مابين ليلة وضحاها تتغير الظروف والملامح وثورة 25 يناير نجحت في تحقيق التغيير الشامل الذي يطمح له كل المصريين، خاصة في إعادة ترتيب العمل داخلها ولاسيما أن وزارة التجارة والصناعة أحد أبرز ملامح الفترة السابقة وواجهت العديد من الانتقادات والاتهامات ولا سيما أن وزيرها السابق رشيد محمد رشيد تم التحفظ علي أمواله ومنعه من السفر وهو قيد التحقيق الآن. "الاسبوعي" يناقش في التحقيق التالي الاتهامات والانتقادات الموجهة للوزارة في مرحلة ما قبل الثورة وكيفية تلافيها خلال العهد الجديد لمصر وأولويات المرحلة القادمة ؟ يقول عادل العزبي نائب الشعبة العامة للمستثمرين بالاتحاد العام للغرف التجارية ان اشكال الفساد والانحراف كانت السمة الأساسية في مصر خلال العهد المنقضي والذي عم أنحاء كثيرة من الجهات الحكومية ولم يقتصر علي وزارة التجارة والصناعة فقط. ولذلك لم يكن العيب في الوزارة بقدر الثقافة السائدة في المجتمع المصري، وحول الانتقادات التي توجه لصندوق دعم الصادرات أكد العزبي علي أن قواعد دعم الصادرات لم تكن منضبطة بالشكل المطلوب وكان يمكن ضبطها بصورة أفضل بحيث يكون ذلك الدعم داخل إطار محدد حتي تكون الفائدة للمجتمع كله وكان يفترض أن تعتمد قواعد دعم الصادرات علي أساس القيمة المضافة للتصدير مشيرا إلي أن الصادرات تحصل علي دعم بملايين الجنيهات بغض النظر عن نسبة المكون المحلي ويتم الاستيراد بتخفيضات جمركية ويعاد تصديرها بدعم صادرات من الدولة بما يعني دعم ومساندة المنتج الأجنبي. ولفت العزبي لنقطة مهمة وهي ضرورة تقليص الإدارات العديدة بوزارة التجارة والصناعة ودمج الإدارات المتشابهة بدلا من التشرذم الواسع ومن الممكن تقليص الإدارات بالوزارة للنصف تماما لحوالي 15 ادارة بدلا من 30 إدارة علاوة علي أهمية القضاء علي موضة المستشارين التي ملأت أركان الجهات الحكومية والتي بدأها وزير المالية السابق يوسف بطرس غالي واغلبها بغرض المجاملة ويتقاضون رواتب ضخمة بدون عمل فعلي ملموس. ويستطرد العزبي مؤكدا علي أنه ليس من الانصاف الحديث عن سلبيات فقط دون الاشارة إلي الإيجابيات في قطاع التجارة والصناعة خلال السنوات السابقة مثل إنشاء كل من هيئة التنمية الصناعية وتطوير التجارة الداخلية وكان لهم أثر ملموس في مجال تطوير الفكر الصناعي والتجاري ساعدت في جذب نسبة عالية من الاستثمارات سواء علي المستوي الوطني أو العربي أو الدولي. وكذلك والكلام للعزبي ليس هناك جدل أن توقيع عدد من الاتفاقيات التجارية مع أطراف أجنبية شكلت عاملا لزيادة المزايا التنافسية للسلع المصرية عند تصديرها مما ساعد علي اتساع الأسواق الخارجية أمام السلع المصرية. ويضيف عادل العزبي أن هناك بعض التجاوزات أو القيود أو التلكؤ في بعض الإجراءات في قطاعات التجارة والصناعة ولكن يعود ذلك للجو العام الذي ساد في مصر خلال السنوات الطويلة الأخيرة من تسيب واهمال وعدم اكتراث خاصة لدي الموظف الحكومي الذي لم يتم تأهيله بأسلوب عصري يتوافق مع التطورات المتلاحقة علي مستوي العالم ككل. وردا علي الانتقادات الموجهة لسياسة السلاسل التجارية الأجنبية التي غزت السوق المصري أكد العزبي علي أن دخول الاستثمارات الأجنبية أمر جيد حيث إن قطاع الاعمال الخاص لم يستطع أن يسد الفراغ الموجود في السوق وخاصة في قطاع التجارة الداخلية مشيرا إلي أن هناك تجربة محسوسة في هذا الشأن وهي بيع سلسلة متاجر لعمر أفندي لمستثمر عربي وما شاب عملية البيع من قصور كبير وكان من المفترض تجمع أصحاب الافكار والمستثمرين المصريين ليشكلوا تكتلا لشراء محال عمر أفندي واستغلالها بشكل جيد وخاصة أنها منتشرة في جميع أنحاء الجمهورية ويشير إلي أن وجود الاستثمار الأجنبي في مصر يدفع القطاع الخاص للغيرة والمنافسة وهناك نقاط تاريخية مضيئة في هذا الشأن ومنها وجود المنطقة الحرة ببورسعيد والتي أثارت الغيرة في أصحاب رؤوس الأموال المصرية وإنشاء مصانع واقامة صناعات عديدة وبلغ بنا الامر بوجود صناعات وطنية راقية داخل السوق المحلي ومنها صناعة السيراميك والسجاد والاثاث والأدوات الصحية. ويحدد العزبي الخطوات المطلوبة خلال الفترة من وزارة التجارة والصناعة وتتمثل في تنقية التشريعات والقوانين المتعلقة بالصناعة والتجارة والموجودة منذ سنوات طويلة ولم تعد صالحة للمرحلة وكذلك تحرير منظمات القطاع الخاص من سيطرة الدولة