وزير الخارجية يلتقي الجالية المصرية في أوغندا    "القومي للمرأة" يواصل ورشة عمل "نظام عمل الوحدة المجمعة لحماية المرأة من العنف"    القوات المسلحة تنفي بشكل قاطع مزاعم مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية    وزير الخارجية يعقد لقاءً مع رجال أعمال أوغنديين    بدء تركيب قضبان السكة الحديد لمسار الخط الأول للقطار الكهربي السريع    محافظ القاهرة: توفير 100 أتوبيس منها 15 لذوي الهمم بالمنتدى الحضري العالمي    الجيش الأردني يعلن سقوط مسيرة مجهولة المصدر في محافظة جرش    الانتخابات الأمريكية.. فانس: التصويت لترامب يمنع نشوب حرب عالمية ثالثة    أحمد عبد القادر يسجل في فوز قطر على الخور بالدوري القطري (فيديو)    بعد اتهامه بضرب شقيق محمد رجب.. مصادر تكشف مصير ابن مجدي عبد الغني    بعد انفصاله عن فريق "أيامنا الحلوة".. كريم حراجي يطرح كليب أغنية "رغم حزنك"    خبير آثار يكشف حقيقة إخلاء دير سانت كاترين وهدمه وطرد الرهبان    بالفيديو.. ما هى الفريضة الغائبة عن المسلمين؟.. خالد الجندى يجيب    هل وجود النمل فى البيت دليل حسد؟.. أمين الفتوى يجيب    بلغة الإشارة..الجامع الأزهر يعقد ملتقاه الأسبوعي بعنوان"ما كان لله بقي"    نصائح مهمة من الصحة قبل تطبيق التوقيت الشتوي    مصر تحصد ذهبية وفضية اليوم في البطولة الدولية للناشئين لتنس الطاولة    بلينكن: يجب التركيز على إنهاء الحرب فى قطاع غزة    إجراء 3120 حالة منظار بوحدة المناظير بمستشفيات جامعة بني سويف    إسرائيل تحقق فى خرق أمنى كبير تسبب فى تسريب معلومات مهمة    خبير استراتيجي: شروط إسرائيل لوقف إطلاق النار قاسية    الاتحاد السكندري يكشف عن تصميم حافلته الجديدة (صور)    غدا.. افتتاح 4 مساجد جديدة في كفر الشيخ    هل يحق للأجنبي تسجيل وحدة سكنية باسمه في الشهر العقاري؟    الشعب الجمهوري ينظم صالونًا بعنوان "دعم صحة المرأة المصرية"    إياك وشرب القهوة في هذا الوقت.. خطر يهدد نشاطك طوال اليوم    «التعليم» تحدد موانع التقدم لأعمال امتحانات الدبلومات الفنية 2025    حبس قاتل تاجر الأسمدة وسرقته فى الشرقية    "مخاطر الزواج المبكر" ندوة في البحيرة.. صور    وزير الأوقاف يعلن عن خطة دعوية توعوية واسعة للواعظات لتعزيز التماسك الأسرى    موسيالا يحدد موعد حسم مستقبله    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 694 ألفا و950 جنديا منذ بداية الحرب    مفيد عاشور يعلن عن مسابقة مسرح الشارع بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي    إقبال مواطنى البحيرة على تلقى لقاح الأنفلونزا الموسمية داخل المراكز الطبية    وكيل الصحة بشمال سيناء يتابع مبادرة 1000 يوم الذهبية    المشدد 15 سنة للمتهم بق.تل شخص بالخصوص في القليوبية    إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين بقنا (صور)    الطبيبة الشرعية تؤكد: لا دليل على تناقض مقتل "نورا" بواسطة رابطة عنق في قضية "سفاح التجمع"    مصرع 5 أشخاص وإصابة 5 آخرين جراء العاصفة الاستوائية "ترامي" في فيتنام    البورصة المصرية تستضيف مسئولي الشركات الأعضاء لمناقشة أحدث المستجدات    الزمالك في ورطة.. باتشكيو يحسم موقف القيد في القلعة البيضاء    المترو يعمل ساعة إضافية اليوم بسبب تغيير التوقيت    محافظ الفيوم: تطور مذهل في نمو يرقات الجمبري ببحيرة قارون    وكيل "تعليم مطروح" تؤكد أهمية مركز التطوير التكنولوجي لخدمة العملية التعليمية    بليغ أبوعايد: رمضان أعاد الانضباط إلى غرفة ملابس الأهلي    «الداخلية»: تحرير 572 مخالفة عدم ارتداء خوذة وسحب 1491 رخصة بسبب الملصق الإلكتروني    محمد فاروق: قدمت استقالتى وتراجعت عنها بعد جلسة مسئولى الجبلاية    وزيرا الإسكان والعمل يستعرضان سبل تعزيز التعاون المشترك    أمين الفتوى عمرو الورداني: 5 أنواع للآباء يتسببون فى دمار الأسرة    المبعوث الأمريكي الخاص إلى السودان يبدأ جولة إقليمية    مواعيد أهم مباريات اليوم الخميس في كأس ملك إسبانيا والقنوات الناقلة    لهذا السبب.. محمد منير يتصدر تريند "جوجل"    الجمعة.. مواقيت الصلاة الجديدة بالمحافظات مع بداية التوقيت الشتوي 2024 في مصر    برج القوس حظك اليوم الخميس 31 أكتوبر.. تخدمك حكمتك المالية    آسر ياسين وأسماء جلال أبرز الحضور بحفل منصة شاهد    فلسطين.. شهيد برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم طولكرم    جوتيريش: هناك رغبة لدى الدول لاتخاذ إجراءات بشأن تلوث البلاستيك    نسرين طافش تتألق على ريد كاربت مهرجان الجونة السينمائي (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله كمال يحاور الفلاح العالمي محمود محيي الدين : الخصخصه لم تقتل العمال فى مصر كما حدث فى بريطانيا


عبدالله كمال يحاوره :
الفلاح العالمي محمود محيي الدين.. وزير الاستثمار حتي الآن ..
