لقد جف صنبور الائتمان فى بريطانيا وعششت فيه العناكب وصارت الشركات البريطانية كبيرة أو صغيرة تجد صعوبة شديدة فى الحصول على قرض جديد حتى لو كانت قيمته لا تتجاوز 100 ألف جنيه استرلينى (160 ألف دولار) وهذا بالقطع يعرقل توسعات الشركات التى يوجد - رغم الركود - طلب متزايد على منتجاتها سواء كان طلبا محليا أو خارجيا. وتقول مجلة ?الايكونوميست? إن حكاوى معاناة الشركات من أجل الحصول على الائتمان ولو بأى ثمن تتزايد فى بريطانيا، واذا كانت الشركات الصغيرة هى الأكثر تضررا فإن الضرر لا يقتصر عليها وانما يمتد أيضا إلى الشركات المتوسطة والكبيرة ونحن نذكر أن صافى النمو السنوى فى حجم الائتمان صار سلبيا منذ عام 2009 ولم يتحول بعد منذ ذلك التاريخ إلى الجانب الايجابى لأن البنوك صارت ترفض المخاطرة بأموالها تحت أى ظرف ولم تعد تحول سوى الاستثمار المضمون العائد، وتشير أحدث البيانات التى أعلنت يوم 4 يناير من العام الجديد إلى أن حجم الائتمان تراجع بنسبة 4% فى العام حتى نوفمبر 2012 وهو معدل انكماش فاق ما كان يحدث فى الشهور السابقة، أما فى أمريكا فإن القروض الصناعية والتجارية قد تلقت ضربة حادة ولكنها كانت قصيرة الأمد حيث عادت إلى الزيادة منذ عامين وهى الآن تتجه إلى الصعود إلى المستوى الذى كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية. وغنى عن البيان أن هذه الأوضاع تعكس فى جزء منها تراجع الطلب على الائتمان فالشركات البريطانية الخانقة من ركود منتجاتها صارت عزوفة عن التوسع او القيام بأى انفاق استثمارى، كما أن بعض أباطرة الصناعة الذين اعتادوا الصعود على أكتاف الاستدانة لم يعودوا راغبين فى ذلك بجانب أن المقرضين صاروا يتحاشوهم، ولكن تراجع حجم الائتمان فى بريطانيا يرجع أيضا إلى ما يعانيه النظام المصرفى البريطانى من مشكلات مزمنة فمؤسسات الاقراض البريطانية تجاهد من أجل إعادة رسملة نفسها بزيادة نسبة رأس المال إلى الأصول، ومن أساليب تحقيق هذا الهدف خفض الأصول بما فى ذلك خفض القروض، أضف إلى ذلك أنه قد حدثت زيادة فى تكاليف حصول البنوك ذاتها على الائتمان الضرورى لاقراضه للمستثمرين، ولاشك أن مشكلات العرض هذه تفسر لنا أسباب بقاء أسعار الفائدة مرتفعة عند اقراض الشركات أو الافراد على الرغم من أن البنك المركزى الانجليزى خفض سعر فائضة ما يقدمه هو من قروض لكى يصبح نصف فى المائة وأطلق مرحلتين من سياسة التسهيل الكمى EFG وهى خطة صارت الحكومة البريطانية بمقتضاها تضمن 75% من قيمة القروض التى تقدم إلى الشركات الصغيرة وذلك لخفض المخاطر التى تتعرض لها البنوك فى هذا النوع من الإقراض، ولكن الائتمان مع ذلك واصل الانكماش، وجاءت المحاولة الثانية فى عام 2011 عن طريق اتفاقية ?مشروع ميرلين? وهى اتفاقية عقدت بين الخزانة البريطانية وكبار المقرضين بهدف ضمان تقديم 190 مليار جنيه استرلينى ?304 مليارات دولار? كقروض جديدة للشركات ولكن هذه المبالغ استخدمت فى خفض عبء القروض القديمة بدلا من تقديم قروض جديدة وعلى الرغم من ان القروض الجديدة التى قدمت بمقتضى الخطتين سالفتى الذكر بلغت 215 مليار جنيه استرلينى ?344 مليار دولار? فإن صافى الائتمان قد انكمش مرة أخرى، ولذلك جرى اطلاق الخطة القومية لضمان القرو