بمعني جعل جميع ممثلي القطاع الخاص في اتحاد الصناعة عن طريق الانتخاب وليس التعيين كما يحدث حاليا ونكتفي بتعيين مجلس امناء ومجالس الإدارة يكون من خلال الانتخاب ولابد من تنقية القواعد واللوائح التي تحكم أسلوب البيع والتعاقد بحق الانتفاع للاراضي سواء لاغراض الصناعة او التجارة ومن المهم ايضا تنقية جميع الاتفاقيات التجارية المبرمة بحيث يتم الاحتفاظ بالاتفاقيات الفاعلة والتخلص من التي تشكل عبئا علي الدولة علاوة علي تحديد دور فاعل من حيث المساندة الحقيقية والخدمة الرشيدة لمكاتب التمثيل التجاري، مستوي العالم وإيجاد نوع من الصلة المستمرة بين منظمات الأعمال وهذه المكاتب بأسلوب غير بيروقراطي ويتم الاتفاق عليها من خلال حوار بين هذه المنظمات وجهاز التمثيل التجاري وطالب العزبي وزارة التجارة والصناعة العمل بسرعة لاعادة بحث التشريعات واللوائح الخاصة بالاحتكار والاغراق وحماية المستهلك علي ضوء التجارب السابقة وإجراء ما يلزم للحفاظ علي المنتجات المصرية بما فيها مواصفات الجودة والمعايير القياسية ومطالبا أيضا بسرعة ايقاف الاضطرابات والاعتصامات الفئوية بحيث يفهم منظموها أن الوقت الحالي غير مناسب ولابد من اعطاء مهلة 6 أشهر حتي تتبين الأمور لأن الوقت الحالي ليس بتحميل المزيد من الاعباء علي المجلس العسكري. شلة المستشارين د. فرج عبدالفتاح أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ضرورة إعادة النظر في سياسة وزارة التجارة والصناعة والتي كانت تتبعها الوزارة السابقة مشيرا الي الممارسات الفاسدة التي شابت بعض القطاعات بالوزارة منها ما شهده صندوق دعم الصادرات من انحرافات وفساد تحقق فيه الجهات المختصة حاليا وهناك ثقة كبيرة فيما ستنتهي إليه مؤكدا أهمية إعادة النظر في مركز تحديث الصناعة وبشكل فوري لأنه مثل بابا لتوزيع المزايا والمميزات النقدية والغريب في الأمر أن ذلك يتم وفقا للقانون. وأضاف أنه يجب أن يدرك الجميع اننا نعيش الآن في شرعية ثورية ولابد من التخلص من "شلة المستشارين" والتي توغلت داخل أركان الحكومة تحت شعار المجاملة والعلاقات الشخصية ويتقاضون رواتب هائلة بدون دور واضح. ويضيف عبدالفتاح أنه منذ عام 1993 وبعد توقيع مصر علي مقررات جولة اورجواي وإنشاء منظمة التجارة العالمية في أول يناير 1995 اتجهت السياسة الاقتصادية المصرية لعملية تحرير واسعة للاستيراد من الخارج واغدقت علي المصدرين بالدعم والمساندة ووصلت قيمته في آخر موازنة عامة ل 4 مليارات جنيه وصارت هناك حاجة فعلية لتغيير هذه السياسة والتراجع عنها وخاصة ان هناك بنودا بالاتفاقية الدولية تسمح لنا بالتراجع في التحرير وفقا لنظم التجارة العالمية بشكل مؤقت ولذلك لابد من وضع قيود علي الواردات من الخارج لان ذلك يحقق هدفين توفير النقد الاجنبي وتشجيع الصناعة الوطنية وهناك سلع استفزازية يتم استيرادها ليست مطلوبة وهناك سلع أخري ضرورية من الممكن إنتاج مثيل لها ويأتي في مقدمة هذه السلع القمح وشدد علي اهمية قيام وزارة التجارة والصناعة بفحص التعريفة الجمركية علي جميع السلع المستوردة . إعادة النظر وتقول د. نوال التطاوي وزيرة الاقتصاد الاسبق أن كل مرحلة ولها أولوياتها الخاصة ومصر حاليا تمر بفترة غير مسبوقة تحتاج إلي إعادة النظر في كثير من الأمور التي كنا نسير وفقها خلال الفترة الماضية مؤكدة أهمية اعلاء قيمة العمل وتسريع عجلة الإنتاج في الاقتصاد المصري واستغلال جميع الطاقات الموجودة بالشكل الامثل. وتقترح التطاوي إنشاء هيئة تابعة لوزارة التجارة والصناعة تكون مهمتها إجراء مسح صناعي لمعرفة الطاقات الإنتاجية الموجودة ولاسيما العامل منها والمعطل وإمكانياتها ونوعية الدعم الذي تحتاجه سواء كان فنيا أو ماليا أو تمويلا لحسن استغلال الطاقات الموجودة وعمل قاعدة معلومات كاملة عن احتياجات ومتطلبات السوق بحيث تتوافر لدي المستثمر الدراية الكاملة بالسوق الداخلي والخارجي وطرق مجالات وقطاعات يحتاجها السوق والعمل علي استغلال أفضل للموارد وتشير إلي ضرورة تفعيل دور الأجهزة الرقابية علي الأسواق لإيجاد حالة من الاستقرار في الأسعار ولا سيما بعد نجاح ثورة 25 يناير مطالبة بزيادة الأجور لأنه مهما كانت الزيادات في الأجور فلن تؤثر إيجابيا مادامت هناك زيادة في الأسعار موضحة أن المحافظة علي الأسعار يتم عن طريق أدوات تتماشي مع آلية الاقتصاد الحر.