في حوار خاص قبل المنصب الدولي:
ديموقراطية مصر تحتاج مزيداً من الصبر فانقطاع الحياة الحزبية يشبه توقف الدوري لسنوات
الجزء الأول
هذا حوار شامل وواجب مع الدكتور محمود محيي الدين، وزير الاستثمار حتي الآن، ومدير البنك الدولي بدءًا من أول أكتوبر المقبل.
واجب من حيث كونه يطرح علي هذا السياسي المهم تساؤلات ضرورية حول المنصب الدولي وما إذا كان سوف ينفي عن محمود محيي الدين صفة رجل الدولة.. ويؤدي إلي انقطاع علاقته بالسياسة في مصر.. ومن حيث إنه يبحث في كواليس الوصول إلي المنصب وهل سعي إليه محمود محيي الدين أم انه سعي إليه.
وواجب من حيث إنه يناقش علاقة مصر مع هذه المؤسسة الدولية.. خصوصًا أن لها في تراث وتاريخ مصر انطباعات غير إيجابية علي الإطلاق.. فقد أدت أزمة كبري مع البنك إلي دخول مصر في نزاع عسكري ودولي كبير حين تعلق الأمر بتمويل السد العالي في عام 1956 .
واجب من حيث إن الرئيس مبارك اعتبر أن عمل الوزير محيي الدين في هذا المنصب الدولي هو بمثابة مهمة قومية، فهل هذا العمل سوف يؤدي إلي إشراك مصر حقًا في إدارة الاقتصاد الدولي علي حجم اقتصادها، وهل سيكون محمود محيي الدين مسئولاً مصريا في البنك الدولي أم أنه مسئول عالمي يحمل الجنسية المصرية؟
وهو حوار شامل من حيث إنني استفدت من كل الخصائص التي يتمتع بها محمود محيي الدين.. سواء كوزير أو كاقتصادي أو كسياسي.. أو كرجل له باع في التفاعل الداخلي أو كرجل له إسهاماته العالمية التي تأخذ طريقها إلي التبلور.
لقد قيمت في حواري هذا مع الوزير محمود محيي الدين جوانب عمله الوزاري الذي يوشك أن ينتهي.. حيث قابلته في مكتبه الرسمي في جاردن سيتي.. كما اقيمت معه أجواء مصرية داخلية وناقشته في مستقبله.. وفي تصوره لدوره.. العالمي والمحلي.. وهنا نص الجزء الأول من هذا الحوار.
هل سعي هذا المنصب إليك.. أم أنك سعيت إليه؟
صراحة أنا لم أسع إليه.. وإن أقول إنه سعي إلي فهذا تكبر واستعلاء.. ولكن يمكن أن نقول إنه التقاء بين ما هو متاح عندي الآن وما هو مطلوب للبنك في نفس التوقيت.. إذ خلا منصب مهم منذ نحو شهرين.. وهناك معرفة مسبقة بهذا.. وحدثت استطلاعات للدوائر المعنية في مصر لأن عملية الاختيار معقدة.. وهي ليست وظيفة يتم الإعلان عنها.. فيتقدم أحدهم.. وإنما يأتي الأمر من خلال ما يعرف بعملية (اختيار دولة) باعتبار أن بعض المرشحين إن لم يكن كلهم مسئولون حكوميون.. هناك بروتوكول خاص في هذا الشأن.. ويتم استطلاع الأمر من حيث المبدأ مع الدولة التي يكون المرشح منها.. فإذا أثير قدر من القبول تبدأ عملية الاختيار بكل تفاصيلها وكل واجباتها.. ثم بعد ذلك يرجع للدولة ونفيدها بأن المرشح اسمه في (قائمة مختصرة) وتكون الإشارة بالاستكمال للاختيار النهائي.
ويمكنني أن أضيف أنه في مسألة المقارنة بين السعيين: أن القرار في النهاية كان هو قرار الرئيس.. وهو بطبيعته ليس متماشيًا إلا لما رآه الرئيس مصلحة عامة ومصلحة قومية وما هي الفوائد التي ستعود علي دولة بحجم مصر لما لها من مكانتها الدولية والإقليمية.. عندما يكون أحد أبنائها ومسئوليها في هذا المنصب في تلك المؤسسة الدولية.
إذن، هل كانت هناك أسماء أخري في القائمة المختصرة؟
- نعم كان بها.. ولكنني لا أعلمها.
من هو سلفك.. أي مدير البنك السابق؟
- الشخص الذي كان يشغل مكاني اسمه دان ويلر، وعمل في البنك لفترة طويلة جدًا وكان مسئولاً عن الإدارة المالية للبنك ثم وصل إلي هذا المنصب منذ فترة.. وهو من نيوزيلاندا.
لكني فهمت من بعض المصادر أنها تعتقد أن هذا الأمر كان مطروحًا عليك منذ نحو العام تقريباً.. وليس فقط شهرين؟
- في الفترة الماضية من قبل وبعد عملي كوزير للاستثمار تلقيت عروضًا بأشكال مختلفة لتولي عدد من المناصب الإقليمية والدولية لكن هذا المنصب تحديداً لم يكن قد عرض علي.. لأنه ببساطة لم يكن متاحاً.
ما المناصب التي عرضت عليك؟
- بعض المناصب الدولية والإقليمية في بعض المؤسسات المالية.
هل كان البنك الدولي من بين تلك المؤسسات التي عرضت عليك مناصب؟
- في فترة من الفترات.. والمسألة لم تحظ وقتها بالقبول.. والدخول فيها يتنافي مع قواعد السرية المعمول بها في تلك الشئون.
