اتفق الخبراء علي أن وضعية البحث العلمي لا ترقي إلي مكانة مصر بين الدول، وحذروا من خطورة الاستمرار في تجاهل هذا المجال المهم، مطالبين بضرورة توفير التمويل اللازم للانفاق علي الأبحاث، وبما يعكس القيمة العادلة من الميزانية لهذا القطاع بين مختلف القطاعات الأخري، وحتي نستطيع أن نبحث الأمل في امكانية تحسن وضعية مصر في المستقبل. كما شددوا علي أهمية أن تخصص الدولة وزارة مستقلة للبحث العلمي وأن تضع لها استراتيجية تمتد لنحو 15 عاما علي الأقل، وربط الأبحاث العلمية بمجالات الإنتاج لتعظيم الاستفادة من المخرجات، وحث القطاع الخاص علي المشاركة في تمويل الأبحاث العلمية أسوة بما يحدث في دول العالم الأخري. بداية يؤكد الدكتور فاروق اسماعيل رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشوري ورئيس جامعة القاهرة الأسبق والجامعة الكندية حاليا إن مستقبل ومسيرة البحث العلمي في مصر غير مبشرة علي الاطلاق لأنها تحتاج لاعتمادات مالية وميزانية ضخمة، والدليل علي ذلك أن الدولة تخصص نسبة ضئيلة للبحث العلمي في عام 2010 من الناتج القومي لا تتجاوز 0،2% مقارنة بدول العالم التي تسير نحو النمو. مضيفا أن أغلب الباحثين المصريين نجدهم موجودين بنسبة 70% بالجامعات، و30% بالمراكز والهيئات البحثية ولا يحصلون علي الرواتب المناسبة من أجل القيام بمهام عملهم، فنجدهم يبحثون عن أعمال اضافية لتعويضهم مقابل نفقات الحياة، فنجد الأساتذة والباحثين لا يتواجدون في مقر عملهم الرسمية سوي ساعة أو ساعتين ومن المفترض أن يتواجدوا بالجامعات والمراكز البحثية من 6 إلي 12 ساعة، ومرتب الاستاذ يصل إلي 3 آلاف جنيه والباحث يتقاضي نحو 800 جنيه ويكشف عن هروب الأجيال الجديدة من الباحثين من هذه المراكز والجامعات إلي أماكن يحصلون منها علي أجور أفضل قد تصل إلي نحو 4 آلاف جنيه، لافتا إلي أن النابغين من الباحثين حينما يذهبون للخارج ينجزون في أبحاثهم ويصبحون متميزين أكثر من أبناء الوطن بالداخل لأنه يتوفر لديهم كل التسهيلات التي يحتاجونها من أجل الابتكار. القطاع الخاص ويشير رئيس لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس الشوري إلي أن البحث العلمي في مصر يحتاج إلي استراتيجية ضخمة مدتها لا تقل عن 15 عاما وبميزانية لا تقل عن 2% من الناتج القومي المحلي سنويا قابلة للزيادة مضيفا أنه من الضروري أن يسهم القطاع الخاص الصناعي مع الحكومة في الاستعانة بالباحثين من أجل المساهمة في تطوير عملية الإنتاج وحل مشاكل الصناعة، كما أنه من الضروري أن يتم تحسين دخول لباحثين سواء من الحكومة أو القطاع الخاص إلي جانب ضرورة العمل علي عودة الثقة للأساتذة والباحثين في جامعاتهم. ويلفت الدكتور اسماعيل إلي أن عدم حصول مصر علي جوائز عالمية في مجال الأبحاث العلمية يرجع إلي أننا لا نقوم بإنتاج منتج يستفيد منه العالم، وليس لدينا فكر بحثي مطبق بالمصانع وإنما نجد الأفكار حبيسة الأدراج، وهو ما نجد عكسه في جميع الدول المتقدمة من دول أوروبا ودول جنوب شرق آسيا، فهذه الدول لديها الفكر والابتكار والتسويق التجاري الجيد، كما أن براءات الاختراع لديها تقوم علي أساس علمي دقيق وله هدف علي العكس مما يحدث في مصر حيث المبادرات فردية وتعتمد علي مواهب متفرقة لا يجمعها أو يوجهها نظام للبحث العلمي مشيرا إلي أنه من الواجب علينا أن نواجه الحقيقة ولا نتواري منها وهي ضرورة اصلاح العملية التعليمية وتوفير الامكانيات لذلك. من الصفر! من جانبه يوضح الدكتور سمير رضوان عضو مجلس الشعب ومستشار الرقابة المالية وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني بأن مصر تسرع للإنطلاق في مجال البحث العلمي بشكل أسبرع من ذي قبل ولا ننسي أنها تبدأ من نقطة الصفر وأن إجمالي ما تنفق عليه في البحث العلمي يقدر بنحو 0،2% مقارنة بدولة كالصين تنفق مقدار 6% علي البحث العلمي من إجمالي دخلها القومي الذي يتعدي مليارات الدولارات. ويرجع الدكتور رضوان هذا التراجع الذي يوجد في مصر تجاه البحث العلمي إلي أننا لا نملك منظومة واضحة للعمل، ولا نستفيد من تجارب الدول الناجحة ويشدد علي الحاجة إلي توجه قومي لتشجيع البحث العلمي لايجاد حلول للكثير من المشكلات التي تحيط بنا ومنها مشكلة القمامة، والمواصلات، واختراع مواد تحفظ المباني السكنية من شدة