كتبت يوم الثلاثاء الماضي مقالاً بعنوان (مصر تتغير) حيث ذكرت فيه بالفعل تغيرات ملامح الدولة المصرية. ورصدت بعض هذه الملامح بشكل تراكمي متسلسل علي النحو التالي: تعيين اللواء عمر سليمان نائباً لرئيس الجمهورية. وإقالة مجلس الوزراء، وتكليف د. أحمد شفيق رئيساً لمجلس الوزراء الجديد. واستقالة أحمد عز من الأمانة العامة للحزب الوطني الديمقراطي. وإعلان رئيس الجمهورية عن عدم نيته للترشيح خلال الفترة القادمة. والإعلان عن عدم النية في التوريث وعدم ترشيح أحد من عائلة الرئيس مبارك.. رئيساً للجمهورية. والإعلان عن فتح تحقيق شامل لما حدث من انفلات أمني. ثم ما حدث من تجاوزات أدت إلي الصدام الذي حدث بميدان التحرير يوم الأربعاء قبل الماضي. والإعلان عن منع سفر كل من: أحمد عز (أمين التنظيم بالحزب الوطني) وحبيب العادلي (وزير الداخلية السابق) وزهير جرانة (وزير السياحة السابق) وأحمد المغربي (وزير الإسكان السابق)، ثم رشيد محمد رشيد (وزير التجارة والصناعة).. وتجميد أرصدتهم في البنوك. وإضافة إلي ما سبق، تم تشكيل لجنة صياغة تعديل الدستور، ثم اللجنة القانونية لتقصي الحقائق في الأحداث الأخيرة حول ما حدث من تجاوزات ضد أبناء هذا الوطن. وأخيراً تنحي الرئيس حسني مبارك عن منصبه كرئيس للجمهورية. هذا لابد من التذكير به لأنني أظن أن الأمر سوف يتحول إلي حالة من الصخب السياسي والإعلامي. وأعتقد أننا نتفق أن شباب المتظاهرين الذين بدأوا احتجاجهم بشكل سلمي هم أصحاب كل تلك الإنجازات التي تمثل طموحات سياسية لم يكن يتوقعها العديد من نخبتنا السياسية. وما أقصده أن هذه الإنجازات هي إنجازات الشباب التي أقرت بها الدولة المصرية. ولم تكن ضمن طموحات السياسيين المصريين.. خاصة الأحزاب السياسية.. فقد كانت مطالبهم أقل كثيراً مما تم، كما أن ما يحدث من فتح ملفات فساد.. لم يكن من المتصور في وقت من الأوقات الاقتراب منها ولو من بعيد. أتمني الدخول مباشرة بشكل سريع في مرحلة إعادة صياغة ملامح مرحلة (مصر الجديدة).. لقد تم استنزاف طاقة المجتمع المصري خلال الأسبوعين الماضيين بشكل غير مسبوق نفسياً واجتماعياً. ولكن تظل مكتسبات المتظاهرين واقعاً لن يتم التراجع عنه أو استبعاد بعضه.. فالوعي السياسي الجمعي لجميع المصريين لن يقبل بعد ذلك بأي تهاون أو تنازل في المكاسب التي حققها. وأعتقد أنه من المفيد أن يعود الاستقرار إلي المجتمع.. ونبدأ العمل علي جميع المستويات لإعادة بناء مرحلة جديدة. يا سادة لقد تغيرت ملامح الدولة المصرية خلال الأسبوعين الماضيين بشكل سلمي.. بشكل يفوق ما تغيرته الدولة المصرية في تاريخها السياسي كله. وهو انجاز يجب استثماره بشكل إيجابي لتحقيق جميع الطموحات السياسية لتجديد ملامح دولة مصرية جديدة. إن الحفاظ علي هذا التغيير هو مسئولية وطنية لكل المواطنين المصريين.. خاصة إذا التزمنا بالحفاظ علي أسس وقواعد الدولة المدنية المصرية.. دولة المستقبل.. دولة المواطنة المصرية الحقيقية التي يتساوي فيها الجميع.. بضمان قانوني ودستوري.