أنت تصادر علي الأسئلة التالية.. ولكن دعنا نقول: لماذا لم تفكر وقتها في مثل هذه المناصب بينما فكرت في ذلك الآن؟
- لان طبيعة المنصب تختلف.. وبسبب الإطار الذي دخل فيه البنك بعد الأزمة المالية العالمية وطبيعة دور هذا المنصب تحديداً.. ودخوله في الملفات المرتبطة بالتعاون مع مؤسسات دولية أخري ومع مجموعة العشرين.. باعتباره نفسه مسئولاً عن 6 ملفات رئيسية مهمة بالإضافة إلي ما رأيته شخصيًا من أنه يمكن أن أحقق أهدافاً جيدة بقبولي هذا المنصب.
لكن صاحب المنصب الدولي عادة ما يتخلي عن كل الأعباء الوطنية والمحلية.. ما تعليقك؟
- محركات قبولي لهذا المنصب هي محركات قومية بالأساس.. لأنه لو كانت الأهداف شخصية فقط فسوف تكون المجالات مختلفة قليلا.. ربما يمكن أن تكون مؤسسة ذات عائد مالي كبير أو ذات تواجد محلي، كان يمكن هذا إذا كان ذلك هو الهدف.. ولكن الطبيعة الدولية لهذا الموضوع لأن البنك الدولي مؤسسة دولية حكومية.. تفرض أمورًا بعينها.
صحيح أن الشخص في هذه المؤسسة يجب أن يتخلي عن انحيازاته ولكن الذي أتي بي إلي هذا المكان هو البعد المصري.. وببساطة شديدة لو كنت أنا هذا الشخص نفسه.. وموجودا مثلاً في جامعة القاهرة.. أو في جامعة أخري أمريكية أو أوروبية ومازلت مصريًا.. لم أكن أحصل عليه.. والسبب في وصولي إلي هذا المكان هو أن محمود محيي الدين المصري المتخصص في مجالات الاقتصاد والتمويل الذي أخذ حظًا من الجمع بين بعض المعرفة في مجالات الاقتصاد والتمويل والممارسة الفعلية لمجالات التطوير.. وليس فقط في أثناء فترة الوزارة التي امتدت لأكثر من 6 سنوات.. ولكن فترة سابقة عليها أيضًا.. ولأنني منتمٍ لهذا الإطار السياسي والاقتصادي والنظام المصري الذي استطاع أن يواجه تحديات كبري.. هذه التشكيلة من المقومات والمواصفات هي التي جعلتني مرشحا له.. وهذه ليست وجهة نظري وإنما هذا ما انعكس في إطار الحوارات السابقة أو في البيانات المعلنة سواء الصادرة عن السيد رئيس الجمهورية.. ورئيس مجلس الوزراء.. أو عن البنك الدولي ورئيسه.. هذه التشكيلة هي مجمل الأسباب.. وليست لاعتبار شخص ولكن لاعتبار المكان والدولة ومكانتها.
لكن كان من الممكن أن يختاروا شخصا من مكان آخر.. هناك كوادر اقتصادية مختلفة.. وتجارب اقتصادية أخري؟
- البنك له رئيس وله 3 مدراء.. وكل مدير من هؤلاء يتبعه عدد من نواب الرئيس.. ويتبعني أنا نواب.. ونيوزيلاندا كانت تحتل هذا المكان من قبل وهي بلد صغير في الحجم ولكن دخلها عال بشدة.. والمنصب الثاني تشغله امرأة من إندونيسيا كانت وزيرة المالية.. والمنصب الثالث كانت وزيرة نيجيرية.. فكرة التقسيم الإقليمي لدول نامية أو لها اقتصادات ناشئة.. حتي فيما بين نواب الرئيس.. هي أمر حاكم في توزيع المهام.. منهم من هو قادم من سنغافورا والبرازيل والهند.. تشكيلة من جميع الدول وكلها لها اعتبار.
لنتعرف قليلاً علي طبيعة المنصب ودوره.
- هذا المنصب له عدد من المهام.. هو مسئول عن موضوع التنمية البشرية وفيها التعليم والرعاية الصحية وكل ما هو مساند للبشر والارتقاء بهم وهذا موضوع من الأولويات، البند الثاني هو موضوع التنمية المطردة أو المستدامة.. مثل مشروعات حماية البيئة والطاقة النظيفة وما إلي ذلك.
والبند الثالث هو ما يخص القطاع المالي وتنمية القطاع الخاص.. وهذا قريب مما كنت أفعله من متابعة الخدمات المالية وتنمية القطاع الخاص والتركيز علي المشروعات المتوسطة، أما الجانب الرابع فهو الذي يخص الفقر ومكافحته والإدارة الاقتصادية، وهذا من أخطر وأهم الملفات الموجودة.. ومن أولويات المؤسسة.. حيث يقدم البنك نفسه الأساس لوضع سياسات لمكافحة الفقر، الجانب الخامس هو الإشراف علي معهد البنك وهو مسئول عن تدريب الكوادر التنفيذية للسياسات الاقتصادية.
هناك جانب إضافي يتعلق بما يعرف بمبادرة العالم العربي التي تولاها رئيس البنك الدولي من عامين وتستهدف إنجاز عدد من المشروعات في دول العالم العربي.. مشروعات بنية أساسية.. مشروعات صغيرة ومتوسطة.. وأمور تخص التعليم.
وكذلك من اختصاصات هذا المدير التنسيق مع الجهات الدولية ومع مجموعة العشرين.
هل لأن هذا المدير سيكون مسئولاً عن ملف الوطن العربي كان لا بد أن يكون عربيًا؟
- ليس بالضرورة، بدليل أن المدير السابق لم يكن عربيًا.. أنت تكون مسئولاً عن ملفات ذات طبيعة عولمية.. ليس بالضرورة تكون ابنًا للمنطقة حتي تنفذها.
لو لم يكن هذا المنصب قد جاء إلي مصر.. أو لنقل أن مصر لم تقبل ترشيحك له.. لمن كان سوف يذهب؟
- لست أعرف.. وهذه من الخصائص المهمة في عمل البنك.. أقصد السرية في هذه الشئون.. فالشخص المرشح إذا لم يأت هذه المرة قد يأتي في مرة أخري.. وإذا لم أكن قد حصلت علي المنصب في هذه المرحلة لم يكن أحد سيعرف من الأصل أنني كنت مرشحًا.
