علي خلفية إعداد مشروع قانون يتيح لوزارة المالية إصدارها تعتزم وزارة المالية تقديم مشروع قانون لرئاسة الجمهورية يتيح للوزارة إصدار صكوك إسلامية خلال الفترة المقبلة بهدف تخفيف أعباء الموازنة العامة للدولة. ويستهدف القانون الجديد تنويع أدوات تمويل عجز الموازنة واتاحة الفرصة أمام البنوك الإسلامية للاستثمار في أدوات الدين السيادية سواء التي يصدرها البنك المركزي مباشرة في شكل سندات أو التي تصدرها وزارة المالية علي شكل اذون خزانة. وأكد الخبراء ان اصدار الصكوك الإسلامية يعد إداة فاعلة وسريعة لتوفير السيولة المطلوبة في اقصر وقت لتمويل المشروعات الضخمة عطفا علي حث الأموال الكبيرة علي الاستثمار الآمن في المشروعات ذات المردود الايجابي مؤكدين ايضا أهميتها في تمويل المشروعات الحكومية الكبري مثل المطارات والصرف والطرق. وكان الدكتور أشرف الشرقاوي رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية قد نفي في تصريحات صحفية وجود أي خلافات بين الهيئة ووزارة المالية حول صكوك التمويل الإسلامي مؤكدا انه ليس من صلاحيات الهيئة الاعتراض علي أية آليات جديدة وأن دورها يقتصر علي تنظيم العمل بالآليات المختلفة في الأسواق المالية غير المصرفية والتأكيد علي حماية حقوق كل الأطراف. وقال الشرقاوي ان دور الهيئة رقابي ينظم آليات العمل بتلك الأدوات المالية ولا يحق لها الاعتراض علي أية أداة من تلك الأدوات لأنها ليست جهة اختصاص مشيرا الي ان هناك الكثير من الآليات والأدوات المالية الإسلامية تمت الموافقة عليها من قبل الهيئة مثل صكوك الايجارة المتوافقة مع الشريعة الاسلامية كما ان هناك الكثير من صناديق الاستثمار التي تعمل وفقا للشريعة السلامية. وأضاف ان هناك نوعين من صكوك التمويل أحدهما تصدره الدولة والآخر تصدره الشركات مشيرا إلي ان ما تصدره الدولة سواء من قبل وزارة المالية أو البنك المركزي ليس للهيئة رقابة مباشرة عليه مثل أذون الخزانة التي تصدرها وزارة المالية لتمويل عجز الميزانية. وأوضح ان النوع الآخر من صكوك او سندات التمويل التي تصدرها الشركات لتمويل مشروعاتها تقوم الهيئة برقابة كاملة عليها تتمثل في إلزام الشركات المصدرة بتوضيح مركزها المالي وأوجه استخدام التمويل وغيرها من الافصاحات لضمان حقوق الممولين ولاصدار مثل تلك الصكوك لا بد من وجود تشريعات برلمانية تضم دراسات وآراء الخبراء ورجال الدين وكل الاطراف المعنية. وتقدر دوائر مالية ان حجم الصكوك التي سيتم طرحها والتي ستكون متوافقة مع احكام الشريعة الإسلامية سوف يدور حول نسبة 10% علي الأقل من عجز الموازنة أي في حدود 15 مليار جنيه في أول اختبار لمثل هذه الأداة المالية الجديدة، الأمر الذي من شأنه تخفيف الأعباء عن البنوك التقليدية واتاحة الفرصة أمامها لتوجيه مبلغ مماثل لتمويل أنشطة القطاع الخاص بدلا من التركيز علي تمويل عجز الموازنة مثلما كان متبعا خلال الأشهر الأخيرة وتسبب في انكماش ائتماني بالسوق المصرية. يذكر ان عجز الموازنة العامة للدولة خلال العام المالي الماضي ارتفع الي 170 مليار جنيه كما انه من المتوقع ان يصل بنهاية العام المالي 2012/2013 الي 135 مليار جنيه وتسعي الحكومة الي سد العجز من خلال طرح أذون خزانة بالسوق المحلية بالاضافة الي الحصول علي قرض صندوق النقد الدولي وكان علاء الحديدي المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء قد صرح خلال الفترة الماضية بأن كلا من شركتي "موديز" للتصنيف الائتماني