منذ عدة سنوات والعملة الصينية تتعرض لهجوم أمريكي أساسا بالاشتراك مع دول أوروبية وذلك بهدف رفع قيمة هذه العملة تجاه العملات الدولية الأخري، خاصة الدولار الامريكي وذلك بدعوي أن قيمة العملة الصينية ليست حقيقية ويتم الاحتفاظ بها منخفضة حتي تتمكن الصين من غزو الأسواق العالمية بمنتجاتها وصادراتها.. لكن ها هي الصين بعد أن ظلت تدافع عن عملتها وتنفي الاتهامات الموجهة لها في تخفيض قيمتها، تنتقل إلي الهجوم، وتقرر أن تبدأ أولي خطوات تحويل عملتها إلي عملة دولية مثلها في ذلك مثل بقية العملات الدولية الحالية، كالدولار الامريكي والاسترليني الانجليزي، واليورو الاوروبي، والين الياباني.. فهي قررت أن تزيد من كمية التعامل دوليا بعملتها في الاسواق العالمية. وتأتي هذه الخطوة في أعقاب اقتراح صيني طرح في أعقاب اندلاع الأزمة المالية العالمية قبل نحو 4 سنوات مضت يقضي بالبحث عن عملة احتياط دولية أخري غير الدولار الامريكي، وذلك استنادا إلي تعرض العملة الامريكية لحالة من الاضطراب انعكست بالطبع علي التعاملات الدولية، وهي الحالة التي نجمت عن الاهتزاز الذي أصاب الاقتصاد الامريكي بسبب الازمة المالية العالمية، فقد رأي الصينيون أن الاقتصاد الامريكي بات يعاني من مشكلات عديدة وواسعة في ظل أضخم عجز مالي له، وأكبر دين خارجي يعاني منه، وهذه المشكلات لا تؤهل عملته لأن تكون الآن عملة الاحتياط الدولية الاساسية، وبالتالي باتت الحاجة ضرورية للبحث عن عملة احتياط دولية جديدة. وجاءت الازمة التي أمسكت بعدها بخناق اقتصادات عدة دول في منطقة اليورو لتعزز من أسباب الاقتراح الصيني.. حيث ألحقت هذه الازمة التي لم تنته حتي الآن رغم جهود دول منطقة اليورو علي العملة الاوروبية الموحدة "اليورو"، والتي أصيبت هي الأخري باضطراب، وانحسر التفاؤل في مستقبلها، في ظل توقعات بانفراط عقد هذه الوحدة الاوروبية واحتمالات انسحاب عدد من الدول الاوروبية منها، تحت ضغط الأزمة وهكذا.. رغم أن الصين لم تقم باعادة طرح فكرتها حول عملة احتياط دولية أساسية مجددا، فإن خطوتها الاخيرة بالتوسع في التعامل دوليا بعملتها يعني انها بدأت خطوتها الأولي لتنفيذ هذه الفكرة عمليا. وليس غريبا أن تفكر الصين في تقوية عملتها علي المستوي العالمي وزيادة نطاق وحجم التعامل الدولي بها، لأن الصين تحتفظ الآن بأقوي اقتصاد علي مستوي العالم، حيث تحقق أعلي معدل للنمو الاقتصادي وتعد الآن هي الدائن الأول للولايات المتحدة صاحبة أكبر الاقتصادات العالمية، وتحتفظ الصين أيضا بأكبر احتياطيات نقدية بين دول العالم.. وبالاضافة إلي ذلك كله فانها تعد الآن الدولة رقم "2" في حجم الناتج القومي بعد الولاياتالمتحدة، وهي في سبيلها لأن تتساوي في حجم هذا الناتج القومي بعد نحو عقد من الزمان وبعد عقد آخر سوف تتجاوز الاقتصاد الامريكي وتصبح هي صاحبة أكبر ناتج قومي في العالم. * عبدالقادر شهيب