طالبت مؤخراً مؤسستا ميريل لينش وسيتي بنك الشركات المدرجة بأسواق المال بالإقبال علي إعادة شراء أسهمها من السوق والتي يطلق عليها "أسهم الخزينة"، لأن ذلك يعد أفضل وسائل دعم بورصات الأوراق المالية خلال الوقت الراهن، كما أن ذلك يعود بالنفع أيضاً علي الشركات المدرجة بالبورصات في المدي القصير، خبراء أسواق المال قالوا إن تلك الآلية إيجابية، إلا أن الوضع في مصر حالياً يختلف، لأن الاقتصاد المصري يمر بأزمة، بسبب الأوضاع السياسية التي تمر بها البلاد، ومن ثم فالعديد من الشركات ستكون حريصة للحفاظ علي السيولة من أجل كفاية حاجة العاملين، وكذا القدرة علي دعم المشروعات المستقبلية والتوسعات الخاصة بالشركات، وعلي الرغم من ذلك فقد قامت بعض الشركات المقيدة بالسوق المصري بشراء أسهم خزينة عقب بدء التداول بالسوق المصري، بالإضافة إلي أن هناك شركات خري تقوم بالشراء خلال الوقت الحالي، وفي الفترة المقبلة أيضاً. ومن أحدث الشركات التي أعلنت عن نيتها لشراء أسهم خزينة شركة "مينا فارم للأدوية والصناعات الكيماوية"، حيث أعلنت الشركة يوم الخميس الماضي أنه قرر مجلس الإدارة بعد التشاور تجديد طلب شراء أسهم الخزينة واتفق المجلس علي وضع إطار للشراء كالتالي سعر تقريبي في حدود 50-30 جنيهاً لشراء 300 الف سهم - 500 ألف سهم، وذلك بعد موافقة الجهات المعنية وحسب تطور سعر السهم انخفاضاً وارتفاعا مابين القيمتين وفي حدود القيمتين علي أن يكون التمويل ذاتياً لدعم استقرار سعر السهم بسوق الأوراق المالية خلال المدة القادمة وقد فوض مجلس الإدارة الدكتور وفيق البرديسي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب والدكتور عمرو الشبراويشي نائب رئيس مجلس الإدارة للقيام بعملية شراء أسهم خزينة طبقا للبرنامج المحدد. يري محمد سعيد مدير البحوث في شركة "آي دي تي" للاستشارات والنظم أن السوق المصري شهد مبادرة الشركات المقيدة بالبورصة بعد عودة التداولات لشراء أسهم الخزينة كإحدي الأوراق الرابحة والمهمة في تحفيز الطلب علي الأسهم فهي تزيد الطلب علي أسهم الشركة وبالتالي تقلل الضغط السعري عليها، ومن ناحية أخري فإنه يعكس ثقة إدارة الشركة في أداء سهمها وتقييمها للسهم بأعلي مما يتداول عليه كسعر سوقي وتستطيع الشركات بعد انتهاء الأزمة وعودة السوق للتداول بشكل طبيعي أن تعيد بيع أسهم الخزينة التي اشترتها بأسعار أفضل من أسعار الأزمة محققة بذلك ربحاً رأسمالياً يعود علي الشركة، وبالتالي علي مساهميها. ويوضح سعيد أن عملية شراء أسهم الخزينة قد يكون لها آثار سلبية علي أداء الشركة المالي بسبب استهلاكها للسيولة المتاحة للشركة والتي من المفترض استثمارها في النشاط الأساسي للشركة أو حتي في القيام بتوسعات في هذا النشاط إذا كانت لدي الشركة خطط للتوسع، ولذلك فإن شراء أسهم الخزينة - ومثله أيضاً عملية توزيع الكوبونات العالية - قد يكون مؤشراً لافتقار إدارة الشركة لنظرة توسعية لنشاطها. وعلي الرغم من أن التطورات السياسية التي تشهدها مصر خلال الأسابيع الأخيرة، يقول محمد سعيد أنه قد فاجأت الشركات والتي من المؤكد أنها لم تكن تحتفظ بنسب سيولة عالية للقيام بهذا الدور إلا أن الانخفاض الحاد الذي شهدته أسعار الأسهم المصرية أثار شهية الشركات التي تثق في سهمها وأداء شركتها فوجدنا إقبالاً جيداً للعديد من الشركات بالإعلان عن شراء كميات كبيرة من أسهمها المطروحة بالسوق كأسهم خزينة وهنا لعبت السيولة المتاحة لدي الشركة دورها في تمكين الشركة من القيام بهذا الدور والذي لابد أن ينعكس بالإيجاب علي حاملي أسهم الشركة ويحفزهم علي التمسك بأسهمهم وعدم التسرع ببيعها ضمن حالة الذعر والأسعار المتدنية. ويوضح ولاء حازم نائب رئيس إدارة الأصول بشركة "إتش سي" للأوراق المالية والاستثمار أن شراء الشركات لأسهم الخزينة يتوقف علي مدي توافر السيولة أو عدمه لديها، ومن ثم لا يستطيع أحد أن يطلب من الشركات أن تقوم بشراء أسهم خزينة من السوق، فقد تكون السيولة المتاحة لدي الشركات تكفي لخططها الاستثمارية، لافتاً إلي أنه قد ترفض بعض الشركات دعم سهمها بالسوق علي حساب خطتها ومشروعاتها أو منتجاتها، ومن ثم فالقرار تحدده الشركة، وإذا وجدت أن لديها سيولة فائضة، ورأت أن هذه فرصة استثمارية جيدة فلا بأس في ذلك، ولكن ليس علي حساب النشاط الرئيسي للشركة كما ذكرنا آنفاً. ويشير وائل جودة خبير أسواق المال إلي أن الاقتصاد المصري يمر بأزمة، ولذلك فالسيولة مهمة للغاية في الوقت الراهن، ومن ثم فالشركات التي لديها سيولة ستكون حريصة للحفاظ عليها، لممارسة أنشطتها وكفاية حاجة العمالة