كيف كانت طبيعة علاقتك بالبنك الدولي طوال الفترة الماضية؟
- علاقتي به ممتدة منذ فترة طويلة.. ربما منذ كنت طالبًا بالجامعة.. فهي مؤسسة مالية لها سياساتها المختلفة.. والخلافية.. دائما تكون محل دراسة أي شخص مهتم بالاقتصاد أو التنمية الاقتصادية.. والجامعة التي كنت أدرس بها (يورك) تصادف أن هناك عددًا من أساتذتي في جامعة بورن كان يعمل كخبير في البنك الدولي في ملفات مثل مكافحة الفقر والتنمية الاقتصادية وإصلاح القطاع المالي.. كان ذلك في أواخر الثمانينيات وقد أعددت رسالة الدكتوراة في موضوع إصلاح القطاع المالي كنوع من أنواع التقييم النقدي لبرامج الدمج في الدول النامية وذات الأسواق الناشئة.. وعندما عدت لمصر قمت بأمرين في نفس الوقت.. قدمت ملفي سنة 95 للجامعة.. وفي نفس الوقت كان وزير الدولة للتعاون الدولي وقتها الدكتور بطرس غالي يبحث عن خبير مسئول عن ما يعرف بوحدة الاقتصاد الكلي ومتابعة الديون وقد عملت مديراً لها وكان هذا أول عمل حكومي لي وكان له علاقة بالبنك.. وكنا نتعامل مع البنك في عدد من الملفات في وزارة الاقتصاد ووزارة التجارة الخارجية وتعاونت مع البنك في عدة ملفات مثل إصلاح القطاع المالي ومشروعات الحوكمة وأيضًًا في فترة من الفترات عندما كنت عضو مجلس إدارة البنك المركزي ومسئولاً في اللجنة الاقتصادية كنت أتابع موضوع التعاون مع البنك، وبعدما أصحبت وزير الاستثمار ومحافظ مصر في البنك الدولي والمحافظ المناوب هو السيدة الوزيرة فايزة أبوالنجا.. وكنت أيضًا المحافظ المناوب لبنك التنمية الإسلامي وبنك التنمية الأفريقي.. لذلك كنت أحضر الاجتماعات وأتابع الملف والوزارة نفسها لها تعاون مع البنك وآخره تمويل البنك لمشروع جديد يخص التمويل العقاري لإتاحة 65 ألف وحدة سكنية.. وبالفعل مولنا 46 ألف وحدة سكنية في مختلف المحافظات.
أليس مثيرًا للتناقض والتساؤل: أن هذا البنك المعروف في الذهنية المصرية بأنه يمثل الإمبريالية وما يستدعي من التاريخ السابق التدخلات الأجنبية في اقتصادات الدول هو نفسه الذي يصبح فيه أحد أبرز وزراء مصر مديرًا له؟
- أريد أن أتناول السؤال بشكل واسع ثم بسيط.. أولاً: من جانب ما يرتبط بقدرتنا علي ملاحقة الأحداث والتطورات مع الإلمام بمستجداتها.. حقيقة الأمر أن العالم يتغير وأن الرجوع إلي بعض الحوادث المهمة في التاريخ والاهتمام بها لا ينبغي أن يعطلنا عن ملاحقة حدث في العالم أو تطوير ما..خاصة بعد الأزمة العالمية وما حدث في البنك الدولي نفسه من تغيرات وما حدث في تركيبة العالم الاقتصادية.. ما جعل بعض الناس يتحدثون عما يعرف بنهاية العالم الثالث ولا أريد أن أوسع في الموضوع لكن الواجب هو التعرف علي هذا العالم الجديد والتعرف بشكل أكبر علي مؤسساته ولا نتوقف في التاريخ عند موقف معين لأن ذلك يفيد في التعامل ليس فقط في إدراك التغييرات ولكن في تعظيم الفائدة من هذه التغييرات واستخدامها لصالحنا.
بمعني أنه بعد سقوط حائط برلين الشهير ومفهوم العالم الثالث وانهيار الستار الحديدي الذي كان موجودًا علي بعض الدول.. وتقسيم العالم إلي عالم أول ثم كتلة اشتراكية وراء الستار الحديدي ثم العالم الثالث.. هذه أمور أصبحت تقتضي مراجعة مستمرة وبشدة.. حتي بالنسبة للعالم الأول.
دول مثل الصين والهند والبرازيل اصبح لها وضع مختلف.. وبالتالي تشكيلة هذا العالم توجب عليك اليوم أن تواكبه وتري ما حدث من تغييرات.. وبعد الأزمة المالية العالمية يظهر وبشدة أن الترتيبات التي كانت متخذة لتقسيم بعض الدول في العالم الثالث أصبحت غير ذات محل.. دول بحجم الصين والهند وغيرهما أصبح عضوًا في مجموعة العشرين التي أكدت الشواهد وأظهرت تصريحات أنها حلت فعليًا محل دول مجموعة السبع ومجموعة الثماني.. وفي هذا الإطار نحن نري المؤسسات الدولية باعتبارها الممول الوحيد والبنك الدولي هو بنك الخبرات والمعلومات المتبادلة بين الدول، ومن أكثر المشروعات نجاحًا تلك التي تتبناها الدول نفسها والتي يكون نتاجها الاجتماعي والاقتصادي ظاهرًا.. وبالتالي فالتغييرات التي حدثت منذ الثمانينيات.. بل إن فكرة المشروطية وأنك مدين يجب أن تقوم ببعض الإجراءات حتي توفي بحق الدين وما يترتب علي ذلك.. هذه الفكرة تغيرت وبشدة.. العالم تغير والدول تغيرت ومستجدات الوضع تجعلك مختلفاً عن السابق.
