يبدو أن هذا العقد هو عقد الأسواق الناشئة لاسيما بعدما حققت تلك الأسواق نجاحات كبيرة فقد كانت شركات وأسواق المائة وخمسون دولة الناشئة المحرك الفعلي لنمو الاقتصاد العالمي رغم الأزمة المالية العالمية الأخيرة. وأصبحت شركات مثل أمريكا موفيل المكسيكية العملاقة للاتصالات وسامسونج الكورية للالكترونيات أكثر الشركات العالمية نجاحاً متفوقة علي منافساتها الغربية بما تنتهجه من طرق سليمة في تطوير تقنياتها وإدارة نشاطاتها التجارية. لكن لا يقتصر التحول في هذا العقد علي الشركات العالمية متعددة الجنسيات فقط بل نمت أيضاً الشركات متوسطة الحجم والصغيرة في هذه الاقتصادات وعلي وجه الخصوص في مناطق مثل الصين والهند والبرازيل وكوريا الجنوبية التي ساعدتها قوة الطلب في أسواقها المحلية علي التوسع في أرجاء مختلفة من العالم. ويقول نيجيل رينديل كبير الاستراتيجيين في آ ربي سي كابيتال ماركيتس وهي الذراع المصرفية الاستثمارية لرويال بنك الكندي في صحيفة الفاينانشال تايمز "أصبحت شركات الأسواق الناشئة أكثر قوة واستقراراً اليوم ولا تقع تحت وطأة الديون كنظيراتها الغربية. كما تحولت الكثير منها إلي شركات عالمية رائدة حيث دعم النمو في أسواقها المحلية المبيعات والأرباح". وكانت شركات الأسواق الناشئة قبل عشرة أعوام متخلفة نسبياً تميل إلي النمو العضوي من خلال العمالة الرخيصة وإنتاج كميات كبيرة من السلع وبيعها بأسعار زهيدة للتغلب علي المنافسين. وهذه هي الطريقة التي ساعدت الصين أكبر الأسواق الناشئة ومركز القوة العالمية من حيث النمو والحجم لتتحول إلي ما هي عليه اليوم. وهكذا هو الحال في بلدان مثل الهند والبرازيل وكوريا الجنوبية والاقتصادات الآسيوية الصغيرة في ماليزيا وتايوان وتايلاند حيث تنتج الشركات سلعا بأسعار أرخص مقارنة مع مثيلاتها في الدول الصناعية. لكن تحولت شركات الأسواق الناشئة الآن للمرحلة التالية من تطورها حيث أصبحت شبيهة بالشركات الكبيرة الناضجة في أمريكا وأوروبا ويخضع تحقيق النجاح فيها لطرق أكثر اختلافاً وتعقيداً. وفي الصين بوصفها المؤشر الحقيقي للأسواق الناشئة ارتفع معدل استحواذات واندماجات الشركات في السنوات القليلة الماضية. ومن أكثر الشركات تميزاً في هذا المجال شركة جيلي لصناعة السيارات التي استحوذت علي فولفو في العام الماضي مما يعكس مدي وقوع الشركات الأوروبية فريسة للاستحواذات الصينية. وكذلك شراء شركة لينوفو للكمبيوتر لنشاط آي بي أم لصناعة الكمبيوترات الشخصية خير شاهد لزيادة ثقة الشركات الصينية في التوسع في أسواق الدول المتقدمة. وفي مناطق أخري من الأسواق الناشئة أصبحت شركات مثل تاتا الهندية وأمريكا موفي المكسيكية أكثر استحواذاً، حيث توسعت الأخيرة عبر الحدود بينما تتحدي بيتروبراس البرازيلية الشركات الغربية في الأسواق الأجنبية. ومع ذلك كلما كبرت الشركة وأصبحت أكثر نضوجاً كلما أصبح النمو أكثر صعوبة. كما أن مضاعفة النمو بالنسبة للشركات الكبيرة ليس من السهل تكراره مرة أخري. ومن الناحية الفنية تبحث شركات الأسواق الناشئة عن تسلق سلم القيمة من خلال المنتجات والخدمات والعلامات التجارية الجديدة. ولم تعد أكثر الأسواق الناشئة نجاحاً تعتمد علي رخص المنتجات بل علي المنافسة مع الشركات الغربية من منطلق التساوي. ويعتمد نمو الأسواق الناشئة إلي حد كبير علي الاقتصادات المحلية حيث توقع صندوق النقد الدولي نمو الناتج المحلي الإجمالي للدول المتقدمة بنحو 2.5% سنوياً خلال السنوات الثلاث المقبلة بينما من المنتظر أن تحقق الأسواق الناشئة نمواً يفوق ضعف هذه النسبة عند 6.5%. مصطفي عبدالعزيز