تتجه الأنظار إلي مستقبل "الجنيه المصري" بعد عدد من الضربات التي تعرض لها وأصبح يلقب "بالرجل المريض" الذي يجني عليه الكل لتحقيق مكاسبهم الشخصية والأحداث هنا ليست منذ سنوات لكنها تتعلق بسياسات تركيم الاحتياطات الدولية التي عمد إليها المركزي من أجل زيادة تنافسية الصادرات ورغم ذلك لم يتحقق ذلك لأن السياسات التقشفية التي تنتهجها الدول الأوروبية قلصت من هذه الفرص وجاءت حرب العملات الصينية والأمريكية لتوجه ضربة جديدة للجنيه واختتمتها بالتغيرات السياسية التي نجمت عن الثورة ولكن في النهاية وفي تحليل بعيد المدي يبقي التساؤل المطروح ماذا سيحدث للجنيه المصري؟ الخبراء اختلفوا في قراءة المستقبل وفي تحديد منابع الضعف والقوة إلا أن الرؤية الثابتة قالت إنه يجب أن تكون هناك نظرة بعيدة المدي ترتكز إلي سياسات اقتصادية رشيدة تعمل علي دعم الجنيه وزيادة قدرته التنافسية واستخدام سلة من العملات وغيرها من الروشتات التي ساقها الخبراء. يؤكد الخبير المصرفي عبدالرحمن جاب الله أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان أن الاقتصاد المصري من الاقتصادات ضعيفة البنية التي لا تقوي علي الصمود أمام الأزمات، وإذا عرفنا أن الايرادات الرئيسية للنقد الأجنبي تأتي من أربعة مصادر وهي السياحة التي بلغت ايراداتها نحو 13 مليار دولار، وثانيها بيع المواد الهيدروكربونية التي بلغت نحو 11 مليار دولار، ثم تحويلات العاملين في الخارج التي هبطت إلي 7،6 مليار دولار، ثم رسوم مرور البواخر من قناة السويس والتي ارتفعت إلي 4،7 مليار دولار وفقا لاحصاءات 2010. مشيرا إلي أن هذه الموارد لا تتسم بالقوة والصلابة ولا تقوي علي الصمود أمام العواصف الكبري كعاصفة ثورة الشباب التي ألحقت أضرارا بالغة في كل مورد من هذه الموارد، وأدت إلي تراجع العديد من القطاعات الإنتاجية والخدمية نتيجة للتوقف عن العمل إبان الانتفاضة مما سيترتب عليها في الأمدين القصير والمتوسط انخفاض في معدلات النمو وارتفاع في معدلات التضخم. تقول د. بسنت فهمي مستشار بنك البركة مصر إن الجنيه المصري سيشهد مرحلة من التذبذب علي المدي القصير متأثرا بالأحداث الجارية في الشارع المصري وغياب الاستقرار وتؤكد علي عدم استقرار قيمة الجنيه خلال الفترة الحالية بالرغم من التدخل الأخير للبنك المركزي لمنع المضاربة علي الدولار والحفاظ علي الجنيه وكان من المفترض اتخاذ حزمة مختلفة من الإجراءات وتؤكد علي عدم قلقها علي قيمة الجنيه متوقعة ارتفاع قيمة الجنيه علي المدي الطويل مع الإدارة السليمة للاقتصاد المصري بعد التخلص من جميع أشكال الفساد ومظاهر الاحتكار التي تغرق الاقتصاد المصري علاوة علي استغلال الفرص الاستثمارية الكبيرة التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني ولم نستفد منها حتي الآن. وتضيف بسنت أن قلق مسئولي السياسات النقدية علي قيمة الجنيه نابعة من مخاوفهم من تأثر عمليات طرح أذونات الخزانة سلبيا وكذلك الاقتراض من الخارج وتؤكد علي أن انخفاض قيمة الجنيه تمثل حماية للسوق المصري من هجمة البضائع الصينية الرخيصة وتستبعد حدوث انهيار في قيمة الجنيه نظرا لثبات مصادر العملة الصعبة سواء من قناة السويس وتحويلات العاملين بالخارج واحتياط البنك المركزي وهي لم تتأثر كثيرا بالأحداث الجارية علاوة علي أن الصادرات المصرية لم تنخفض بمعدلات كبيرة وتراجع ايرادات السياحة تم تعويضها بارتفاع أسعار البترول وتبدي بسنت تفاؤلها بالفترة القادمة والتغييرات الحادثة حاليا مشيرة إلي أن النمو الاقتصادي الذي حققته مصر خلال الفترة الماضية لم يحقق التنمية المطلوبة.