هل المؤسسة تغيرت؟
- تغيرت حتمًا بمبادرات سابقة علي الأزمة العالمية.. تتضمن حوكمة المؤسسة نفسها.. وداخل البنك تم عمل مبادرة لمراجعة القواعد الداخلية.. ومنها ما يشرف عليها رئيس المكسيك السابق لكي تتم مراجعة القواعد الداخلية للبنك بما يتيح لها قدرة أكبر للاستجابة.. و لا يوجد تجمع آخر في العالم فيه هذا القدر الهائل من الزخم والقوة والقدرة البشرية والطاقة العليا.
سوف أعيد صياغة استفهامي بطريقة مختلفة.. أنت تنتمي لدولة دخلت حربًا بسبب موقف للبنك الدولي.. هذه الدولة في عام 1956 كان من بين رموزها عمك خالد محيي الدين.. وأنت اليوم مدير في ذات البنك.. وتنتمي إلي نفس الدولة وإلي نفس العائلة.. هذه مفارقة تاريخية كبيرة جدًا؟
- أؤكد هذا ليس هو البنك الذي كنا نتحدث عنه من قبل.. بل تغيرت أموره ومناهجه ولوائحه الداخلية وهو يقوم الآن علي مفهوم المشاركة وليس المشروطية. وأريد أن أقول هنا إنه لا يوجد هناك نهج موحد لأبناء أسرتي في التعامل مع القضايا العامة والقومية.. والأسرة لم تكن اشتراكية فقط ولا ليبرالية فقط ولم تكن أسرة محافظة فقط.. بل كانت أسرة بسيطة غلب عليها التنوع مع الأصول الريفية والفلاحية وهي تتميز في الإجمال بتغليب المصالح العامة علي المصالح الشخصية والولع بالسياسة والشغف بالعمل العام.
ولكن في نفس الوقت هناك هذا التعدد الشديد بين أفراد الأسرة ومنهم السيد خالد محيي الدين ومنهجه والسيد زكريا محيي الدين ومنهجه ووالدي د.صفوت محيي الدين وقد كتبت عنه مقالاً في جريدتكم من فترة يقوم الأهالي في كفر شكر بتصويره وتوزيعه علي بعضهم.. والدي كان لديه هذا التوجه الخاص بالاهتمام بالقطاع الخاص وكان لديه في نفس الوقت تحفظ عما عرفه ب«النفور من الثراء السريع».. والدكتور فؤاد محيي الدين كان له توجه مختلف.. هذه الأطياف السياسية المختلفة تعودنا عليها في أسرتنا.
مرة أخري.. أقول: مرت علاقة مصر بالبنك بعدة مراحل مختلفة بداية من مشكلة تمويل السد العالي ومروراً ببعض المطالب التي قيل إنها طلبت من مصر في بداية التسعينيات.. ثم بدأت العلاقة تتحسن إلي أن تم اختيار أحد أبناء مصر مديراً للبنك؟
- أريد أن أنهي مسألة تخص الأسرة.. فقد تلقيت اتصالاً من السيد خالد محيي الدين وهنأني بهذا الترشيح.. وهذا لا يعني إعجابه أو اتفاقه مع سياسات البنك.. ولكن عنده ثقة بأنني سوف أقوم بعملي الدولي بصورة مشرفة.. وقبله اتصل بي عميد الأسرة السيد عبدالعزيز محيي الدين شقيق السيد زكريا وابن عم والدي وهنأني بالمنصب.. وهذا ما يؤكد مدي الرضا الأسري عن المنصب.
وعلي المستوي الرسمي أتصور أن الكلمات المعبرة خرجت علي لسان رئيس الدولة. وهنا يجب ألا نضع الأمور في قالب محدد ونرجعها إلي بعض الفترات التي استوجبت ما ذكرت.. ببساطة شديدة لو لم تكن هذه المؤسسة قد تغيرت وكانت مازالت لها نفس التوجهات التي تتحدث عنها لم يكن لشخص مثلي أن أكون ملتحقًا بها.. العالم تغير.. ونحن في مسألة السد العالي وغيره نتحدث عن فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وفترة السيطرة والهيمنة لبعض المؤسسات وفترة القطبين المتنازعين.. كل هذه الظروف اختلفت.. ولا أقول إننا نعيش الآن في عالم المحبة والمودة.. بل من خلال المتابعة ستكتشف أن هناك مشاكل ولكنها مختلفة.. وهذه المؤسسة تجددت وتُجدد من مضمونها ومن توجهاتها وتعني بمبادئ وقواعد مكافحة الفقر.. هذه الأمور هي التي دعتهم للاستفادة بعناصر ذات خبرة محلية ودراية بأمور الدول النامية.. وعمومًا ليست مصر فقط التي كانت لها تحفظات علي البنك في فترة من الفترات وبالرغم من ذلك هناك ممثلون من بعض الدول المتحفظة فيما سبق موجودون في البنك.. هناك ممثل للصين وآخر للهند المعروفة بتوجهها.
بمناسبة تعرضك لما جاء في خطاب الرئيس بشان ترشيحك.. وضرورة أن تشارك مصر في إدارة الاقتصاد الدولي.. هل تعتبر منصبك نوعًا من هذه المشاركة؟
- فعلاً وينعكس هذا وبشدة فيما جاء في كلمة الرئيس.. الأزمات الدولية أوجبت ضرورة مشاركة الدول النامية في توجيه سفينة العمل الدولي وهذا متاح إليك باعتبارك شريكًا في اتخاذ القرار في إطار أن هذه المؤسسات تأخذ هذه العناصر لتكون أكثر فائدة للدول النامية.. أنا اعتبر أننا نعيش فترة المراجعات الكبري للسياسات والتوجهات فيما بعد الأزمة العالمية.
أيهما تفضل أن يقال عنك إنك مسئول مصري في البنك الدولي أم مسئول عالمي؟
- بطبيعة المؤسسة الدولية حكومية من يوم أن تأخذ هذا المنصب فأنت تصبح مسئولاً دوليًا.
