رغم الأزمة الاقتصادية المستحكمة في العالم المتقدم والتي تلقي بظلالها أيضا علي الأسواق الناشئة فإن صناعة السلع الفاخرة تزدهر وبيوت الأزياء الراقية تحقق زيادات كبيرة في الإيرادات والأرباح ويعد بيت الأزياء والمصنوعات الجلدية البريطاني مولبري نموذجا يؤكد صحة ما نقول فهذا البيت تديره سيدة ذات عقلية خلاقة هي ايماهيل التي فضلت أن تراوغ حالة التقشف المفروضة علي بلدها وأظهرت خلال معرض أسبوع الأزياء بلندن في شهر فبراير الماضي تشكيلات بديعة ولكنها غالية الثمن إلي جانب اكسسوارات من ذات الفصيلة منها حقيبة يد للسفر ثمنها 1750 دولاراً أي نحو عشرة آلاف وخمسمائة جنيه مصري. وتقول مجلة "تايم" إن مبيعات "مولبري ستور" زادت 41% في شهر يناير الماضي عما كانت عليه من قبل وأن حجم طلبيات الربيع زاد 35% وكانت الشركة قد أعلنت في ديسمبر 2011 أن أرباحها زادت أكثر من 300% في النصف الأول من العام المالي 2011 وأن السنة المنتهية في 31 مارس 2011 شهدت صعود الإيرادات بنسبة 69% لتصبح 199 مليون دولار والأرباح 358% خلال ذات الفترة سالفة الذكر ليصير بذلك أكفأ أسهم شركات السلع الفاخرة أداء علي مستوي العالم كله. وكما قلنا فإن نتائج مولبري مجرد نموذج لما يحدث في صناعة السلع الفاخرة عموما علي مستوي العالم. وتقول شركة الاستشارات "بين اندكو" ان حجم المبيعات العالمية للسلع الفاخرة في 2011 بلغ 252 مليار دولار بزيادة 10% عن العام السابق 2010 وما نود الاشارة إليه أن مولبري تعد شركة صغيرة بالقياس إلي عمالقة السلع الفاخرة مثل لوي فيتون والمؤكد أن البحث عن الاصالة في سوق السلع الفاخرة يعمل لصالح الماركات الراسخة ولكن هناك شريحة متزايدة من مستهلكي السلع الفاخرة صارت تنفر من الماركات الشهيرة وتبحث عن الماركات غير الشائعة والتي لم يسمع بها سوي عدد قليل من الناس وذلك سعيا وراء التميز. ولعله لذلك وجدت منتجات مولبري لنفسها مكانا في سوق الصين الذي يسعي أغلب المشترين فيه وراء الماركات الشهيرة مثل هيرميه ولوي فيتون وتقول مديرة مولبري إن الناس رغم الركود لم تتوقف عن شراء الأشياء الجميلة وأن كانت فقط قد تعلمت التفكير فيما تشتريه. وجدير بالذكر أن مولبري قد افتتح لنفسه متجرا ثالثا في نيويورك خلال الخريف ويخطط لغزو كاليفورنيا ونيوجرسي بفتح متجر في كل منهما ومعروف أن مولبري يحقق 59% من مبيعاته داخل السوق البريطانية وأنه افتتح 14 متجرا حول العالم من امستردام إلي بانكوك خلال عام 2011 وبحلول نهاية العام المذكور كانت فروعه العالمية أكثر من فروعه المحلية ولاشك أن هذه درجة من عولمة النشاط لم يحلم بها روجر سول مؤسسي موليري عام 1971 ففي ذلك العام كان سول في الحادية والعشرين من عمره وفي عيد ميلاده أهداه أبواه 500 جنيه استرليني ليبدأ بها مشروعا صغيرا لصنع الأحزمة الجلدية في جراج بيت الأسرة في احدي قري منطقة سوميرسيت الريفية وفي غضون عامين صار سول قادرا علي توريد منتجاته لمتاجر الديمارتمنت الشهيرة داخل وخارج بريطانيا ومنها هارودز في لندن وبرينتومبز في باريس وخلال ذات الفترة أقام سول مصنعا لشركة في ذات المنطقة المشهورة بالمصنوعات الجلدية وفي عام 1975 شارك سول بمنتجاته في أسبوع الأزياء السنوي بلندن وراح يروج لتلك المنتجات باعتبارها تعبيراً عن الذوق البريطاني الأصيل ومع حلول عام 1988 صارت شركة مولبري تملك 9 متاجر في 8 دول منها الدنمارك وهولندا وألمانيا وسنغافورة. وما كادت منتجات موليري تدخل السوق اليابانية حتي وقعت الأزمة المالية الآسيوية عام 1997 وفي سنة ألفين قرر ملياردير سنغافوري استثمار 12 مليون دولار من أمواله في مولبري مقابل تملك 42% من الشركة وهذا الرجل هو أونج بينج سينج وزوجته كريستينا التي شاركته في هذا الاستثمار وفي غضون عامين أطاحا بسول من قيادة مولبري بحجة الاختلاف حول الاستراتيجية التوسعية للشركة ومنذ ذلك الحين بدأت مولبري رحلة الصعود السريع إلي العالمية تدعمها حملات الدعاية المعدة بذكاء. وأثمرت هذه الاستراتيجية سريعا وهنا تقول الأرقام إن مبيعات مولبري العالمية زادت 115% خلال الأشهر الستة حتي 30 سبتمبر 2011 وزادت مبيعات حقائب االيد وغيرها من المصنوعات الجلدية لتمثل 77% من جملة ايرادات الشركة ويقول جودفري دافيز رئيس مجلس إدارة مولبري إن الحقائب التي تنتجها الشركة صارت ماركة مسجلة ومفضلة لدي كثيرين حول العالم وأن سيدات العالم العربي برغم ازيائهن ذات الطابع الخاص جدا لا تفارقهن حقائب اليد المميزة المصنوعة لدي مولبري.