يوم الخميس الماضي نشرت "العالم اليوم" تحقيقا كشفت خلاله عن الاتفاقيات الدولية التي تلزم حكومة مصر بتطبيق حد أدني للأجور يتناسب مع الأسعار، وجري نشر حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري رقم 21606 لسنة 63 قضائية والصادر عن 30 مارس 2010 والقاضي بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن وضع الحد الأدني للأجور، وطرحنا العديد من التساؤلات وقمنا بالإجابة عليها ومنها الأراء الدولية والاتفاقيات التي وقعت عليها حكومة مصر حول ملف الأجر ولكن الملف مازال مفتوحا ويفرض علينا محاور أخري نظرا لأهميته بالنسبة لأكثر من 20 مليون مصري يعملون بأجر، ويبحثون -ونحن معهم- عن حد أدني يحافظ علي كرامتهم أمام الموجات المتتالية من ارتفاع الأسعار: فماذا عن القطاع الخاص وكيف ينظر إلي ملف الحد الأدني للأجور، وما علاقته بحكم القضاء الإداري خاصة في ظل حالة التوتر القائمة بين هذا القطاع المهم -الذي قالت عنه منظمة العمل الدولية في مؤتمر لها بالقاهرة منذ أيام قليلة إن مستقبل الوظائف في مصر يكمن في القطاع الخاص شئنا أم أبينا وبين الحكومة والبرلمان والعمال، ويكفي أن نشير أيضا إلي كلام د.فتحي سرور رئيس مجلس الشعب عندما قال في البرلمان إن الحكومة لها أنياب ويجب أن تستخدمها في وجه المستثمرين الذين لا يلتزمون بالقانون. وأنياب الحكومة التي تحدث عنها الدكتور "سرور" أثارت غضب بعض أصحاب الأعمال الذين طالبوا علي الفور بالاستماع إليهم وعدم الاكتفاء بالدفاع عن طرف واحد دون معرفة مبررات الطرف الآخر، مؤكدين أنهم ينفذون القانون بحذافيره، وقال عادل العزبي نائب رئيس شعبة المستثمرين باتحاد الصناعات إن هناك كثيرين من رجال أعمال يتلزمون بالقانون وهناك قطاع خاص ناجح يسعي للمزيد من الإنتاج ويحافظ علي العمالة ويحترم القانون، وليست الحياة لونها أسود كما يعتقد البعض. ما إذن شروط القطاع الخاص لتنفيذ هذا الحكم؟ وماذا عن الروشتة الجديدة التي يقدمها المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الحروف لتنفيذ الحكم دون المساس بأي طرف من أطراف العمل سواء بعيد عن أنياب الحكومة التي تحدث عنها "سرور" نحن نتساءل هل سيحترم القطاع لخاص قرار محكمة القضاء الإداري الجديد بتطبيق الحد الأدني للأجور والذي ميز بين أجور العاملين في الحكومة وأجور العاملين في القطاع الخاص بعد أن أوضح أن العاملين بالحكومة تحكم مرتباتهم المادة 40 من قانون العاملين المدنيين والجدول المرفق بالقانون رقم (1) وأن تعديل أجورهم يحتاج إلي تعديل تشريعي لذا رفضت المحكمة قبول تدخل كل موظفي الحكومة الذين تدخلوا في القضية، أما العاملون في القطاع الخاص وقطاع الأعمال العام فهم المخاطبون بنصوص المادة 34 من قانون العمل ولذا قبلت تدخل ياسر حساسة العامل بشركة أطلس العامة للمقاولات والذي قام برفع الدعوي القضائية، وتتطرق نصوص الحكم الجديد إلي دور الدولة في تحديد الأجور، فالمادة 34 من قانون العمل 12 لسنة 2003 أنشأت المجلس القومي للأجور لمباشرة اختصاصه وهو واجب عليه لا يجوز له أن يتقاعس عن تحديد الحد الأدني وإلا أصبح ذلك تعطيلا لأحكام القانون وتحديا لإرادة المشرع بغير سند. وهنا يقول خالد علي مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي تبني هذه القضية ونجح في الحصول علي هذا الحكم التاريخي إنه حتي لو ارتبط العامل بعقد عمل في القطاع الخاص فلا يجب الإخلال بالحد الأدني فقد نصت المادة 5 من قانون العمل علي إبطال كل شرط أو اتفاق يخالف قانون العمل، ونصت المادة 37 إذا تم تحديد الأجر بالإنتاج أو العمولة ألا يقل ما يحصل عليه العامل عن الحد الأدني للأجور، وأشار إلي دور الدولة في شأن تحديد الأجور وقال إنه دور إيجابي وليس دورا سلبيا فلا يجوز لجهة الإدارة سواء في قطاع الأعمال العام أو الخاص أن تترك تحديد أجور العمال لهوي أرباب الأعمال من أصحاب رأس المال دون التزام بحد أدني للأجور مستغلين حاجة العمال إلي العمل وإجبارهم علي تقاضي أجور غير عادلة لا تتناسب مع الأعمال التي يؤدونها، ولا تساير ارتفاع الأسعار وزيادة نفقات المعيشة، وعلي الجهة الإدارية أداء الالتزام المنوط بها دستوريا وقانونيا بضمان حقوق العمال وكفالة الأجر العادل لهم، وعليها واجب التدخل لضمان الحد الأدني لأجور العمال ولا يجوز لها أن تتخلي عن واجبها إهمالا أو تواطئا. "مطابنا" الورقة التي حصلت "العالم اليوم" عليها من المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ويجري توزيعها الآن بشكل واسع علي المهتمين بهذا الملف هي من إعداد الباحث الاقتصادي أحمد السيد النجار الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام وأشارت الورقة التي جاءت تحت عنوان: "مطالبنا من الحد الأدني للأجور" إلي أنه