تماماً كما حدث مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، بدأت إسرائيل تشن هجوماً شرساً علي الرئيس الحالي محمود عباس "أبو مازن" لنزع الشرعية منه بدافع أنه رجل لا يصلح لقيادة المرحلة ولا يريد السلام، السيناريو يكرر نفسه للقضاء علي الرئيس عباس كما تم القضاء علي الرئيس عرفات وإنهاء حياته بالسم الذي فتح تحقيقاً مؤخراً للكشف عن أسباب وفاة الرئيس الراحل والغموض الذي اكتنف وفاته. فقد استأنف وزير الخارجية الإسرائيلي افيفدور ليبرمان حملته ضد الرئيس محمود عباس، وذلك بعد أيام قليلة علي رسالة للجنة الرباعية الدولية دعاها فيها إلي الدفع نحو إجراء انتخابات عامة جديدة في الأراضي الفلسطينية للتخلص من عباس. قال ليبرمان في مقابلة مع صحيفة "هآرتس": "إنه ينبغي علي الحكومة أن تتخذ قراراً رسمياً بتوجيه تحذير نهائي لعباس بأنه في حال لم يعد إلي طاولة المفاوضات مع إسرائيل وواصل مساعيه الأحادية الجانب لنيل اعتراف الأممالمتحدةبفلسطين دولة مستقلة، فإن إسرائيل ستكف عن التعاطي معه كشريك شرعي للمفاوضات السياسية". برر ليبرمان رسالته إلي الرباعية الدولية بهذه المساعي التي يقوم بها عباس فالسيد ليبرمان مازال غاضباً من عباس علي محاولاته العام الماضي لإقناع مجلس الأمن بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة في حدود عام ،1967 وعلي استئنافه هذه المساعي العام الحالي داخل هيئة الأممالمتحدة للحصول علي اعترافها بفلسطين عضواً مراقباً، إذ يتوقع أن يحصل الاقتراح علي غالبية فورية من 130 دولة علي الأقل. ويضيف ليبرمان في حديثه للصحيفة بأن رسالته إلي الرباعية جاءت استباقاً للخطوات التي سيقدم عليها عباس في الفترة القريبة، إذ سيلقي خطاباً شديد اللهجة ضد إسرائيل الشهر المقبل في الاجتماع السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، لكنه سيؤجل تقديم الطلب لتصويت الهيئة العامة للمنظمة الدولية علي اقتراح قبول فلسطين عضواً مراقباً فيها إلي نوفمبر المقبل أي بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية بداعي أنه ليس راغباً في إحراج الإدارة الأمريكية الحالية وكسر الأواني مع الرئيس باراك أوباما. لقد كرر ليبرمان دعوته للحكومة الإسرائيلية إلي إطلاق حملة لنزع الشرعية عن عباس الذي يحظر من وجهة نظره علي إسرائيل أن تجلس وتنتظر حتي نوفمبر المقبل وتكتفي بإطفاء الحريق كما تفعل دائماً، لذا هو يريد حلاً جذرياً بخروج عباس نفسه من المشهد السياسي الفلسطيني والدولي برمته فعباس من وجهة نظر ليبرمان يمارس إرهاباً سياسياً ضد إسرائيل وحملة لنزع الشرعية عنها من خلال تشجيعه مقاطعتها، وتقديم دعاوي ضدها في الخارج والتحريض عليها، ومن هنا يجب التعاطي معه بالمثل، ومن هذا الوقت وحتي السابع من نوفمبر المقبل غداة الانتخابات الأمريكية، لابد أن تجعل منه إسرائيل رئيساً غير شرعي في عيون العالم؟! لم يكتف ليبرمان بتصريحاته وتصرفاته العنصرية الإرهابية بل اقترح أيضاً أن تقوم إسرائيل بخطوات مختلفة لإجهاض توجه عباس إلي الأممالمتحدة مثل اتخاذ الحكومة قراراً يوضح لعباس أنه في حال لم يعد إلي طاولة المفاوضات وواصل خطواته في أروقة الأممالمتحدة، هذا يجعل إسرائيل لا تري فيه شريكاً للسلام ولن تتحدث إليه. هذه اللهجة المسعورة التي يشنها ليبرمان بوقاحة سياسية شديدة ضد القيادة الفلسطينية وعلي رأسها الرئيس عباس تؤكد أنها حملة تديرها الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو، وهي ليست حملة يديرها ليبرمان علي مسئوليته الشخصية، فهي تصريحات تشير إلي الانسجام التام بين ما تقوم به إسرائيل والمستوطنين يومياً علي الأراضي الفلسطينية وبين الغطاء السياسي الذي يوفره ليبرمان والحكومة الإسرائيلية لهذه اللهجة غير المسبوقة لليمين تحت إدارة حكومة نتنياهو. وعبر السنوات الماضية كان واضحاً أن حكومة نتنياهو توغل يوماً بعد يوم في تحطيم أي إمكانية لعودة أي عملية تفاوضية ذات صدقية يمكن أن تؤدي إلي كنس الاحتلال وزواله التام عن الأراضي الفلسطينية، كما أن توقيت حملة ليبرمان ضد القيادة والشرعية الفلسطينية يرتبط بالحملة اليائسة التي تديرها حكومة إسرائيل لمنع الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة. وتأتي هذه الحملة القذرة التي لم تتهاون إسرائيل في شنها علي كل زعيم فلسطيني لا ينصاع لرغباتها ومصالحها وسياستها العنصرية في الوقت الذي تدرس فيه السلطة الفلسطينية محاكمة القادة الإسرائيليين والمستوطنيين الذين يمارسون الإرهاب بحق الشعب الفلسطيني وملاحقتهم قضائياً في المحاكم الدولية، رغم أن هناك بعض الصعوبات التي تجعل من السلطة الفلسطينية الطرف الأضعف في محاسبة القادة والمستوطنين أهمها أن البند القضائي الخاص في اتفاق أوسلو بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي لا يتيح للسلطة معاقبة أي إسرائيلي.