يبدو أن فكرة دوران الكرة الأرضية لا تقتصر علي حركتها الطبيعية حول نفسها فقط بل تدور معها العجلة الاقتصادية أيضا، حيث أعلنت مؤخرا منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في دراسة جديدة لها أن التحول البنيوي الحاصل في العالم سيجعل دول الجنوب الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل تتجاوز دول الشمال عام 2030 وتحقق أكثر من نصف الناتج الدولي. وذكرت الدراسة التي كشف عن نتائجها موقع الإيكونومست أن حصة دول الجنوب الصاعدة في الناتج الاقتصادي العالمي سيزيد في السنوات القادمة علي حصة دول الشمال الصناعية وإن التحول البنيوي الجاري في العالم سيجعل الدول الصاعدة وعلي رأسها الصين والهند والبرازيل وجنوب إفريقيا - تحقق 57% من الناتج الدولي عام 2030 ولن تعود الدول الصناعية الغنية حسب الدراسة وحدها قادرة علي تحديد جدول الأعمال اليومي دون الرجوع إلي دول الجنوب الرئيسية، لكن هذا لن يعني أن نهاية الدول الصناعية ستدنو بقدر ما يعني أن الرفاهية ستشمل العالم. وأرجعت سبب التحول البنيوي إلي الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية التي أسفرت عن تغيير في مواقع القوي المالية من جهة وإلي "جوع" الدول الصاعدة إلي النفط والغاز لتحريك عجلة اقتصادها المتنامي، الأمر الذي وفّر للدول النفطية خاصة في الشرق الأوسط دخلا ماليا كبيرا جدا. وقالت إن الدول النامية التي كانت تملك من العملة الصعبة أكثر من ضعف ما كانت تملكه الدول الغنية عام 2008 سترتفع احتياطاتها عام 2030 إلي 60% من إجمالي احتياطات العالم. وستسمح التجارة المتزايدة التي تمارسها دول الجنوب الصاعدة حاليا مع باقي الدول النامية والدول الصناعية بمثل هذا التحول وكذلك الديناميكية الاقتصادية المتنامية والتطور التكنولوجي الجاري فيها وتوسع مساحة أسواق الاستهلاك لبضائعها. أما الجانب السلبي لهذا التطور فيتمثل في المشاكل البيئية الناتجة عن إهمال البيئة والطبيعة وانعدام المساواة الاجتماعية والمعيشية في الدول الصاعدة وتزايد المنافسة الشرسة دون وجود ضوابط كافية. ولفتت الدراسة إلي أن الصين تلعب في موضوع العولمة دورا خاصا إذ أنه منذ عام 1990 بدأ عدد الفقراء في العالم الذين يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم في الانخفاض بمقدار الربع أي نحو 500 مليون نسمة القسم الأكبر منهم في الصين. وفي المقابل يتزايد الفقر والبطالة في دول تعاني من ارتفاع كبير في نسبة المواليد الأمر زالذي يقضي علي كل النجاحات التي تتحققس. وتتطور التجارة بين دول الجنوب بصورة متصاعدة واحتلت الصين العام الماضي المرتبة الأولي بين دول العالم من حيث التجارة مع البرازيل والهند وجنوب أفريقيا. ويبلغ حجم تجارة الدول النامية حاليا 37% من التجارة الدولية نصفه يمثل التجارة بين دول الجنوب. ولا يستبعد خبراء المنظمة الأوروبية أن تصبح التجارة هذه محرك النمو في السنوات العشر المقبلة. مصطفي عبدالعزيز