"السلام مع حكومة بنيامين نتنياهو مستحيل".. تلك هي الخلاصة، ولابد من الوعي بها، وإدراك تبعاتها، مثل تحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس كمصلحة وطنية لمواجهة التحديات المقبلة، فالمصلحة الفلسطينية تقتضي انجاز المصالحة، لأن الانقسام قد يتكرس بمرور الزمن، وقد تصبح هناك شريحة مستفيدة منه. ربما يكون المناخ الدولي الحالي هو الأفضل في تفهم الحقوق الفلسطينية، ويجب استغلاله غير أن الفلسطينيين في أسوأ وضع للاستفادة من هذه الفرصة بسبب انقسامهم وضعف العالم العربي، علي الرغم من أن هناك فرصة ذهبية مواتية للعرب، ففي تصريحات غير مسبوقة لمن يعتبرون "أصدقاء إسرائيل" الرئيس الأمريكي باراك أوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني، وجميعها تنتقد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بكلمات قاسية، بل احتوت علي التهديدات، فقبل أسبوعين تقريباً استهل ساركوزي لقاءه بالرئيس الإسرائيلي شمعون بيرس بخطاب ساخن استغرق ربع ساعة ركز فيه علي مهاجمة نتنياهو معبرا عن خيبة أمله فيه، وأعرب عن استغرابه وعدم فهمه عما يريده هذا الرجل "نتنياهو"؟ وقبل الاستفاقة من هذا الموقف نشرته صحيفة "نيورك تايمز" تقريراً كشفت فيه مضمون رسالة وجهها الرئيس أوباما إلي الرئيس الفلسطيني محمود عباس يؤكد فيها التزامه العميق بالتسوية علي أساس الدولتين للشعبين، ويتعهد بها خطياً بأنه في حالة استمرار إسرائيل في ممارساتها التي تزعزع الثقة بين الطرفين فإن الولاياتالمتحدة ستمتنع عن ممارسة حق النقض "الفيتو" لدي بحث مشاريع قرارات إدانة لإسرائيل في مجلس الأمن، وتعتبر مصادر مراقبة في إسرائيل أن هذه هي المرة الأولي في تاريخ الولاياتالمتحدة التي يتم فيها اتخاذ موقف أمريكي قاس علي هذا النحو وتسجيله خطياً علي الورق. لقد جاءت الانتقادات الدولية لإسرائيل علي خلفية الجمود الحاصل في العملية التفاوضية مع الفلسطينيين، فالأزمة بين واشنطن وتل أبيب تنعكس تلقائيا علي العلاقات بين إسرائيل وعدد من أبرز أصدقائها في أوروبا وفي مقدمتها فرنسا وألمانيا وإيطاليا ويجعلهم يوجهون انتقادات لسياسة نتنياهو وحكومته. وبدأت التحركات الدبلوماسية أولي خطواتها بالدعوة التي وجهها باراك أوباما إلي عباس لزيارة واشنطن الشهر المقبل لاستئناف محادثات السلام، كما أن المبعوث الأمريكي إلي الشرق الأوسط جورج ميتشل طرح أفكاراً جديدة لإحياء عملية السلام، ويبدو واضحآً أن الإدارة الأمريكية تريد تجريب المفاوضات غير المباشرة لفترة محدودة لا تتعدي أربعة أشهر، لتحدد بعدها خطواتها المقبلة للحل السياسي. وفي الآونة الأخيرة عقد العديد من المسئولين الفلسطينيين لقاءات مع مسئولين في البيت الأبيض قدموا خلالها مقاربتين للتعامل مع أزمة المفاوضات الأولي قدمها ميتشل وتقوم علي إعادة الطرفين إلي طاولة المفاوضات وحملهما علي التفاوض علي حل، والثانية قدمها مستشار الأمن القومي جيمس جونز وتقوم علي تقديم خطة أمريكية للحل وحمل الجانبين علي التفاوض عليها. غير أن الرئيس أوباما أميل إلي تجريب مقاربة ميتشل أولاً، لكنه بدأ يميل مع الوقت إلي مقاربة جونز بعد فشل الإدارة الأمريكية في التأثير في إسرائيل لقبول متطلبات بدء العملية التفاوضية، وفي مقدمتها وقف الاستيطان. ومع ذلك فإن الإدارة الأمريكية في كلتا الحالتين ستكون مطالبة بعد مرور أربعة أشهر بطرح خطتها للحل السياسي، خاصة أنه ليس هناك أي مؤشر ولو صغيراً جداً إلي وجود فرصة لنجاح المفاوضات التقريبية مع إسرائيل إلا أنها ممر لابد من أن يسير فيه الفلسطينيون ليصلوا إلي المرحلة التالية وهي طرح الخطة الأمريكية للحل، خصوصاً أن الفجوة بين المواقف الفلسطينية ومواقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو واسعة جداً، وفرصة الاتفاق فيما بينهما قريبة من الصفر، لذلك لا خيار أمام الفلسطينيين وأمام الإدارة الأمريكية سوي طرح خطة حل، وفرضها علي الأطراف المعنية وكي تعود الأطراف إلي المفاوضات كان لابد من تقديم ضمانات أقلها بعض المطالب المتواضعة من الفلسطينيين والتي أكدها مسئولون إسرائيليون وفلسطينيون علي حد سواء، بأن الرئيس الأمريكي قدم "طلبا لنتنياهو من أجل تعبير الطريق أمام عودة الجانب الفلسطيني إلي المفاوضات، وبحسب هذه المصادر فإن نتنياهو وافق علي الطلبات المتعلقة بإطلاق سراح أسري، وإزالة حواجز وغيرها، لكنه رفض طلبية الأول هو وقف الاستيطان في القدس، والثاني تحويل مناطق في الضفة تحت السيطرة الإسرائيلية إلي السلطة الفلسطينية.