طول ما الطماع موجود.. النصاب بخير تلك مقولة شهيرة ومتداولة بين العديد من التجار في مختلف الأسواق ومفهومها أنه لا يمكن للنصاب أن ينجح في غايته دون أن يكون الطرف الآخر أو الضحية مستعدا لتقبل عملية النصب ودائما ما يكون طمعه هو السبب في تقبل هذا الأمر.. وللأسف مهما بلغت نسبة ذكاء البعض أو درجة ثقافته تجده بسهوله تامة قد وقع ضحية أو فريسة لعملية نصب محكمة.. والغريب في الأمر أن البعض من ضحايا عمليات النصب عند بدأ شعورهم بالفخ الذي أوقعوا أنفسهم فيه تجدهم وهم يحاولون تكذيب أنفسهم لا لشئ إلي لعدم رغبتهم في الاعتراف بخطئهم أو علي الأقل لعدم قدرتهم علي تقبل الهزيمة مما قد يدفعهم أحيانا لمحاولة ايهام الآخرين بقدرات النصاب الأسطورية واعجازاته الخارقة وحجم الارباح المهولة التي نجح في تحقيقها بل والدفاع عنه باستماتة إذا ما حاول أحد التشكيك فيه ولكن المؤكد في الأمر أن مثل هذا السلوك لا يكون بهدف ايذاء الآخرين بقدر ما يكون محاولة من الضحية لاقناع نفسه أولا أنه علي حق وليس علي باطل.. علي كل حال وبعيدا عن هذه المقدمة الطويلة التي حتما سيتسائل القاري عن الغرض منها فما دفعني لكتابتها هو ما اراه الآن من حولي بخصوص ما اطلقت عليه "فوبيا" الفوركس!! اساطير نسمعها يوميا عن حجم الارباح التي يمكن تحقيقها في هذه السوق الأكثر خطورة علي مستوي العالم من مجرد استثمار مائة دولار!!.. والإعلانات عن شركات التداول في الفوركس لا يمكن أن يخلو منها موقع وتجدها غالبة بصيغة شخص يتحدث عن تجربته العظيمة في الفوركس وأنه بفضل الله قد نجح في تحقيق دخل شهري ثابت لا يقل عن 5000 دولار وهو الذي كان قد بدأ بمبلغ لا يتجاوز ال 200 دولار فقط!! والحقيقة أن تعدد هذه الإعلانات وانتشارها بشكل كبير قلل بما لا يدع مجالا للشك من مصداقيتها علما بأني علي يقين من أن مثل هذه الخدعة القديمة مازالت توقع البعض في هذا الوهم ولكنها علي أية حال تكتشف بسهولة لاسيما بعد أن يخسر الضحية المبلغ البسيط الذي بدأ به استثماره في ثوان معدودة ليتفهم بعدما خطئه ومن ثم يذهب بلا رجعة.. ولكن يبدو أن هذا الهروب السريع قد دفع البعض للبحث عن طرق أخري جديدة للفت انتباه أكبر قدر من الطامعين في الثراء السريع فتفطن ذهن أحدهم إلي فكرة جاذبة لا يمكن مقاومتها!! وهي فكرة غاية في البساطة مجرد موقع "شيك" علي النت باسم تجاري ملفت وما يعرف بالتراك ريكورد لاظهار حجم الارباح المحققة خلال فترات معينة.. وطبعا كلما ارتفعت هذه النسبة كان الأمر أكثر اغراءا (120% سنويا في بعض الحالات) وتأكيدا علي المصداقية فهناك ضامن.. هذا الضامن يضمن للمودع ما يزيد علي 95% من رأس ماله.. وصدق أو لا تصدق عزيزي القارئ هذا الضامن هو بنك.. نعم بنك.. ولكنه لا يختلف كثيرا عن بنك الحظ!!.. اللهم إلا في الأسم فقط!! هل هذا معقول!!!؟؟ 120% أرباحا سنوية!!؟؟ وكمان أموالي مضمونة !!؟؟ إذن ولماذا أعمل!!؟؟ ولماذا يعمل الجميع اصلا!!؟؟ فلنتوجه جميعا إلي مثل هذه الشركة الخارقة للعادة لتحقق لنا هذه النسب الخيالية من الربح وحتي إذا ما فشلت لاقدر الله في تحقيق 120% مفيش مشكلة كفاية 70%.. أو حتي 50% ياعم حتي لو خسروا.. ده أنا فلوسي مضمونة من البنك!!!؟؟ اكاد أجزم أن تلك هي الأفكار التي راودت 99% من هؤلاء الذين سمعوا عن هذه الشركة مهما بلغت ثقافتهم أو درجة ذكاؤهم فالكل أمام اغراء المال والطمع سواسية العقل يتوقف تماما أمام مثل هذه النسب ولما لا فالعديد من الزملاء والاصدقاء يمدحون هذه الشركة ويقسمون باغلظ الإيمان أنهم يتعاملون معها منذ فترة ولم يشهدوا منها سوي كل خير لاسيما وأن الشركة تعد ضحيتها أقصد عميلها بالاف الدولارات إذا ما استقطب ضحايا جدد!! عموما أنا هنا لا اشكك في شركات الفوركس بصفة عامة فهناك العديد من الشركات المحترمة ذات السمعة الطيبة وأنا شخصيا أعرف العديد من هذه الشركات التي تعمل بمنتهي المصداقية والأمانة وهي بالطبع خارج مصر ولكن بمنتهي الأمانة إذا ما عرضت أو وعدت إحدي هذه الشركات بتحقيق 120% أرباح سنوية عن طريق المضاربة في الفوركس فقطعا سأتشكك في أمرها لا لشئ سوي أنه إذا ما كانت هناك طريقة أو وصفة سحرية لدي هذه الشركة في تحقيق مثل هذه النسبة الضخمة من الارباح فماذا تشاركني فيها!!؟؟ فلتكتفي بتحقيق تلك الارباح الرهيبة لها وحدها!! بل ولماذا تنشأ الشركة أو الموقع من الأساس يكفي أن تستخدم وصفتها السحرية في مضاعفة أموالها يوميا دون مشاركة من أحد!! أما فيما يتعلق بضمان الاستثمارات من أحد البنوك فهو أيضا أمر يثير الشك والريبة فليس هناك بنكا علي وجه الأرض يضمن استثمارات عمليات مضاربة في الفوركس وحتي إذا ما وجد فقطعا ستكون أغلب استثماراته في سندات وأذون حكومية ومثل هذه البنك لا يمكن أن يكون تابع لاحد الجزر المجهولة التي تضعف بل تنعدم فيها الرقابة المصرفية ولهذا لم أبالغ عندما شبهته ببنك الحظ!! أخيرا.. أعلم تماما أن القانون لا يحمي المغفلين ولكني ها أنا ذا اتوجه بندائي إلي السادة المسئولين في هذا البلد انقذوا ابناءكم من هذا الوهم حتي وأن اخطئوا فحجم الأموال المودعة لدي إحدي هذه الشركات "المعروفة للجميع" مرعب!! ولا داعي لانتظار الكارثة حتي تقع فتلك مدخرات مصريين وكفانا ما تم تهريبه من أموال في السابق مازلنا حتي اليوم عاجزين عن استرداد جنيه واحد منها.. اللهم إني بلغت اللهم فاشهد!!