هل أنت سوف تكون مجددًا أم منفذًا لبرنامج موجود؟
- أنا سأعمل في إطار سياسة.. وهناك أمور تحتاج إلي التطوير والتجديد بما في ذلك مبادرة العالم العربي وهي مبادرة جيدة تحتاج إلي مزيد من الجهد والتطوير والتحديث.
هل تعتبر تعيينك في البنك الدولي جزءًا من عملية تطوير البنك؟
- هذا ما أعتقده وهذا ما قيل لي صراحة، بما لا يدع مجالاً للتخمين.
الرئيس في أكثر من خطاب ومؤخرًا في الخطاب الذي أعلن فيه موافقته علي ترشيحك أكد أكثر من مرة أن مصر راغبة هي والدول النامية في أن تشارك في عملية صناعة الاقتصاد الدولي والتنمية الدولية هل تعتبر تعيينك جزءًا من هذه المشاركة؟
- كلام الرئيس واضح في هذا الشأن أنه يعتبر وجود مصري يشرف بالعمل معه لفترة هو ترجمة لمشاركة إيجابية في التطورات التي تحدث.. منصب له صلاحيات وعليه التزامات.. وتوجهات سيادة الرئيس كانت تدعو للمشاركة الفاعلة والإيجابية وليس تبني فكرة الانطواء والتقوقع حول الذات وما يقوله سيادة الرئيس أن صوت الدول النامية أقل مما يجب وما لا يعكس ثقلها الاقتصادي المتزايد.. ولو نظرنا إلي نسبة الدول النامية في الاقتصاد العالمي والدخل القومي العالمي والصادرات العالمية سوف نجد أنها تزايدت مع الوقت ونسبه تمثيلها في المؤسسات الدولية غير متماثلة وغير معبرة عن هذا التغيير.. وخطاب الرئيس وحديثه ما بعد الأزمة العالمية وتحديدًا إلي بعض المصادر المتسببة في ذلك يشير إلي هذا.. وكانت هناك بعض الممارسات الاقتصادية التي أضرت ضرراً شديداً بالدول النامية.. ولو لم تحذر من مثل هذه الأمور وتعكس أولوياتك ولابد أن تأتي بخبرتك وتفيد أولاد بلدك وأولاد إقليمك وأولاد عالمك العربي.
أنت تستخدم بعض التعبيرات الخاصة باقتصادات بدول نامية وفي نفس الوقت تتكلم عن نهاية العالم الثالث.. كيف؟
- العالم الثالث تقسيم حدث بعد الحرب العالمية الثانية.. الدول الصناعية والعالم الحر والديمقراطي في العالم الأول.. والعالم الثاني ذات التوجه الاشتراكي.. والعالم الثالث يشير إلي دول متواضعة في السكان من حيث العدد ودول أخري كبيرة السكان.. هذا التقسيم للعوالم الثلاثة لم يعد الآن له محل باعتبار أن حتي العالم الأول شهد قدرًا من التراجع النسبي بمروره ببعض الأزمات.. حيث الفجوة ما زالت موجودة وهو ما جعل النسق المؤسسي الذي يجمع الدول الصناعية السبع أو مجموعة الثماني لم يعد كافيًا لاتخاذ قرار يؤثر علي الاقتصاد العالمي.. ففتح هذا الأمر في مجموعة العشرين والتي تضم دولاً من العالمين الثاني والثالث، وهذا لا يقلل من أن هناك دول نامية تسعي للخروج من دولاً التخلف النسبي إلي دول متقدمة اقتصادياً.
كيف تصنف مصر بين هذه التصنيفات؟
- ليس انحيازاً لمصر ولكن استناداً إلي واحدة من أهم التقارير الذي صدرت خلال العامين الماضيين عن لجنة النمو والتي يرأسها أحد الحاصلين علي جائزة نوبل في الاقتصاد، فإنه وضع دول المجموعة الأولي وهم 13 دولة أغلبها من قارة آسيا وهي الدول التي حققت نمواً اقتصادياً مطردًا علي مدار 25 سنة أما دول المجموعة الثانية فتدخل فيها الهند ومحتمل فيها دول أخري مثل جنوب أفريقيا ونحن ندخل في هذه المجموعة.
كم يلزمنا من الوقت لكي ندخل في المجموعه الأولي؟
- المطلوب هو الحفاظ علي معدل التنمية لفترة معينة حتي نصل إلي هذه المجموعة وقد تحدثنا عن دول استغرقت 25 عاماً لدخول هذه المجموعة ونحن نستشرف أن يحدث ذلك بحلول عام 2020.
ما الدول التي تقارن بين وضعها وبين مصر الآن.. هل منها مثلاً فيتنام؟
- لا.. مصر الآن متوسط دخلها أعلي من فيتنام.. لكن فيتنام تملك معدلات سريعة جداً.. عموما لا توجد هناك ثوابت في الاقتصاد ولو كانت هناك ثوابت لظلت الامبراطورية المصرية الفرعونية مهيمنة حتي الآن أو الحضارة الرومانية أو فرنسا ومستعمراتها أو الاتحاد السوفيتي أو كتب الدوام للولايات المتحدة في المستقبل.. ما كتبه ابن خلدون عن هبوط بعض الدول والأمم في إطار من الثبات الدولي وأن هناك دولاً تراجع نفسها وتعيد أمجادها.. العالم حتي عام 1820 كان مهيمنًا عليه جانب الصين والهند ثم من 1820 إلي 1980 لم يكن للصين أو الهند ذكر في الإطار الاقتصادي.. وبمتابعة النشاط الاقتصادي الآن نجد أن الصين والهند تعودان، ومن المتوقع أن يحدث ذلك قبل نهاية 2030 وستكون هناك خمس دول منها الصين والهند واليابان والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مجتمعًا.. وبالتالي هذا هو التغيير ولا يوجد لك من سبيل إلا زيادة الاستثمارات مع عدالة التوزيع حتي نستفيد منها في المستقبل.
