يبقي الجنيه المصري حائرا في السراء والضراء بين مستقبل غامض لا يحمل في طياته استراتيجية واضحة المعالم لإخراجه من مأزقه المزمن وبين زوابع محلية وعالمية بسبب حرب العملات تزيد من ترنحه فالصورة التي يتناول بها قضية ارتفاعه وانخفاضه أمام الدولار تبدو رؤية واستقراء قصير المدي ولا تضع توصيفا صحيحا لحالة "الرجل المريض" فالموقف بحسب الخبراء يتم اختزاله في تأثيرات الأحداث الآنية فعندما يتحدث الجميع عن أن تأثيرات تبعات ضربات قطاع السياحة والبورصة علي قيمة الجنيه كبيرة غافلين عن تأثير الخفض العمدي لقيمته علي مدار السنوات الماضية تحت ضغوط المصدرين علي البنك المركزي الذي نفي ذلك مرارا وتكرارا رغم سياسة تركيم الاحتياطات التي انتهجها خلال الفترة الأخيرة خلال عامي 2009 و2010 لتحقيق ميزة نسبية للصادرات مصحوبة بفجوة في الواردات التي أطاحت بقيمة الجنيه وجعلته يتراقص علي سلالم متحركة. الوضع المستقبلي يعكس مزيدا من الضغوط علي الموارد السيادية التي تعتبر المصدر الرئيسي للدولار في اقتصاد ريعي لم يحقق أي دعم لقطاع التصدير، والمتمثلة في تحويلات المصريين في الخارج والسياحة، والتي تأثرت بشدة خلال الفترة الماضية بسبب الاضطرابات السياسية داخل البلاد، وتلك العوامل مازالت تلقي بظلالها علي سعر صرف العملة صرف العملة المحلية. التقارير البحثية المحلية والدولية أطلقت العنان لاستقرار بعيد المدي فبينما ذكر تقرير لموديز أن طول فترة الاضطرابات ممثلة في المطالب الفئوية تقوض قوة المؤسسات المصرية، وتزيد المخاطر علي المدي القصير، وقد تلجأ علي إثر ذلك إلي تخفيض تصنيفها لسندات المصرية، مما يزيد من تكلفة اقتراض مصر. قال تقرير آخر حديث صادر عن البنك الاستثماري سي آي كابيتال إن احتياطي النقد الاجنبي تراحع خلال شهر مارس إلي 30،1 مليار دولار، ليسجل أدني قيمة له منذ مستواه في عام ،2007 مشيرا إلي أن سبب ذلك هو انخفاض في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، مع استمرار البنك المركزي المصري لدعم العملة المحلية وقال التقرير إن التراجع المتوقع للقطا الخارجي المصري خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، سيؤثر علي قيمة العملة المحلية بشكل كبير، وهو ما سيدفع البنك المركزي إلي ضخ مزيد من الدولارات في السوق لكي يحافظ علي سعر العملة المحلية، وهو ما قد يؤدي إلي وصول احتياطي النقد الأجنبي إلي 27 مليار دولار بنهاية العام المالي الحالي. وأعلن البنك المركزي خلال شهر فبراير الماضي أنه تدخل لدعم الجنيه، وهو ما ساعد العملة المحلية علي الارتفاع مقابل الدولار، بعد أن اقترب من 6 جنيهات. وفقد احتياطي النقد الأجنبي لدي البنك المركزي نحو 6 مليارات دولار منذ بداية العام الحالي، ووصل إلي 30 مليار دولار بنهاية مارس الماضي. معدلات الدولرة ظاهرة الدولرة التي طالما أصر المسئولون علي أن حدوثها من رابع المستحيلات وأنه ماض وولي إلي غير رجعة يبدو أنها الآن في طور التحقق فتقرير وزارة المالية الأخير قال إن معدلات الدولرة في جملة السيولة المحلية ارتفعت لتصل إلي 17،8% نهاية فبراير 2011 مقارنة ب216،6% خلال الشهر السابق عليه، بينما انخفضت مقارنة ب18،1% في فبراير ،2010 وكذلك ارتفعت معدلات الدولرة علي الودائع خلال شهر فبراير 2011 إلي 24،1%، مقارنة ب22،4% خلال الشهر السابق، ومقارنة ب23،4% خلال نفس الشهر من العام السابق. أما بشائر تراجع الودائع فقد بدأت تلوح ملامحها في الأفق فحجم الودائع بالقطاع المصرفي خلال شهر فبراير الماضي تراجع بنحو 971 مليون جنيه ليصل إلي 943،729 مليار جنيه مقارنة نحو 944،700 مليار جنيه نهاية