تعد منظمة الشفافية العالمية التي تم تأسيسها في عام 1993 وتتخذ من مدينة برلين مقرا لها، واحدة من أهم المنظمات غير الحكومية المعنية برصد الفساد في جميع دول العالم وتصدر المنظمة لقياس وتفعيل هذا الأمر تقريرا سنويا يعتمد علي العديد من التقييمات واستطلاعات الرأي التي تقوم بها هيئات متخصصة ومستقلة، حيث تقوم برصد مواقف وتعاملات الحكومات مع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في دولها، وتمنح نقاط لذلك الرصد من صفر والذي يدل علي وجود مستوي كبير جدا من الفساد وحتي 10 والذي يدل علي مستويات منخفضة جدا من الفساد ومن ثم معدلات كبيرة من الشفافية والنزاهة. ووفقا للمعيار الذي وضعته منظمة الشفافية الدولية، والذي يفيد بأن الدولة التي لا تستطيع أن تسجل سبع نقاط من بين النقاط العشر، فإنها تكون في حاجة إلي المزيد من الإصلاحات الإدارية وهو الأمر الذي لا ينطبق سوي علي 22 دولة فقط من بين 178 دولة شملها التقرير علي مستوي العالم، من بينها دولة عربية واحدة هي قطر.. بما يعني أن أكثر من 75% من دول العالم تعاني من الفساد بصورة أو بأخري، وانها في حاجة إلي اصلاحات اضافية لمكافحة الفساد، بما يستلزم تعزيز الحوكمة في العديد من دول العالم وضرورة الالتزام بتفعيل المزيد من الشفافية والمساءلة. هذا وقد جاءت مصر في تقرير الشفافية العالمي هذا العام في المرتبة رقم 98 علي المستوي العالمي بعد كل من بورتوريكو وموريشيوس وكوستاريكا وماكاو وزامبيا وناميبيا وغانا ورواندا ومالاوي وليبيريا وسيرلانكا بينما جاء ترتيبها علي المستوي العربي وفقا لذات التقرير في المرتبة الحادية عشرة، بعد احتلالها في العام الماضي للمرتبة 111 عالميا متفوقة بذلك علي تصنيفها السابق بأكثر من 10%، وان كان هذا التحسن لم يشفع لها لدي منظمة الشفافية العالمية مصدرة التقرير، والتي اتهمتها مع بعض الدول النامية الأخري بضعف الشفافية وزيادة حالات تعارض المصالح، والتدخل الحكومي في عمل الجهات الرقابية العامة ومن ثم فقد أصبح للمحسوبية تأثير كبير علي العديد من الجوانب الاقتصادية والمالية والاجتماعية والسياسية بحيث أضحت الرشوة والمحاباة من الأمور المقبولة علي نطاق واسع شعبيا ورسميا وكأنها من ثوابت ومفردات الحياة. وفي الوقت الذي احتلت فيه جمهورية مصر العربية الكبيرة العملاقة المرتبة رقم 98 عالميا والحادية عشرة عربيا في تقرير الشفافية العالمي برصيد من النقاط بلغ 1.3 نقطة من بين 10 نقاط، فإننا نجد أن دولة قطر الشقيقة قد احتلت في نفس التقرر المرتبة رقم 19 عالميا ومن ثم الأولي عربيا بعدد نقاط بلغ7.7 نقطة، ولقد أتاح لها هذا المركز المتقدم أن تتفوق علي دول اقتصادية وصناعية كبري متقدمة كبريطانيا والولايات المتحدةالأمريكية وفرنسا واسبانيا وايطاليا والتي جاءت في المراكز 20 و22 و25 و30 و67 علي التوالي، وأيضا قبل دول الاقتصادات الناشئة سريعة النمو ككوريا الجنوبية والبرازيل والصين والهند والمكسيك وهي كلها ضمن قائمة دول قمة العشرين الاقتصادية والتي جاءت في المراكز 39 و69 و78 و87 و91 علي التوالي. وقد جاءت دول مجلس التعاون الخليجي في مراكز جيدة نسبيا في تقرير منظمة الشفافية العالمية حيث احتلت دولة الامارات العربية المتحدة المرتبة رقم 28 عالميا والثانية عربيا، ثم جاءت سلطنة عمان في المرتبة 41 عالميا والثالثة عربيا، أعقبتها مملكة البحرين في المرتبة 48 عالميا والرابعة عربيا ثم المملكة العربية السعودية في المرتبة رقم 50 عالميا والخامسة عربيا، وأخيرا الكويت في المرتبة 54 عالميا والسابعة عربيا. وبنظرة تحليلية لمراكز الدول العربية غير الخليجية نجد أن الأردن قد احتلت المرتبة رقم 50 عالميا والخامسة عربيا "بالاشتراك مع السعودية في نفس عدد النقاط 7.4"، ونجد تونس في المرتبة رقم 59 عالميا والثامنة عربيا، ثم المغرب في المرتبة 85 والتاسعة عربيا، وجيبوتي في المرتبة 41 والعاشرة عربيا ثم مصر في المرتبة و98 والحادية عشرة عربيا وجاءت الجزائر في المرتبة 105 عالميا والثانية عشرة عربيا، واشتركت كل من سوريا ولبنان في المرتبة 127 عالميا والثالثة عربيا وكذلك اشتركت كل من ليبيا واليمن في المرتبة 146 عالميا والخامسة عشرة عربيا، ثم السودان في المرتبة 172 عالميا والسابعة عشر عربيا، وأعقبتها كل من العراق والصومال في المركزين الثامن عشرة والتاسع عشر علي التوالي. واذا كان هذا رصدا للمراكز التي احتلتها الدول العربية في تقرير الشفافية والنزاهة فإننا نجد من خلال نظرة أكثر شمولا ان المراكز العشرة الأولي كانت من نصيب الدانمارك في المركز الأول برصيد 3.9 نقطة من عشر نقاط، وقد تساوت معها في نفس المركز ونفس عدد النقاط كل من نيوزيلندا وسنغافورة، ثم جاءت كل من السويد وفنلندا في المركز الرابع