فجرت الحكومة المصرية من جديد الجدل حول الآثار السلبية المتوقعة لزيادة أسعار الطاقة علي بعض المصانع والصناعات إلا أنه رغم هذه الاثار فانه يجب النظر إلي أن الصناعات التي تم طرح رفع الدعم عليها تمتاز بعدد من الخصائص الفريدة أهمها انه لا يوجد منافس أجنبي لها محليا كما ان طاقتها الانتاجية مرتفعة وهناك دوما فرص تصديرية لها بالاضافة إلي الارتفاع النسبي لهامش ربحيتها وعدم تمثيل دعم الطاقة جانبا ضخما من تكلفة الانتاج. لهذا فمن الضروري دراسة مثل هذه القرارات قبل تنفيذها حتي لا يتحمل الجميع تبعات قراراتها غير المدروسة، مع الأخذ في الاعتبار أن التأثير السلبي علي المناخ العام للاستثمار والتكلفة النهائية للمنتجات الصناعية والتي ستدفع المصنعين والمنتجين لإعادة النظر في حساب تكلفتهم النهائية السلع بعد أن اطمأنوا خلال الفترة الأخيرة لتحسن مناخ الاستثمار لصدور العديد من القرارات المدروسة. ان الاجراء الحكومي جاء ليحدث نوعا من التوازن في السوق وكذلك ليعيد توظيف المبالغ المنفقة علي الدعم المقدم لصالح قطاعات اخري في حاجة لهذه المبالغ الكبيرة التي قدمت لتلك الصناعات خلال السنوات الماضية كما انه لأول مرة تفصح جهة حكومية عن خطة تسعيرية مستقبلية تتميز بالتدرج في التطبيق بما يعطي الفرصة للمصانع لتكييف أوضاعها ورسم سياستها المستقبلية أيضا. يدفع هذا الاجراء إلي مطالبة الحكومة باللجوء إلي تقليص الانفاق الحكومي في بعض القطاعات بهدف توفير بعض السيولة التي تساعد في سد العجز بدل من رفع دعم الطاقة علي الصناعات، فالواقع يؤكد أننا نحتاج في ظل الظروف الراهنة إلي اجراءات لزيادة الانتاج والصناعة وتخفيض الأسعار النهائية للمستهلكين وزيادة الاقبال عليها لزيادة الحراك الاقتصادي وهو ما يولد فائضا لسد العجز فإنه يجب التأكد علي أن الغاء دعم الطاقة سيخفف العبء علي ميزانية الحكومة وسيساعد علي تقليل العجز المالي لمعدل الناتج المحلي الاجمالي ومع ذلك القلق بشأن ارتفاع الأسعار موجود. وتشير البيانات المالية إلي أن المصانع قليلة الاستهلاك للطاقة لن يضيرها أو يؤثر في أرباحها بشكل كبير الغاء أو تقليل الدعم الموجه إليها، كما أن بعض الشركات التي تعمل في تصنيع الأجهزة المعمرة وشركات الغزل والنسيج والسجاد، تمثل الطاقة نحو 3% من اجمالي التكلفة إلا انه في حال رفع الدعم ستتأثر الشركات المستخدمة للطاقة بغزارة سلبيا مثل شركات قطاع البتروكيماويات والأسمدة والحديد والأسمنت فقد تقوم الشركات المتأثرة بالقرار بنقل الأعباء الناتجة عن ذلك إلي المستهلك متوقعا أن تتأثر أرباح الشركات بهذا القرار. ولتقليص أي أثار سلبية متوقعة فجيب وضع برنامج زمني محدد والالتزام به، لالغاء دعم الطاقة الموجه للشركات والمصانع علي أن تتم زيادة تدريجيا مع التأكيد علي أن الأموال الفائضة نتيجة لذلك يجب ربطها بأهداف اجتماعية أو اقتصادية قابلة للقياس كنسبة القيمة المضافة محليا وحجم العمالة أو تطبيق مبادئ الادارة الرشيدة أو توفر مؤشرات مالية محددة تؤكد توفر قدر من الجدية وفرص النجاح للشركات التي يتم دعمها مستقبلا. لقد اظهرت مثل هذه القرارات ضرورة دراسة تأثيرات قرار رفع دعم الطاقة عن مشروعات انتاج الحديد والأسمنت والأسمدة والسيراميك بشكل جدي قبل تطبيقه حيث تشير التوقعات إلي وجود تأثيرات هذا القرار علي أرباح الشركات سلبا في حال تطبيقه كما انه في حال تطبيق القرار بدون تدرج فإنه سيؤثر ذلك علي حجم الاستثمارات الأجنبية القادمة كما سيمتد تأثيرها علي الاستثمارات المحلية في تلك القطاعات وهو أمر يستدعي تدرجا في التيطبيق وطرح بدائل جديدة للتنفيذ منوها إلي عدم تأثر البورصة المصرية بتلك التصريحات لأنها لم ترق بعد إلي مستوي القرار حيث لا تزال في مرحلة الدراسة، لذا عندما يصدر قرار برفع دعم الطاقة عن مشروعات انتاج الحديد والأسمنت والأسمدة والسيراميك سيتأثر سوق المال بلاشك بذلك. يجب التأكيد علي أن القطاع الصناعي يعاني من العديد من المشاكل علي رأسها ارتفاع أسعار المواد الخام والتضخم العالمي فضلا عن الارتفاع في مواد الطاقة اللازمة للتصنيع مما يؤدي إلي ارتفاع تكلفة الانتاج وبالتالي سيرتفع السعر النهائي ويتحمله المواطن وهو ما يشكل عبئا علي الأسرة المصرية خاصة مع الارتفاع الحاد في التضخم وأسعار المواد الغذائية الأساسية.