طفح الكيل بهم إلي حد اليأس ولكنهم مازالوا يؤمنون بهاتين الحكمتين "ما ضاع حق وراءه مطالب" و"لابد للحق من اثنين رجل يجهر به وآخر يفهمه" هذا هو حال أهالي مركز أطفيح أحد المراكز التابعة لمحافظة حلوان بعد أن باتوا غارقين في بحر من المشكلات فعندما تمشي في شوارع هذه القري وتنظر في وجوه أصحابها تجدها شاحبة طفحت عليها آثار المشكلات المتفاقمة من كآبة وبؤس الحال ناهيك عن الإحساس بالقمع والقهر ولكن "ما باليد حيلة" فهم مغلبون علي أمرهم بسبب المشكلات ما بين انتشار الأوبئة بسبب عدم وجود صرف صحي وازدحام المواصلات، وظلام أعمدة الانارة بالشوارع، وعدم رصف الطرق أما المشكلة الأكبر التي غطت علي كل ما سبق فهي في قرية مسجد موسي إحدي قري المركز وهي "غرق ما يقرب من ثلثي مساحة القرية وانهيار أكثر من خمسة عقارات بسبب عدم صلاحية نظام ونوعية مواسير شبكة مياه الشرب مما أدي إلي تسرب المياه منها. وللمفارقة فإن هذه المنطقة خرج منها عدد كبير من الكوادر العلمية والفكرية وكذلك عدد من القيادات السياسية المرموقة في الدولة، إلا أنها في موقف لا تحسد عليه بسبب غياب دورهم واتخاذهم موقفا سلبيا تجاه بلدهم ومسقط رأسهم. وفي محاولة لكشف حقيقة الأوضاع ورصد آهات الأهالي وكذلك رد المسئولين قام "الأسبوعي" بجولة في هذه المنطقة وعاش مع الأهالي مشكلاتهم وما يعانونه من سوء الحال وفي السطور القادمة وصف لتلك الأوضاع. غرق القري من المعروف تزايد المشكلات وقلة الخدمات والمرافق العامة بصفة خاصة في الريف والقري مقارنة بالمدن. إلا أن أهالي قري مركز أطفيح وخاصة قرية مسجد موسي تواجه نوعا جديدا من المشكلات، وهي مشكلة غرق القرية في سيل من المياه بسبب سوء حالة المواسير التي تتسرب منها المياه وعدم مطابقتها للمواصفات وأسفر عن انهيار أكثر من خمسة منازل بالكامل كان من بينها ثلاثة منازل مكونة من طابق واحد والأخري من طابقين وتدافع الأهالي ليحكوا كيف أن "بيوتنا اتخربت، وتشردنا نحن وأولادنا، واللي بيته موقعش تغمره المياه"، فقام الأهالي بمحاولة للتخلص من هذه المياه بحفر مجار داخل منازلهم لسحب المياه إلي الشوارع ليزيد الوضع سوءا وصعوبة". ويحكي محمد عبدالتواب موظف وهو أحد المنكوبين قائلا: "القصة تبدأ من سنة 1998 عندما ظهر رشح في أرضية البيت والأمر كان عاديا في البداية، ولكنه تحول كسيل أو طوفان، فاجتاحت المياه كل شيء، فترك الأهالي منازلهم متجهين إلي الأطراف المترامية من القرية هربا من هذا الجحيم وأوضح أنه عندما بدأ البحث عن مصدر هذه المياه لم يكن يخطر ببالهم أن يكون السبب مواسير شبكة المياه ولكن أرجع بعض الأهالي السبب في الأول إلي الصرف الصحي، وكرر "بيوتنا اتخربت والمنطقة كلها لم تعد صالحة للحياة والمسئولون نائمون في العسل، والأهالي هم الضحية". وهكذا أصبحت المنطقة والتي تمثل أكثر من ثلث مساحة القرية عبارة عن خرابة لدرجة أن المسجد المقام بها أدركته المياه وأغرقته ولم يشفع له أنه بيت من بيوت الله ولتضاف هذه المشكلة إلي المشكلات القديمة المتراكمة وعلي رأسها مشكلة الصرف الصحي. خلاف بين محافظتين منذ عام 1992 ومركز اطفيح والقري التابعة له تعاني من عدم تنفيذ مشروع الصرف الصحي رغم اعتماد ميزانيته من الدولة وذلك بسبب وقف العمل من قبل شركات المقاولات المنوط بها هذا المشروع نظرا للخلاف القائم بينها وبين محافظة الجيزة وقتها قبل أن يتبع المركز لمحافظة حلوان حاليا، ومازال ملف قضية الخلاف بينهما قائما في المحاكم المصرية حتي الآن. وإلي أن يأذن الله بأمره في هذا يبقي الوضع علي ما هو عليه، ويبقي الأهالي يعانون كل يوم من كثرة الأمراض وانتشار الأوبئة، وظهور الطفح الجلدي وانتشاره إلي حد كبير بين فئات العمر المختلفة.