي الدولتين خاصة وأنهم لم يتمكنوا من تحقيق أي خطوات نجاح حتي الأن ولذلك فحكومة مصر ورئيسها وكذالك حكومة السودان ورئيسها مازالا أضعف من إتخاذ قرارات عملية نافذه يمكن القول بأنها جوهرية لأن الطرف الثالث المتمثل في الدعم المادي مازال غائباَ وهو الذي يجب أن يحظي بدعم وقبول عربي لحساسية وضع الدولتين في علاقتهما مع دول العالم خاصة وأن هذا التكامل المستهدف يتطلب إقامة مشروعات عملاقة زراعية ومائية وسكك حديدية وتقنيه تكنولوجيه ومرافق عديدة لن تقل بأي حال ووفقا للدراسات عن 100 مليار دولار وهو رقم أبعد بكثير عن قدرة الدولتين معاَ فإذا أخذنا في الإعتبار أن كلا الزعيمين يواجهان أزمة في علاقتهما بشعبيهما وأن حكومة الدولتين لم تحقق أي نجاح حتي الأن لا من الناحيه الأمنيه أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية كما أنها لم تتمكن من تحقيق توافق مجتمعي يتيح لهما أن يصل الطموح إلي ما هو أبعد من الحدود الإقليمية للدولتين، مضيفا أننا في حاجه لفترة زمنيه أطول للإنطلاق وتفعيل علاقات الدولتين اقتصادياَ لأن دول العالم لن تسمح بالتكامل السياسي بين مصر والسودان بالرغم من أهميته لضمان استقلال الدولتين خاصة وأن المخاطر واحده وأقربها مشكلة المياه والتدخل الاستعماري في السودان والذي يخشي منه علي مصر أيضا وعن إمكانية استيعاب العمالة للمنطقة الصناعية قال العمالة السودانية غير مدربة وكسولة واتوقع أن تستوعب المشروعات 80% من العمالة السودانية و20% خبرات مصرية وفي هذا السياق اشار الي أن نجاح هذا التعاون يقوم علي مصداقية الحكومة المصرية والسودانية في تنفيذ الأتفاقيات وتوفير عوامل نجاح الاستثمار . ترويج سياسي ومن جانبه قال هاني رسلان الباحث السوداني،رئيس وحدة دراسات حوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان السودان يعاني من أزمة إقتصادية طاحنة بعد انفصال والذي كان يدر عليه العملة الصعبة مما أدي الي تدهور قيمة الجنية السوداني وأرتفع معدل التضخم مما أدي إلي أتخاذ الحكومة إجراءات تقشفية رفعت الدعم عن السلع والمحروقات بالأضافة الي أنخفاض قيمة العملة بشكل كبير أمام الدولارالذي كان يساوي 2.25 للجنية وصل الآن من 6 الي 7 جنية للدولار. ويشير رسلان أن الوضع في مصر ليس افضل حالاً من السودان وهناك أزمة أقتصادية وإنخفاض في قيمة العملة وانخفاض الأحتياطي الأستيراتيجي وهناك تفاوض مع صندوق النقد الدولي .