هل ذلك بداية لوقوع الاقتصادات الدولية في براثن أزمة مالية جديدة أم أنها تبعات الازمة القائمة والمتفاقمة منذ ثلاث سنوات؟ وما مصير الاقتصاد المصري ومدي تأثره بتلك الأوضاع خاصة بعد ما شاهدنا خسائر البورصة القوية علي مدار جلسات تداولها خلال الأيام القليلة الماضية متجاوزة الستة مليارات جنيه ؟! تلك التساؤلات وغيرها أصبحت مثار اهتمام الجميع مع تصاعد أزمة الديون الامريكية والاوروبية ودخولها نفق مظلم ظهر جليا عقب قيام مؤسسة ستاندرد اند بورد بخفض التصنيف الائتماني من مؤشر مستقر إلي سلبي وهو ما احدث حالة من الذعر والتخوف علي جميع الاصعدة والمستويات الاقتصادية ولعل الاسواق المالية كانت هي أبرز المجالات التي انعكس ذلك الامر عليها بشكل واضح. ورغم ان الحكومة المصرية في تصريحاتها التي أعلنها وزير المالية ونائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية دكتور حازم الببلاوي قد استبعد تأثر الاستثمار بتلك الأزمة إلا ان الواقع يفيد بأن هناك انعكاسات سلبية شديدة وفاتورة سيتم تحمل تبعاتها جراء ذلك الوضع ولاسيما مع الارتباط الوثيق الذي يجمع الاقتصاد المصري بالأمريكي سواء علي مستوي الاحتياطيات والتي يتم تقويمها بالدولار او سندات واذون الخزانة التي يوجد استثمارات مصرية بها، إلي جانب التبادل التجاري.. وغيرها من التأثيرات الاخري التي حاولنا رصدها من خلال التحاور مع عدد من خبراء الاقتصاد في محاولة للوقوف معهم علي حقيقة الوضع، والتعرف علي المطلوب للحد من تداعيات تلك الأزمة علي الاقتصاد القومي. أوضحت دكتورة ماجدة قنديل مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن تصاعد أزمة الديون الأمريكية وكذا الأوروبية لا يمكن اعتباره بداية لازمة مالية جديدة وإنما هي دليل علي انه ما زالت هناك الكثير من الرواسب للازمة العالمية تؤثر علي هذين الاقتصادين وتفيد بان الاقتصاد العالمي لم يتعاف بعد وان الدول المتقدمة والتي يفترض ان تقود هي التي تعاني اكثر وتسبب مشاكل للاقتصاد العالمي، مشيرة إلي أن تفاقم تلك المشكلات يعني تراجع معدلات النمو العالمي بعد أن كان متوقعا لها ان تحقق 3,6% لما يقل عن ذلك. وأضافت ان الولاياتالمتحدة لديها من المساحة والوقت ما يمكنها من التعامل وتحويط الازمة حتي لا تتفاقم كما حدث في عام 2008 والتي لم تتمكن من ملاحقتها لتشابكها واندلاعها بشكل مفاجيء، ولكن الطريقة التي تم التعامل بها مع مشكلة الدين الامريكي خلقت حجم أكبر من الفزع مع الاعلان عن تراجع التصنيف الائتماني مما يعني التشكك في صحة وسلامة الاقتصاد الأمريكي. وأكدت ان مشكلات الاقتصاد الأوروبي تعد هي الاكثر خطورة وخاصة مع اتباعها لسياسات تحفيزية اعتمدت علي زيادة الانفاق الحكومي وادت في النهاية لدخول الدول الأوروبية واحدة تلو الأخري في أزمات مالية بدءا من اليونان ووصولا للبرتغال وايطاليا، وقالت إن الامر بدول الاتحاد الاوروبي يتطلب حلولا جذرية وقرار سياسي موحد من جميع الدول الاعضاء أي 17 دولة وتلك هي الصعوبة. واشارت الي تاثر الاقتصاد المصري وأكدت أن المشكلات الداخلية لابد ان تستحوذ علي الاهتمام الاكبر حاليا ولكن مع دراسة تاثير تلك المشكلات والتي تتزايد اثارها وتبعاتها بالارتباط الوثيق مع الدول المتقدمة بمعني انه كلما زاد الارتباط فان ذلك يعني مزيد من المشكلات، وقالت انه لا شك في ان هناك تبعات كثيرة ستلحق بالاقتصاد القومي علي مستويات كثيرة منها النشاط التجاري والاستثمارات ولذلك فعلينا أن نحاول بكل السبل النهوض بمستوي الطلب المحلي وتنشيط معدلات الاستهلاك الداخلية، علاوة علي ضرورة اتباع سياسة جادة لتنويع أسواق الصادرات بالتوجه نحو أفريقيا والبلاد العربية وآسيا لتجنب تلك المشكلات. كما أن سياسة سعر الصرف ترتبط بالدولار وعدم الثقة الحالي بالاقتصاد الأمريكي يعني انخفاضه وتراجعه وبالتالي لابد من التعامل مع ذلك الأمر بشكل حكيم وخاصة أن هذا يعني زيادة تكلفة الواردات والتأثير السلبي علي الاحتياطي من النقد الاجنبي، حيث ينبغي ايجاد سياسة سعر صرف مرنة وغير مرتبطة بالدولار بمعني أنه يجب علينا ضرورة التوجه نحو تنويع الاحتياطي من النقد الأجنبي.