هل نحن نسير في هذا الاتجاه؟
- بالفعل نحن نسير في هذا الاتجاه وبالرغم من الأزمة العالمية فإن معدل النمو تجاوز 5.5% من المتوسط علي مدار الفترة الماضية، ومن المتوقع أن تصل 6% في هذه السنة المالية وقد تتجاوزها في العام المقبل.
هل هذه إجابة وزير الاستثمار أم مدير البنك الدولي؟
- أنا إلي الآن وزير الاستثمار الذي يستند إلي التقارير الموثقة ويجب ألا تتغير الحقيقة بتغير الموقع.
كيف تتحدث عن الصين كدولة من دول المرتبة الثانية؟
- لقد قمت بزيارة إلي الصين في عام 2004 قبل أن أتولي منصبي كوزير للاستثمار واكتشفت أن الصين ليست فقط ذات تجربة فريدة وعجيبة في تطوير الأداء الاقتصادي في فترة وجيزة، لكن هي تمكن نفسها في الأرض وبقوة.. لقد قامت الصين بانتشال ما يقرب من نصف سكانها من الفقر والمدهش أن المسئولين هناك يؤكدون أن ما تم في حينه ما هو إلا أمر بسيط وما زال أمامهم الطريق طويلا وأعتقد أن ذلك نمط آسيوي، حيث نجد أن فيتنام تتحدث عن نفسها بكل تواضع بالرغم من أن لديها خطة واضحة للدخول ضمن دول العشرين في الفترة المقبلة.
هل أنت من مؤيدي النموذج الآسيوي في التنمية؟ ولماذا؟
- أنا أؤيده بشدة.. وفيتنام مثال واضح وقد كتبت عنها عدة مقالات تحت عنوان (دولة قوية وسياسات مرنة) وهذه الدول ذات الاستقرار السياسي القوي والمتين التي تتمتع بمرونة في اتخاذ القرار وجدت أن السياسات المرنة التي تتواكب مع المتغيرات هي التي تحقق لها الإنجاز.. وهناك من كتب عن الدولة الرخوة والسياسات الجامدة التي أدت إلي هذا الشكل الهائل الذي أصبحت عليه الدول في المعسكر الشرقي.
بمناسبة هذا.. هل مصر دولة رخوة.. كما يقول البعض.. وكيف تحلل مقومات الدولة القوية والدولة الصاعدة؟
- أنا أري أن حديث الرئيس الذي وجهه للنواب في البرلمان يجيب عن هذا.. فهو تحدث عن دولة الدستور والقانون والمؤسسات التي تحتكم إليه.. هذا هو المرجع ويجب أن يكون مرجعك هو القانون وليس حكم القبائل ولا قانون الغاب.. ولا يجب أن يسيطر فرد علي مقدرات الأمور ويكون هناك سند يأتي لك بحقوقك كمواطن مهما طال الوقت.
والمسألة هنا يجب النظر إليها في إطار المراجعات التي تمت في مصر بدءًا من فترة السبعينيات وبدأها الرئيس السادات وأكملها الرئيس مبارك.
3 أعمدة أساسية: هي الديمقراطية المعتمدة علي التعدد الحزبي وبدأت مع عودة الحياة الحزبية في منتصف السبعينيات.. ولا نستطيع هنا أن نقول إنه كانت توجد ممارسات حزبية قبل الثورة.. فمهما كان الأمر فإن التعطيل يؤثر علي هذه الممارسات الديمقراطية.. انقطاعها يؤدي إلي ضياع تأثيرها.. كما لو أننا منعنا لعب الكرة وأوقفنا الدوري العام لمدة 10 سنوات.. لن يكون لديك نشاط كرة.. سوف نظل نذكر أعلام الكرة أمثال: الخطيب وحسن شحاتة وأبوتريكة وعندما يعود الدوري مرة أخري من المحتمل جدًا أن يكون هناك فريق أكثر قوة، وبالتالي سيكون صاحب السبق.. لذلك نحتاج إلي مزيد من الصبر حتي يكون هناك دوري سياسي مثل الدوري الرياضي.
وأيضًا دور القطاع الخاص.. وهي المبادرة الثانية.. والحكومة الحالية هي الأكثر في وضع القوانين والقواعد الراسخة التي سيعتمد عليها من يأتي بعدها في الممارسة التي ترسخ لوجود القطاع الخاص.. قوانين حماية المستهلك وقوانين رقابية متعددة تؤدي إلي التمكين للقطاع الخاص.. وأؤكد أن من يسيطر علي الاقتصاد المصري الآن هم مصريون وليسوا أجانب كما يشاع.
وقد حدث ترديد لبعض (الكلاشيهات) مثل تلك التي تقول إن القطاع الخاص يقترن بالكفاءة.. وهذا خطأ.. وارد جدًا أن لا تتوفر الكفاءة في القطاع الخاص.. وتلك ملاحظة واجبة.
وهناك من يردد أن القطاع العام مرتبط بقواعد العدالة وهذا غير صحيح أيضًا.. وهناك شركات عامة كثيرة مشرفة وقد أشرفت علي بعضها مثل شركة الألومنيوم وشركات تداول الحاويات والشركة التي أعتز بها أي شركة حسن علام للمقاولات.. وشركة مختار إبراهيم.. وهي شركات تمثل تجارب واضحة في العدالة والكفاءة والتطوير وهي متميزة.
أما المبادرة الثالثة التي قام بها الرئيس السادات ومكنها الرئيس مبارك فهي مسألة حرية الرأي والتعبير.. من خلال الصحافة والرئيس مبارك تحدث كثيرًا عن السلطة الرابعة التي تقوم بدورها والرئيس مبارك يقدر هذا الدور.. دور الصحافة، والإعلام في الدولة المدنية الحديثة المعاصرة.
وبالرغم من أن السادات كان صاحب المبادرة إلا أنه لم يصبر عليها.. ولكن الرئيس مبارك أعطاها كل الحرية.. رغم أن الصحافة الآن تحولت إلي الطابع المنذر أكثر من النوع المبشر.
