كشفت التقارير الاقتصادية الدولية أن المنافسة بين الدول المختلفة بشأن السيطرة علي المراكز الأولي في نسب الصادرات ارتفعت بشكل كبير خاصة بين القوي الاقتصادية الكبري في العالم وفي مقدمتها أمريكا والصين واليابان وألمانيا.. وذكرت وكالة أنباء "شينخوا" في تقرير لها أن الأرقام الإحصائية الصادرة عن الإدارة العامة الصينية للجمارك أظهرت أن إجمالي الصادرات والواردات الصينية في فترة يناير - نوفمبر عام 2012 بلغت 3.5 تريليون دولار أمريكي بزيادة قدرها 5.8% عن نفس الفترة من العام الأسبق، ووصل حجم الصادرات إلي 1.8499 تريليون دولار أمريكي بزيادة 7.3%، وبلغت قيمة الواردات 1.6504 تريليون دولار أمريكي بزيادة 4.1%. وقال محللون إن نمو التجارة الخارجية الصينية قد يبلغ حوالي 7% في عام 2012، وهو أعلي من نمو التجارة العالمية السنوي إلا انه لا يزال بعيدا عن الهدف المتوقع للنمو 10%.. وقال شياو ياو فاي، كبير الباحثين في معهد قوانجدونج للدراسات الاستراتيجية الدولية، إن التجارة الخارجية الصينية شهدت نموا ملموسا بالمقارنة مع النسبة للتجارة العالمية، لكنها دخلت فترة النمو البطيء، وهذا أمر لا جدال فيه.. لابد أن منتجات "صنع في الصين" التي كانت تحافظ علي نمو سريع لمدة طويلة تتكيف مع الظروف الجديدة. الجدير بالذكر أن أسطورة "صنع في الصين" هي واحدة من السمات الرئيسية للسوق العالمي علي مدي العقد الماضي.. وتبين الإحصاءات أن معدل النمو السنوي للتجارة الخارجية الصينية بلغ 21.7% منذ عام 2002، حيث ازداد نصيب الصين في التجارة العالمية من 4.7% في عام 2002 إلي 10.2% في عام 2011، وأصبحت الصين ثاني أكبر دولة للتجارة الخارجية في العالم في ثلاث سنوات متتالية منذ عام 2009، ومع ذلك، يتباطأ معدل النمو للتجارة الخارجية الصينية من أكثر من 21% إلي أقل من 10%، الأمر الذي يبرز أن منتجات "صنع في الصين" تواجه مقاومة غير مسبوقة.. وقال محللون إن ركود الاقتصاد العالمي يؤدي إلي تباطؤ الطلب الخارجي ويعد من أهم العوامل التي تؤثر علي تنمية التجارة الخارجية للصين. ومن جهة أخري، قالت "شينخوا" إن الصين تعرضت للتحديات الكبيرة في تنمية الصناعات التحويلية رفيعة المستوي منذ 2011، لأن بعض الشركات الأمريكية والأوروبية قد شرعت في سحب الصناعات رفيعة المستوي من الصين إلي أسواق الدول المتقدمة. لكن يعتقد محللون أنه لا يزال من المبكر التأكيد علي فقدان القدرات التنافسية الدولية لمنتجات "صنع في الصين" في ظل استمرار نموها.. وذكر شن دان يانغ، المتحدث باسم وزارة التجارة الصينية، أنه علي الرغم من تراجع معدل النمو للتجارة الخارجية الصينية، لكنه من المتوقع أن تحافظ منتجات "صنع في الصين" علي حصتها في السوق الدولية أو ترتفع قليلا بالمقارنة مع 10.4% في عام 2011 حتي تظهر قدرات تنافسية قوية. كما أظهر تقرير الاستثمار العالمي الصادر عن الأممالمتحدة أن الصين ما زالت أكثر البلدان جاذبية للاستثمار الأجنبي المباشر.. والأهم من ذلك، شرعت الصين في إعادة الهيكلة الصناعية وتحويل نمط التجارة الخارجية، الأمر الذي يركز علي تصدير منتجات عالية القيمة المضافة، حيث شهدت الصادرات الصينية للمنتجات الميكانيكية والكهربائية نموا أسرع من معدل النمو للتجارة الخارجية منذ بداية عام 2012، ورأي تشانغ لي تشيون، باحث في قسم الاقتصاد الكلي بمركز البحوث والتنمية التابع لمجلس الدولة الصيني، أن الاقتصاد الصيني يمر حاليا بعملية تحول كبيرة وهي التحول من النمو الاقتصادي السريع إلي النمو المستقر والتحول من التنمية التوسعية إلي التنمية التكثيفية.. وذكر تشانج أن فكرة "النمو الاقتصادي الوطني المستقر والمتقدم" تطابقت مع الوضع الاقتصادي الحالي، ويقصد بها الحفاظ علي أسلوب النمو الاقتصادي المستقر ومستوي ثابت لأسعار البضائع وحفز تعديل الهياكل الاقتصادية وتغيير أنماط التنمية. وأشار ياو جينج يوان، باحث خاص بمجلس الدولة الصيني، إلي أن البيئة داخل البلاد وخارجها حاليا قدمت طلبات جديدة للاقتصاد الصيني في حين لم تعالج المشاكل الاقتصادية علي مستوي أعمق بشكل أساسي.. وذكر ياو أن أبرز الصعوبات أمام الاقتصاد الصيني ليس سرعة النمو الاقتصادي بل نوعيته وفعاليته، وقد يقع الاقتصاد الوطني في وضع غير مستقر ومستدام لفترة طويلة، إذا لم يتطور نمط الاقتصاد وفعاليته من الأصل . وقال تشانج لي تشون إن رفع مستوي نمط النمو الاقتصادي وفعاليته أمر ضروري لتطوير الشركات وتعزيز القدرة التنافسية الكلية للدولة في ظل زيادة حجم العرض عن الطلب في السوق الفورية والظروف الاقتصادية المتغيرة داخل البلاد وخارجها.. وفي الوقت نفسه، إنه أمر مهم لتعديل الهياكل الصناعية بشكل أعمق وإستراتيجي بهدف تحقيق تنمية اقتصادية نوعية وفعالة ومستدامة، حسبما كشف مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي.