مصر الثورة هل تخطو خطوات مدروسة نحو المستقبل الواعد أم أنها تتحرك بشكل عفوي مفروض عليها بفعل حركة الشارع المتسارعة التي لا تهدأ؟ وسط ذلك تتعالي أصواتنا التي تبحث عن خط مستقيم بين افرازات ثورة حقيقية وبين نهضة مأمولة لبلد في وزن وقوة مصر هذه القوة لن تستمر إلا إذا كانت قادرة علي التأثير في سلوك الآخرين وهذه المقدرة تستند علي مدي امتلاك الدولة لمصادر وأدوات تمكنها من تحويل القوة الكامنة إلي قوة فعلية. وبالنظر إلي المصادر والأدوات التي يجب توافرها في الدولة لتحقيق عناصر القوة القومية نحو الموقع الجغرافي الفريد والعبقري بالإضافة إلي وجود قوة بشرية هائلة 90% منها تحت سن الخمسين، مما يعني أن المجتمع شاب. كما توجد موارد اقتصادية كثيرة ولم يتم استغلالها بعد مثل الفحم والموجود في منجم المغارة بوسط سيناء ومناجم الذهب الموجود في النوبة وعلي ساحل البحر الأحمر وسيناء والرمال البيضاء الأنقي عالميا التي نعتمد عليها في صناعة الزجاج والكريستال والسيلكون والطاقة الشمسية الهائلة التي يمكن أن نقيم عليها محطات لتوليد الكهرباء بالإضافة إلي كثير من المعادن. وعليه يمكن القول إن أولي مقدمات التحديث هو التقدم الاقتصادي والارتقاء بالإنتاجية وتعظيم التنافسية وهي مقدمات لضمان جوهر الديمقراطية وسيادة القانون وكفالة حقوق الإنسان وهي من الأمور اللازمة لتعظيم القوة الشاملة للدولة ودعم الأمن القومي. ومنذ انتهاء الحرب الباردة يجتاز العالم مرحلة مهمة من التحولات والمتغيرات والتي مست جوهر العلاقات والتوازنات وبدأت تؤسس لنظام عالمي جديد أصبحت فيه القوة الاقتصادية هي الأداة الرئيسية للتنافس والعنصر المحدد لمواقع التأثير والتأثر علي الخريطة السياسية والاقتصادية الدولية. واستقر الفكر السياسي في العالم علي أن القدرة الاقتصادية التنافسية قد صعدت إلي قمة مكونات الأمن القومي لتتساوي مع القدرة العسكرية، وقد نتجاوزها معلنة إعطاء الأولوية للأمن القومي الاقتصادي موازيا للأمن القومي الاستراتيجي والتقليدي. ومصر بما تملكه من موارد مادية وبشرية ومن طاقة روح الوطنية التي اطلقتها ثورة الخامس والعشرين من يناير مؤهلة لقفزة اقتصادية هائلة في سنوات قليلة. وهي قفزة مستخلصة من المقارنة بدول فقيرة جدا في كل شيء ولكنها في سنوات محدودة صعدت إلي مستويات الدول المتقدمة لأنها وضعت يدها علي المفاتيح الحقيقية للإصلاح الاقتصادي بناء علي رؤية سياسية واضحة مستندة علي تفاعل عناصر الدولة الثلاثة: العامل الجغرافي من موقع ومساحة وموارد اقتصادية وقدرات مالية كذلك العامل الديموجرافي، والحكومة التي ترتبط بالإطار السياسي ولايجاد نظام أما يساعد علي تحويل الموارد إلي قدرت أو علي اهدار هذه الموارد المالية والبشرية وهذا النظام يرتبط ارتباطا وثيقا باستقرار النظام السياسي. ومصر مؤهلة بقوة لاستعادة دورها العربي والافريقي وريادتها في الشرق الأوسط بما تملكه من أسس القوة التي تمثل قاعدة لقوة الدولة والقادرة علي تحويل القوة الكامنة إلي قوة فعلية وكذلك أدوات ووسائل القوة أهمها القوة العسكرية بفروعها البرية والبحرية والجوية وبتسليحها وكفاءتها القتالية وبالتحالفات والعلاقات الدفاعية وهناك كذلك القوة الاقصتادية وهي القوة الأكثر أهمية والمتصاعدة والتي ترتبط بعدد هائل من الوسائل والأنشطة وكذلك الأدوات الدبلوماسية والاستخبارات والجهاز الإعلامي. ونحن نتطلع إلي المستقبل فإن ما يجب أن نتسلح به لمواجهة التحديات المقبلة أن يكون لدينا برنامج محدد ندرسه ونقره وتتفق عليه إرادتنا جميعا، ولكن البداية الحقيقية هو أن نعرف مقدما من نحن وإلي أي نتجه فنكون قادرين علي التعرف علي ما يجب علينا أن نفعله وكيف نفعله. إن الطريق نحو بناء أدوات القوة في مصر لا يمكن أن نمضي عليه دون أن تتوافر لدينا مصادر القوة قبل أي شيء وهي العامل الأساسي في تحديد وزن مصر ضمن هيكل القوة العالمي. الذي نؤكد عليه أنه علي الرغم من الدور الحيوي لأدوات القوة سواء العسكرية أو المالية أو غيرها في تشكيل موقع الدولة علي خريطة النظام السياسي الدولي خاصة في الأجل القصير، إلا أن عدم استناد هذه الأدوات علي مصادر