أصبح الاعلامي الكبير عماد الدين أديب ظاهرة مثيرة للجدل في الاوساط السياسية والاعلامية. فبين الحين والآخر يخرج عماد أديب من عزلته الاختيارية ليفجر عدة قضايا تظل موضع اهتمام الصحافة والرأي العام لفترة طويلة وتثير حولها الكثير من الافتراضات والتكهنات والتساؤلات حول دوافعه للحديث، وحول ارتباط ما يقوله بعملية صنع القرار. ولم يترك أديب العام الماضي ينقضي دون ان يختتمه بحديث من العيار الثقيل للسيدة مني الشاذلي في الحوار الصريح الذي جري عبر قناة "دريم". ولم يكن عماد أديب في هذا الحوار متحدثا جيدا لتلميع صورة النظام، كما يعتقد البعض بقدر ما كان ناصحا أمينا للنظام في مرحلة بالغة الخطورة من تاريخ مصر السياسي لا تصلح معها لغة التطبيل والتهليل والنفاق. ولعل أخطر ما تطرق إليه عماد أديب هو ما يتعلق بفشلنا في ادارة الازمات، واندفاعنا في كل قضية بدون دراسة متأنية لأبعادها وللهدف الذي نتطلع للوصول إليه ونأمل تحقيقه، وضرب أمثلة في ذلك بفشل المعالجة السياسية والاعلامية في قضية الجزائر وفي قضية الجدار أو المنشآت التي تقيمها مصر لحماية حدودها..! وما يقوله أديب في هذا الشأن قلناه ايضا من قبل، وهو انه لا توجد جهة معينة محددة تتولي التنسيق والتخطيط وادارة الازمات، وتأخذ في الاعتبار ما يمكن ان يترتب عليه التصعيد في أي أزمة وما يمكن ان نخسره وما نتوقع ان نكسبه.. وهي لجنة أو جهة يجب ان تضم في عضويتها خبراء حقيقيين في الامن والسياسة والاعلام يرسمون خارطة طريق دقيقة عند التعامل مع أي أزمة. وأثرنا في هذا من قبل الغياب الواضح لوزارة الاعلام وعدم ظهورها بقوة وفاعلية في أية أزمة بحيث لم يعد لهذه الوزارة دور حقيقي تقوم به وأصبح الغاء الوزارة أو تفكيكها أمرا ضروريا ومطلوبا. إن عماد الدين أديب وحده في لقاء تليفزيوني استطاع ان يقول ويشرح الكثير مما فشلت أجهزة رسمية عديدة في الخارجية والاعلام ان تقوله للناس أو تقنعهم به، خاصة ما يتعلق بالانفاق الموجودة بين مصر وغزة التي أصبحت طريقا سهلا لتهريب المخدرات والمتفجرات والارهاب إلي داخل مصر. إن مصر قد بدأت أخطر عامين في تاريخها السياسي المعاصر، فهذا العام هو عام الانتخابات البرلمانية التي ستجري لأول مرة بدون إشراف قضائي، والعام القادم هو عام الانتخابات الرئاسية، وسيشهد هذان العامان العامين حراكا سياسيا هائلا من نوع مختلف ومغاير لكل العقود السابقة، وسيكون من الخطأ ومن الخطر ان يتم التعامل مع ما يمكن ان يقع من مفاجآت ومن متغيرات دون ان يكون هناك فريق مدرب وجاهز لكل السيناريوهات والاحتمالات، فكل ما يهمنا وكل ما نبحث عنه هو ان تمر هذه المرحلة بسلاسة وهدوء حفاظا علي أمن واستقرار هذا الوطن.