علي الرغم من أن اختيار التوقيت المناسب لإعادة هيكلة الديون السيادية ليس بالأمر اليسير، لأنه لم تتضح المعالم في الفترة الحالية بشأن أزمة السيولة، وما إذا كانت ذات أجل قصير أم أنها ستطول، لأنها أزمة تحتاج إلي إنقاذ عن طريق الاقتراض، كما أن حالة الإعسار الراهنة تتطلب مزيدا من إعادة الهيكلة، فضلا عن أن أي قرار يتعلق بإعادة الهيكلة ينبغي اتخاذه بالمنطق، وليس كملاذ آمن فقط من أجل الاستقرار لفترة قصيرة. ولكن الغريب في الأمر أن الحكومات الأوروبية لم تتبن أصلا فكرة إعادة الهيكلة، وخير برهان علي ذلك ما نشرته صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية علي صفحاتها، موضحة انها لم تر إعادة هيكلة الديون السيادية النور في الوقت الحالي بسبب المعارضة والرفض الشديد من جانب وول ستريت، بالإضافة إلي المصالح الاقتصادية المشتركة والمتوقعة بين أعضاء صندوق النقد الدولي، فضلا عن ظهور عوامل الشد والجذب الخاصة بالحلول من جانب السلطات في الدول ذات الديون السيادية، وقد يرجع ذلك إلي غياب آلية تقليل الديون بصورة منتظمة، وقد يسبب ذلك اعتماد البلدان الدائنة خلف بنوكها لفترات طويلة حتي يتم سداد الديون. ومن جانبه يري الدكتور عصام خليفة العضو المنتدب لشركة الأهلي لإدارة صناديق الاستثمار أنه كان من الضروري أن تتبني البلدان الأوروبية تلك القضية، لأنها من الأهمية بمكان في ظل الظروف التي يشهدها الاقتصاد العالمي من أزمات متتالية، ومن ثم ينبغي تحديد ميعاد الهيكلة، لأن تحديد الوقت المناسب لتلك الهيكلة ليس أمرا سهلا كما يتصور البعض، موضحا أن التشابه بين ما يحدث اليوم في السوق تحت تأثير ما يسمي بأزمة ديون الدول، وما كان يحدث يوم اندلاع الأزمة المالية الأخيرة، بداية من قطاع العقارات والقروض عليها أمسي واضحا، و:أخطر ما فيه هو معاودة فقدان الثقة بين المؤسسات المالية، ومن المعروف أن فقدان الثقة يعد من الأمور الخطيرة جدا بين المؤسسات وبعضها. ويقول إن العام الجاري مازال يشهد مشكلات كبري تتعلق بالسندات السيادية، خاصة في البلدان المتقدمة، وسبب ذلك هو اقتراض الحكومات مبالغ كبيرة جدا من القطاع الخاص كجزء من عمليات إنقاذ القطاع المالي، إلا أن ذلك يحدث منذ فترة طويلة، حيث سبب ذلك عجزا في المالية العامة الخاصة بالعديد من تلك الدول المتقدمة، حيث كان يتم تمويله من خلال الديون، واختفي ذلك عبر الاندفاع قصير الأجل في إيرادات الضرائب، حتي تضخمت بفعل طفرة الإسكان وفقاعة الأصول. ويوضح أحمد زينهم "مدير شركة تي إم تي للاستثارات المالية" أنه أمر مخجل للاقتصاد العالمي بسبب إشارة صحيفة عالمية تتمتع بالمصداقية إلي وجود مصالح مشتركة بين أعضاء مؤسسة ضخمة مثل صندوق النقد الدولي نعتبرها المسئول والحامي الأول للاقتصاد العالمي، لانه مادام دخلت المصالح في عمل أي مؤسسة فهذا ينذر بالفشل الذريع لتلك المؤسسة، فضلا عن أن ذلك يطرح تساؤلا في غاية الصعوبة، وهو من يصبح مؤتمنا علي حماية الاقتصاد الدولي. ولفت إلي أن معاهدة الاتحاد الأوروبي القائمة من أجل استقرار ميثاق النمو، تشير إلي أن الجهة المتخصصة في القضايا المالية هي المجلس الأوروبي الذي يضم في كيانه الحكومات المحلية للدول الأوروبية، ولكنه يعمل وفق مقترحات من جانب ثلاث مؤسسات مسئولة عن إعداد برامج المساعدة، وتضم كلا من البنك المركزي الأوروبي، فهو المسئول الرئيسي عن استقرار اليورو، والجهة الثانية تضم المفوضية الأوروبية، والتي تعد الجهة المسئولة عن المصالح الأوروبية المشتركة، بالإضافة إلي الجهة الثالثة والتي تضم صندوق النقد الدولي، وهو المسئول عن التنظيم والمشاورات والمفاوضات القائمة بين المؤسسات الأوروبية والعالمية. وقال إنه لابد من ضرورة توافر السيولة في أقرب وقت للقضاء علي الذعر الذي أصاب الأسواق مؤخرا، وكذا لحماية المستثمرين، وأيضا البورصات من الانهيار، وسيكون ذلك التوفير عن طريقة جهة دولية تعمل علي الإقراض مثل البنك المركزي الأوروبي، أو صندوق النقد الدولي، ومن ثم سيعمل هذا علي منع مشكلة عدم توافر السيولة، الأمر الذي يقود إلي التغلب علي مشكلة العجز في سداد الديون، وينبغي الإشارة إلي أنه إذا كانت هناك دولة تعجز عن سداد ديونها في الواقع، ولا تعاني من مشكلة عدم توافر السيولة، فإن عمليات إنقاذها، لن تمنع العجز عن سداد الديون. وأوضح أن اتخاذ أوروبا قرارا بتأسيس صندوق طوارئ من أجل تضييق أزمة اليونان سيعمل علي الحد من اتساع نطاق عدوي أزمة ديون اليونان إلي دول أخري بمنطقة اليورو، وأيضا علي مستوي الدول الأخري، فضلا عن أنه سيعمل علي تحجيم تداعيات أزمة الديون السيادية بصورة عامة، وسيدعم ثقة المستثمرين في أوروبا، وفي عملتها. ويضيف الدكتور محمد الصهرجتي العضو المنتدب لشرة سوليدير للوساطة في الأوراق المالية أن الأزمة الأخيرة التي تواجهها اليونان، كانت بفعل سيل من الديون السيادية في