هل يصلح من تسبب في أزمة البورصة الحالية أن يستمر في قيادة السوق؟ وبشكل خاص في الجهات الرقابية التي تعلم تماماً بمشكلة الكريديت والائتمان غير المنظم، كتبنا عشرات المرات وفي كل مرة نؤكد أن الكريديت لا يشعر به أحد والسوق في حالة صعود.. أما إذا اتجه السوق للهبوط فإنه يمثل كارثة.. ولم يستجب أحد لنداءات تكررت علي مدار 10 سنوات، بل إن المأساة الكبري هي الأوامر علي بياض التي تصاحب الكريديت، والكل ينفي وجود الأوامر علي بياض وكأنها لهو خفي رغم أن وجودها حقيقة مؤكدة. حكاية الكريديت بدأت منذ أكثر من 10 سنوات بمنح شركات السمسرة تمويلاً لعملائها بضمان محافظهم لشراء أسهم، وفي هذه الحالة هناك طمع مزدوج من شركات السمسرة لزيادة عوائدها من العمولات بأقل مخاطر لأنها تجبر العميل علي توقيع أوامر علي بياض وهي مشابهة تماماً للشيكات علي بياض، وبالنسبة للعملاء فإن اتجاههم للحصول علي كريديت لتعويض خسائرهم أو لتحقيق أرباح هو حالة من الطمع ترفع نسبة المخاطر التي يتحملونها بنسبة 100%، والمشكلة هنا أن قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 يجرم الكريديت بل إنه يدخل في صلاحيات العمل المصرفي الذي ينظمه البنك المركزي، كما أن الأوامر علي بياض جريمة. وأصبح الوضع في سوق المال هو وجود مخالفة صريحة للقانون تحدث في أغلب الشركات وهيئة سوق المال أو هيئة الرقابة المالية حالياً لا تسمع ولا تري ولا تتكلم، وتعاملت مع الوضع افعلوا ما تشاءون في السوق ولكن من يتم ضبطه بمخالفة الكريديت أو الأوامر علي بياض ستتم معاقبته وكأنها جريمة لا تمارسها أغلب شركات السمسرة، والآن أصبح وضع الكريديت يمثل ضغطا هائلا علي السوق إذا تم فتحه بدون حلول لمنع شركات السمسرة من قيامها ببيع أسهم عملائها الحاصلين علي كريديت عن طريق وجود أوامر علي بياض تمكنها من عمل أي شيء. الهيئة كانت قد أكدت أن كل أمر يجب أن يكون موقعاً من العميل مرتين للقضاء علي مشكلة الأوامر علي بياض، أي أن الشركة قبل أن تبيع للعميل يجب أن يوقع مرة ثانية علي الأمر، وبالتالي لن تستطيع الشركات استخدام الأوامر علي بياض التي في حوزتها.. ولكن كل شركات السمسرة أكدت أنها لم تستلم أي منشور من هيئة الرقابة المالية بضرورة وجود توقيعين للعميل علي أوامر البيع. ونؤكد هنا التساؤل الذي طرحناه في البداية: هل يصلح المسئولون علي السوق في هيئة الرقابة المالية للاستمرار خصوصا أنهم كانوا جزءاً من أزمة السوق؟ اختبأ أحمد سعد كمستشار لوزير الاستثمار وهو رئيس سابق للهيئة وجاء بمعاونه في جامعة القاهرة أشرف الشرقاوي ليكون نائبا لرئيس الهيئة والحقيقة أن أحمد سعد هو من يدير الجزء الخاص بسوق المال في هيئة الرقابة المالية. وفي عهد أحمد سعد حدثت جريمة "أجواء" والتلاعب بأسهم المستثمرين، كما حدث الاتفاق بين نجيب ساويرس وشركة فرانس تليكوم فيما يخص شركة موبينيل، وبمقضتي هذا الاتفاق ضاعت علي صغار المستثمرين فرصة بيع سهم موبينيل بسعر 245 جنيها، مقابل أن تحصل شركة أوراسكوم تليكوم التي يملكها ساويرس علي 300 مليون دولار وأن تظهر نتائج موبينيل في قوائم فرانس تليكوم، وأن يكون الحد الأقصي لسعر سهم موبينيل في الاتفاقية خلال 3 سنوات عند 230 جنيهاً، وفي عهد أحمد سعد أيضا تواصلت عمليات التلاعب في السوق، وشركات يتم الموافقة علي تجزئة أسهمها وأخري يتم رفضها رغم أن ذلك مخالف للقانون وفي النهاية إصلاح سوق المال يقتضي ضرورة خروج المسئولين السابقين عن السوق وضخ دماء جديدة لا تعين عن طريق المعرفة والصداقة، بل بالكفاءة فقط، حان وقت التغيير في السوق ليصبح أكثر عدالة بين المستثمرين وأن يتم تعديل القانون ليصبح أكثر قوة في مواجهة المتلاعبين، أما عودة البورصة للتداول فهي ضرورية للغاية، وفي المقابل توفير أموال لا تقل عن 500 مليون جنيه سواء الدعم الذي قدمته وزارة المالية بقيمة 250 مليوناً أو من صندوق المخاطر لتقليل حجم مشكلة الكريديت.. وعندها تكون عودة التداول بأقصي سرعة ضرورية ومنطقية. وهناك ضرورة أيضا لإعطاء الفرصة لخبراء السوق لمن يملكون القدرة علي قيادة سوق المال بدلا من تعيين الأصدقاء والمقربين، حان وقت التغيير في سوق المال. [email protected]