أنت تتكلم عن نموذجين من نماذج الصحافة في التأثير علي التقدم في مصر.. الصحافة المبشرة والصحافة المنذرة أيتهما الأغلب في الصحافة؟ إلي أي مدي تسهم الصحافة في صناعة التقدم؟
الصحافة بمنذريها ومبشريها يجمعهم شيء واحد وهو مهم، الإصرار والاستبسال في الدفاع عن الحرية.. وأنا أري أن هذه واحدة من القيم الأساسية لمصر في المستقبل وواحدة من القيم الكبري للتقدم وتشمل من جانبي أشد وأعنف من انتقدني شخصيًا أو انتقد سياساتي ولا يقل عن آخرين بل هو أكثر تمسكًا في بعض الأحيان بهذا الأمر ممن يأخذك أمرًا مسلمًا به.
وقد تشهد لي أنه علي مدار السنين وكانت هناك مناسبات كثيرة وأنا لم أدخل مع صحفي واحد أو صحيفة لا في خصومة شخصية أو اللجوء للقضاء لا وأنا وزير أو ما قبل ذلك وأنا في الحزب.
أنا لدي أرشيف صحفي في مكتبي بكفر شكر ومن خلال متابعة هذا الأرشيف أتأكد أن الصحافة الاقتصادية قد تقدمت كثيرًا ولكن هل هناك ثقافة مالية واقتصادية في مصر تتواكب مع متطلبات القرن الواحد والعشرين.. أنا أدعي أن أمامنا عملاً كثيرًا.. وأشير في هذا إلي أن أمريكا وبريطانيا يقولون الآن أن واحدًا من أسباب الأزمة المالية هو غياب الثقافة المالية ويجب أن يعلموا من خلال التعليم والإعلام والوسائل الأخري.
ما يجب أن يكون معلومًا بالضرورة وأنا قلت هذا في مؤتمر في كفر شكر أن الناس عندنا مازالوا لا يعلمون أمورًا كثيرة ولا يعلمون من أمور التعامل إلا قيراطين.. قيراط الذهب وقيراط الأرض الذي يعلمه أي مزارع بسيط.. وإلا ما هو تفسيرك لانتشار ممارسات لتوظيف الأموال رغم أنه كانت عندنا أكبر مصيبة حدثت في الدول النامية في الثمانينيات.
علاقتك ناجحة مع الصحافة.. لكنك تعرضت لانتكاسات منها انتقادات سياسة الخصخصة وثانيًا انهيار موضوع الصكوك الشعبية وثالثًا في مسألة عمال شركات قطاع الأعمال ورابعًا البورصة والتحميل عليها.. ولعل مسألة البورصة تفسر بعد ذلك لماذا ظهرت شركات توظيف الأموال.. لأن المواطن لا يثق في البورصة؟
أولاً: أنا لا أحمل الصحافة أيا من هذه المشاكل ولكن الصحافة في النهاية ناقلة للتوجهات ومذكية لهذه التوجهات.. وأنا لا ألومها في شيء.
ثانيًا: في موضوع إدارة الأصول لا يوجد خلاف كبير إلا في باقي مكونات إدارة الأصول لأن هناك عددًا من الآراء ترفض استثمارها في القطاع العام لكن هؤلاء أقلية، هناك مجموعة أخري مش فاهمين أو معترضين علي بعض السياسات.. هم أحرار.. وبعض الناس واخدة موقف من الخصخصة عقيديًا وأنا متحفظ عليها.
وقلت من اليوم الأول وأول تقرير وأكدت أن الخصخصة ليست هدفًا بل هي وسيلة لجذب المزيد من الاستثمارات وذلك في إطار برنامج شامل.. وقد كتبت عدة مقالات علمية في هذا المجال.. ويحسب لمسألة الخصخصة المصرية أنه لم تحدث مواجهة مثل التي حدثت في إنجلترا عندما أنزلت القوات الخاصة لمواجهة عمال المناجم وقتل فيها بعض البشر.. ولم يحدث هذا في مصر.
الخلاف الشديد حول الأمر موجود حتي في دولة ذات توجه رأسمالي غربي.. وأنا حافظت علي المطلوب في الحفاظ علي العمالة، ومن المدهش أنني فوجئت في إحدي الجرائد بمن يقول إننا بعنا بعض شركات ونحن لم نبعها مثل شركات الأسمنت.. ومن يقول إنه يوجد815 ألفًا من العاملين في شركات قطاع الأعمال العام تم تشريدهم خلال فترة هذه الحكومة.. وبالعودة للأرقام نجد أننا عملنا الكثير للعمالة في الشركات وأكدت أنه لا ترغيب ولا ترهيب لإجبار العمال علي المعاش المبكر.. كما قمنا بتثبيت العمالة بعد 3 سنين وهي أمور غير مسبوقة ومن خلاله ثبتنا ما يزيد علي 40 ألف عامل وشغلنا 35 ألف عامل آخرين وضخخنا استثمارات بلغت 19 مليار جنيه، وحصل أن هناك عددًا من الشركات التي لم تكن مطروحة أصلاً للخصخصة كان بها عدة مشاكل، ولكن هذه الشركات اليوم تحظي بقدر عال جدًا من الاستقرار وزيادة الدخول وهذه الشركات هي التي تحظي بوجود تكتلات عمالية كبيرة وهي ملعب كبير للسياسة الذي يريد أن ينشر أفكار تيار معارض أو مناهض أو متطرف يجد فيها مكانًا مناسبًا لإشاعة البلبلة.
عموما لقد استفدنا كثيرًا وكنا أكثر اندماجًا وتعاونًا مع وسائل الإعلام حتي نظهر ما نريد.. وكنت أحب أن أري قناة اقتصادية متخصصة.. وقد كلفنا البورصة لإنشائها وتبث عليها التعاملات التي تتم علي مدار الأربع ساعات التي تعمل فيها وعلي مدار اليوم يتم عرض البرامج الاقتصادية التي تساعد علي تزويد المعلومات للناس وأري أن هذه القناة لو كانت موجودة لساعدت كثيرًا في عملية توضيح الأمور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.