بينما يعيش المعدن النفيس حالة من عدم الاستقرار والركود الذي أطفأ وميضه وجعله يدخل في ظلام منذ ثورة يناير يعيش الذهب الصيني الذي غزا السوق المصري قبل الثورة بعام حالة من الانتشاء بعد ارتفاع مبيعاته بعدما لجأ له المستهلك هربا من نيران المعدن الأصفر الذي أخذ يتراقص علي سلالم متحركة علي أنغام صعود وهبوط العملات الأجنبية في مقدمتها اليورو فليس كل ما يلمع ذهبا، ولكن بريق المعدن الأصفر يخطف الابصار الآن بغض النظر عن قيمته الحقيقية. حيث انتشرت محال الذهب الصيني قبل الاعياد بشكل كبير غير معتاد؛ لدرجة أن المحلات غير المتخصصة في بيعها أو في بيع الإكسسوارات تعرض فاترينات له، وهو ما شاهدناه مع أحد محلات البقالة الذي قال لنا إنه لجأ إلي شراء كمية من الذهب الصيني في أزمة ارتفاع أسعار الذهب وعدم قدرة المواطنين علي الشراء. تقول منيرة إبراهيم: اعتدت شراء الذهب الصيني، ويتميز أنه ذو ذوق عالي في تصميماته وأقرب لشكل الذهب العادي، مما يجعل البعض يتشكك أنها إكسسوارات صينية، وبحكم عملي ودخولي بيوتا كثيرة فكرت أنا وصديقة في استثمار فترة العيد والتجارة في الذهب الصيني، وبالفعل اشتريت كمية من القطع الذهبية بمقاسات وأشكال مختلفة، بقيمة ألف جنية بالمناصفة مع صديقتي، وبدأنا قبل العيد بأسبوعين في الترويج له. تضيف أن الفكرة لاقت القبول عند الكثير من السيدات التي تهوي التزين بالذهب، ولكن مع ارتفاع أسعاره لم يعد هناك فرصة لشراء المزيد منه، فحل الذهب الصيني محل الذهب المحلي، خاصة الذهب الأصفر واستطعت بيع الكمية التي معي، وشراء كمية جديدة بعد عشرة أيام فقط خاصة أنني أبيع بالتقسيط علي ثلاثة شهور أحيانا مما يجعل السيدات تشتري لها ولبناتها. أما سها الديب الموظفة فجاءت لشراء دبلة جديدة بدلا من دبلتها التي ضاقت علي أصبعها بعد 12 سنة من ارتدائها، وتؤكد أنها منذ فترة فكرت في تغيير الدبلة بواحدة مناسبة لإصبعها بعد أن ضاقت عليه، وكلما انتظرت ارتفع سعر الذهب أكثر فقررت الاحتفاظ بها لبيعها "في وقت زنقة" وشراء دبلة بعشرة جنيهات فقط علي الموضة ولا يمكن تفرقتها عن الذهب العادي، بشرط الحفاظ عليها عند استخدام الماء. مجموعة أخري من البنات وقفن لشراء الذهب الصيني كإكسسوار للعيد، وتقول مارسيل 15سنة: كنا كل عيد نشتري بالعيدية شوية اكسسوارات عادية ملونة، لكن وجدنا في الاكسسوار الصيني موضة جديدة هذا العام، وهي كثرة الفصوص الملونة والمبهرة فاخترت أنا خاتما وسلسلة مرسوما عليها علم مصر، واستغربت أن الصين أبدعت تصميمات تعبر عن الثورة المصرية قبل المصريين أنفسهم. ويوضح الصائغ مينا فيكتورأن الذهب الصيني نافس الذهب الأصلي في مناسبات الأعياد التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة، وبخاصة عيد الأم في مارس الماضي، حيث أقبل الشباب والفتيات علي شراء الهدايا من الذهب الصيني لرخص سعرها بما يتناسب مع حالة المجتمع في ظل الأزمة المالية الحالية. ويشير إلي صعوبة أن يمارس الصائغ المحترف غش الذهب خوفا علي سمعته والمطاردة من الجهات الأمنية والرقابية. ويؤكد أن ممارسات الغش يرتكبها بعض النصابين تجاه الذين ليست لديهم خبرة في شراء الذهب. وسط الزخم الهائل من الجدل الذي أثاره انتشار الذهب الصيني بالأسواق، توسعت بعض العائلات في شراء الاكسسوارات الصينية الذهبية بالأسواق، ووصل الأمر إلي إقامة معارض خاصة به في المتاجر الكبيرة التي رفعت سعر القطعة من 20 جنيها إلي ما بين خمسين ومائة جنيه مصري. ورغم إقبال الأغنياء علي شراء هذه المنتجات التي تستخدم في زينتهم اليومية، يتجه هؤلاء إلي شراء الذهب الأبيض أو الألماس الذي صار سعره مؤخرا قريبا من الذهب الأصفر عند رغبتهم في التزين أو اقتناء الذهب، حرصا علي الحفاظ علي الهوية الاجتماعية لطبقة الأثرياء، وضمان قيمة المال المدفوع في تلك المنتجات! فيما أكد سمير حبيب، صاحب محل لبيع الذهب الصيني، أن معظم الفتيات يكتفين بشراء الدبلة فقط من محال الذهب الأصلي حيث يفضلن شراء الغوايش والأساور الصيني خصوصا الغويشة تزن أكثر من 20 جراما وسعرها لا يتعدي ال25 جنيها أما السلسلة فمختلفة الأشكال والأحجام وسعرها يتراوح من 20 إلي 40 جنيها وكل المنتجات الصيني عليها ضمان لمدة عام ضد تغيير اللون. أمير تادرس صاحب محل للذهب الصيني قال: إن الذهب الصيني يباع بالقطعة، علاوة علي أنه من الممكن ب2011 جنيها شراء شبكة كاملة من دبلة وخاتم وأساور، موضحا أن هناك عرائس تذهب له وتطلب منه شبكة كاملة لكي ترتديها في حفلة خطوبتها في ظل عدم استطاعة العريس شراء الذهب.