و"ستاندرد آند بورز" قامت برفع مصر من قائمة المراقبة لأول مرة منذ قيام ثورة يناير. بداية أكد الدكتور عبدالرحمن جاب الله استاذ الاقتصاد بجامعة حلوان ان اهمية الصكوك تأتي لكونها منتجات مدعومة بأصول ومشروعات حقيقية في الوقت الذي تتهدد الاقتصاد العالمي حزمة من الأزمات والديون وهي محفوفة بقدر كبير من المخاطر يمكن ان يؤدي الي انهيار مالي خلال أي أحداث مفاجئة يصعب التنبؤ بها. وأكد ان الشركات الكبري في جنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط تسعي الي الاستفادة من سوق الصكوك الدولية لجمع الأموال بطريقة متوافقة مع الشريعة الإسلامية كما تتسابق الشركات المالية العالمية هي الأخري لجني الأموال من خلال الادوات المالية الاسلامية كالصكوك وعبر توفير منتجات متوافقة مع احكام الشريعة الإسلامية. اضاف ان قطاع الصكوك المقومة بعملة ال"رينجيت" الماليزية كان الاسرع نموا في السوق حيث استأثر بأكثر من 40% من اجمالي اصدارات الصكوك العالمية مشيرا إلي نجاح ماليزيا في الاستفادة من سوق الصكوك لدعم برنامجها الخاص بتطوير البنية التحتية بشكل منتظم جعل منها نموذجا يمكن ان تحتذي به الاسواق الاخري الراغبة بتكرار تجربتها الناجحة. أما ناجي محمود مدير الائتمان بأحد البنوك العامة فيري ان طرح الصكوك الإسلامية احد الحلول المهمة لانقاذ الاقتصاد المصري من عثرته خلال الفترة الحالية التي يعانيها الاقتصاد من عجز في الموازنة وتراجع علي جميع مستوياته. واضاف ان من شأن اصدار هذه الصكوك ان يعفي الاقتصاد المصري من أية مخاطر للاقتراض سواء الدولي أو المحلي مشيرا إلي ان المعاملات الإسلامية من شأنها ان تكون مكاسب متنوعة لما تمتلكه من امكانيات هائلة لذلك ولكنها تحتاج الي اتاحة الفرصة لها خلال المرحلة المقبلة ووضع التشريعات اللازمة لذلك. واكد الدكتور أيمن فرج باحث اقتصادي بجامعة القاهرة ان كبار المستثمرين يترقبون اصدار الصكوك لاستثمار أموالهم في المشروعات الآمنة بالاضافة الي ان الصكوك تمتاز بالديناميكية والسرعة لتمويل المشروعات بفوائد أقل لبناء المشروعات الضخمة لافتا الي انه من الأهمية بمكان ان تسارع الحكومة في اصدار هذا النوع من الصكوك لمشروعات تحلية المياه والسكك وتوسعة المطارات خاصة لكونها ذات مردود مادي مستمر ويتمتع بالأمان. وقال إن صكوك التمويل المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية سجلت نجاحا لا يمكن انكاره في العديد من أسواق المنطقة خاصة أسواق دول الخليج العربي ولعبت دورا ملموسا في تمويل مشروعات ضخمة خاصة مشروعات القطاع الخاص وبالتالي لا بأس من الاستفادة من هذه التجربة الناجحة في علاج بعض مشكلات سوق التمويل في مصر. واضاف ان اصدار الصكوك يجب أن يفعل للاستفادة من ايجاد سوق صكوك محلي يتماشي مع وضع الاقتصاد المصري خاصة في ظل التوجه العالمي لمثل هذا النوع من خيارات الدين المتاحة. أكد ان ثمة مؤشرات اخري دفعت وزارة المالية الي اللجوء الي خيار الصكوك الاسلامية وهو تراجع القدرة لدي البنوك التجارية التقليدية علي شراء المزيد من سندات وأذون الخزانة وكذلك اتساع قاعدة المؤسسات المالية الراغبة في التعامل مع منتجات ذات طبيعة اسلامية وهو ما ظهر مؤخرا علي سبيل المثال في قيام بنك التنمية والأئتمان الزراعي المملوك للدولة بافتتاح نحو 13 فرعا للمعاملات الإسلامية في مختلف المحافظات، الأمر الذي يؤشر علي ظهور طلب قوي علي هذه المنتجات وبالتالي كان لا بد من التحرك نحو الاستجابة لها.