إن أفضل الاشياء في الحياة ليس من الضروري أن تكون الاشياء المبهرجة وانما هي الاشياء والتجارب ذات المعني وقد بدأ هذا المفهوم ينعكس علي صناعة السلع الترفية، فلم تعد الحقائب ولا حتي اليخوت هي عنوان الترف وإنما اصبح للترف رموز اخري تستحق ان نشير إليها.. وتقول مجلة "نيوز ويك" إنه بعد سنوات استثنائية في صناعة الثروة علي مستوي العالم ذكر تقرير كابجميني الذي اصدرته بريل لينتش عن عام 2006 أن عدد المليونيرات في العالم صار يناهز ال8.7 مليون مليونير وان جملة ثرواتهم صارت 33.3 تريليون دولار بعد أن كانت 16.6 تريليون دولار فقط عام 1996 أي انها زادت بأكثر من 100% في نحو عشر سنوات فقط، كذلك فإن انتشار السلع الترفية جعلها في متناول ملايين اضافية كثيرة من الناس عند مستوي معين من المعيشة. صحيح ان الترف سيبحث لنفسه عن أرض أكثر ارتفاعا ولكن صناعة السلع الترفية صارت تتعرض لتغير جذري، فقاعدة زبائن هذا النوع من السلع تتغير هي أيضا مع انتشار الثروة في اجزاء اخري من العالم كما ان توزيع الترف يتغير هو كذلك، فقد زاد انتشار نوعية الخدمات التي لا تقدم إلا للاعضاء فقط سواء خدمات الطعام أو السفر أوالسياحة أو الترفيه أو حتي التسوق.. واصبح واضحا ان الاغنياء يريدون التمتع بخصوصية غناهم مع اناس من نفس طبقتهم. والاكثر اهمية من ذلك هو تطور طبيعة السلع والخدمات الترفية ذاتها فالمترفون صاروا يبحثون عن التميز والخصوصية والمفاجأة وحتي السرية ايضا وقد صارت هناك رحلات تنظم للأثرياء إلي بعض المناطق حيث يقومون بالتبرع للمنطقة من أجل انشاء مدرسة أو غير ذلك وتسمي هذه الرحلات ب "السياحة الخيرية" ولذلك فإن شركات إنتاج السلع الترفية صارت مطالبة بدراسة تطوير إنتاجها واساليب جذب المترفين إلي هذا الإنتاج وهو أمر سوف يستغرق بعض الوقت. لقد كانت السلع الترفية محددة بشكل واضح في فئات أو شرائح حيث كانت بيوت الازياء تنتج الملابس وصناع النبيذ يصنعون النبيذ وهكذا وكانت هذه الشركات شركات خاصة ذات جذور عائلية ولم يكن يعمل في مجال السلع الترفية سوي اثنين فقط من الشركات الضخمة متعددة الانشطة وهي LVMH وبينولت برينتوم ريدوت. وكانت هذه الشركات تمزج بين الاناقة والإنتاج الكبير وتوسع دائما دائرة الزبائن وفي نفس الوقت تحتفظ بقيمة الماركة وتزيد من هوامش الربح باقصي درجة ممكنة في كل الأحوال ولم تكن هذه التوليفة مرفوضة وكانت صناعة السلع الترفية تنمو بمعدل 8% سنويا في السنوات الاخيرة وهي نسبة قد تفوق مثيلتها في مجمل تجارة التجزئة. ولكن جيلا شابا من زبائن الترف قد دخل الساحة شاعرا بالضجر من هذه العروض المعتادة التي لا تجديد فيها وصارت كل سيدة من زبائن السلع الترفية تقتني الآن أربع أو خمس حقائب يد من الماركات العالمية مقابل حقيبتين فقط منذ عقد واحد وفي نفس الوقت فإن هذا الجيل كما يقول انطوان بيلج محلل السلع الترفية في HSBC صارت لديه نقود أكثر جاهزة للانفاق ولابد من أن تغير صناعة السلع الترفية نفسها لتتواكب مع هذه التطورات ولذلك نجد أن مصممي السلع الترفية بدأوا يتطلعون إلي مجالات اخري مثل التدخل في تصميم السيارات أو حتي خطوط الطيران بل ان صناعات مثل صناعة الأثاث والمنتجات الجلدية قد أعيد توجيهها لكي تتناسب مع أذواق المستهلكين الجدد. وتقول مجلة "نيوز ويك" إن هناك من يعتقد أن وفرة الأموال سوف تمد صناعة السلع الترفية بطاقة جديدة، كذلك فإن انتشار التجارة الالكترونية عبر الإنترنت اصبح يوسع من دائرة المنتجين والمستهلكين علي حد سواء، وتلعب العولمة هنا دورها دون تردد وتقول التقارير ان بلدا مثل كازاخستان ومدينة مثل اسلو صارت الآن سوقا مهما للسلع الترفية وكذلك بعض مدن الصين التي زادت فيها الثروات الخاصة مثل شنغهاي وهونج كونج وحدث نفس الشيء في مدن امريكية مثل شيكاغو كانت ابعد ما تكون عن سوق السلع الترفية. ولكن ما يجب أن ننبه إليه هو أن الاغنياء إذا كانوا قد اصبحوا علي استعداد لدفع اي ثمن مقابل الحصول علي خدمة عظيمة فإنهم صاروا يهتمون أيضا بالفورية والراحة ويذكر معهد ابحاث الترف ان 98% من اثرياء أمريكا يستخدمون الانترنت لشراء سلع وخدمات المترفين بمبالغ ضخمة مقابل تمتعهم بالسرية والخصوصية وقد بدأت بعض الفنادق تصبح مثل الاندية بحيث لا يدخلها سوي الاعضاء وهي خدمة ستدخل بريطانيا اعتبارا من العام القادم.. وباختصار، فإن زيادة الثراء وانتشاره سوف يغيران مستقبل الترف وصناعة السلع الترفية.