بعد إعداد استمر قرابة الخمس سنوات وجدل استمر عدة شهور تم مؤخرا إقرار قانون الاثار من مجلس الشعب وقد جاء القانون الجديد لتحقيق هدفين اساسيين هما منع تنقيب الاهالي عن الاثار وبيعها بمعرفتهم للداخل والخارج وكذلك ضمان عودة الاثار المصرية المهربة من الخارج والاحتكام في هذا الشأن إلي القانون المصري وليس قانون الدول التي تم تهريب الاثار إليها. ولأن مصر تعد من أبرز الدول التي تعاني تعديات علي آثارها وصلت إلي حوالي ثمانية آلاف قطعة مهربة، تعد الكارثة ان العقوبة التي يواجهها هؤلاء المهربون وفق القانون القديم هي دفع خمسين جنيها غرامة فقط، وهي بالطبع عقوبة غير رادعة تدفع الشخص لتكرار المحاولة مرة بعد اخري. ولأن تجارة الاثار ذات عائد ضخم ربما تكون أكبر من تجارة المخدرات فقد اصبح هذا "البيزنس" غير المشروع يلقي رواجا داخل السوق المصري، وتشكلت مافيا تحتكر هذه التجارة لها أسرارها الخاصة، ومن ثم فالارقام هنا دائما ما تكون مبهمة سواء فيما يتعلق بأسعار القطع الاثرية أو عددها، ولكن بنظرة سريعة لبعض القري الفقيرة في محافظات الصعيد سوف نكتشف كيف تحول بعض مواطنيها إلي اثرياء بين يوم وليلة بسبب التجارة في الاثار، الأمر الذي يعكس العائد الكبير الذي يمكن تحقيقه من هذه التجارة خاصة في ظل فقر كبير في هذه المناطق المنسية ونقص الوعي الاثري لمعظم المصريين واعتبار البعض أن هذه التجارة مشروعة بتبرير أنه لا يسبب ايذاء للبشرية كما تفعل المخدرات علي سبيل المثال. اقرار القانون لم يأت بسهولة ولكن بعد مناقشات ساخنة شهدتها لجنة الشئون التشريعية لمجلس الشعب، فهناك مواد كانت محل خلاف في التعديلات المقترحة علي قانون حماية الاثار وهي المواد 2 و8 و36 والخاصة بتعريف الاثر حيث كان وجه الاعتراض في عدم وضوح التعريف وكذلك الحال بالنسبة للمادة 36 التي تنص علي انه تسري علي النماذج الاثرية التي ينتجها المجلس وصور القطع والمواقع الاثرية المملوكة له جميع حقوق الملكية الفكرية والعلامة التجارية وحماية استغلالها لصالحه، وبالفعل تمت الموافقة علي تلك المواد بعد ان كان الخلاف هو جزئية حق الملكية الفكرية للمجلس الاعلي للاثار، فقد كانت هناك رغبة في الاكتفاء بالعلامة التجارية فقط إلا أن المناقشات اسفرت علي اقرار المادة باعتبار ان الملكية الفكرية حق اصيل للمجلس، أما المادة "8" فقد كانت الاكثر جدلا وخلافا حيث وصف البعض تنفيذها بالكارثة لكونه سيؤدي إلي انتشار التنقيب والحفر في مصر كلها بحثا عن الاثار وذلك بداية من شهر مارس المقبل حينما يتم اقرار القانون الذي تنص إحدي مواده علي اخطار مالك الاثر للمجلس الاعلي للاثار خلال عامين من حيازته له، لكن اقر القانون الجديد أنه علي من يملك قطعا اثرية، وفقا لاحكام القانون أن يخطر بها المجلس خلال ستة أشهر علي الاكثر تبدأ من أول مارس 2010. وبعد كل هذا الجدل والشد والجذب، السؤل الآن الذي يطرح نفسه: هل القانون الجديد قادر علي حماية الاثار المصرية من عبث التجار.. وهل القانون وحدة يكفي أم نحن بحاجة إلي عناصر أخري وما الاضافة التي سيقدمها في الفترة القادمة حتي تتم الاستفادة من هذه الثروة القومية؟ أسرار البيزنس الممنوع الاثار تجارة خفية وبيزنس مربح.. هذا ما اوضحته بعض التقارير.. فهناك عصابات كبيرة تحتكر هذه التجارة واشهرها يتواجد بالبدرشين ومحافظة المنيا حتي ان قرية مثل ميت رهينة تحولت إلي ما يشبه سوقا لبيع الاثار.. والأسعار هنا تختلف حسب حجم القطعة وقيمتها وعادة ما يقوم التجار بشراء مقبرة مقفولة "من بابها" من مكتشفها شرط تحمل مخاطرها بسعر 5 ملايين جنيه علي ان يقوم التاجر بعد ذلك ببيع القطع الموجودة بها جزئيا، فسعر الحجر الفرعوني يبدأ من 2 مليون دولار، وليس له حدود ويتفاوت حسب الحجم، أما التمثال الذهب الفرعوني فيبدأ من 4 ملايين دولار ويصل إلي مليارات ويشترط هنا في التمثال للتأكد من سلامته التناسق بين اجزائه فالمسافة بين العينين يتم حسابها كذلك المسافة بين الفم والانف وهكذا يتم التأكد منه بمقايسات مختلفة. أما "الرفايع" التي تمثل أيضا قيمة مهمة في المقبرة وأسعارها تبدأ من 700 ألف دولار وتصل حتي المليار وهي تأخذ اشكال التاج السلسلة أو الاسورة، جعران، بيضة طائر مقدس كان يمثل شعارا فرعونيا، تمساح أو افعي.. كما تمثل العلامات الموجودة علي المقابر قيمة كبيرة أيضا، فثمنها مرتفع كونها البداية التي يتم عن طريقها التوصل إلي باب المقبرة.