يبدو السؤال الأهم في أزمة ديون "دبي العالمية" التي كشف عنها مؤخراً هو: لماذا لم تتدخل حكومة دبي أو حكومة أبوظبي لإنقاذ الشركة المملوكة بنسبة 100% لحكومة دبي؟! عدم وجود إجابة واضحة عن هذا السؤال كان السبب الرئيسي وراء الفزع الذي أصاب الأسواق العالمية والإقليمية وأدي إلي توابع عديدة منها تخفيض جدارة دبي الائتمانية ودرجتها الاستثمارية وارتفاع كلفة الاستثمار بها وإليها. والغريب أن نفس المؤسسات المالية التي احتفت بازدهار دبي وفورتها العقارية وشجعت علي منحها الائتمان كانت هي نفس المؤسسات التي سارعت بسحب يدها وتخفيض درجاتها الائتمانية.. وقالوا بعد ذلك نحن حذرنا كثيراً وكنا نتوقع هذا الانهيار.. تماماً كما كانت تصريحات البنك والصندوق الدوليين حول الأزمات المالية العالمية التي شاركوا هم فيها بالأساس دون رقابة. لكن عودة للسؤال الأول فإن الخلط بين الشركة "دبي العالمية" والحكومة.. كان هو الخطأ الرئيسي.. وهو الخطأ الذي ارتكبته المؤسسات المالية والبنوك بقناعة منها أن إقراض شركة "دبي العالمية" المملوكة بنسبة 100% لحكومة دبي والتي تمثل الذراع الاستثماري للشيخ محمد بن راشد نفسه هو إقراض لحكومة دبي.. لكن الأزمة كشفت غير ذلك. فحتي هذه اللحظة لم تتدخل حكومة دبي ولا الشقيقة أبوظبي لضخ أموال في الشركة التي تملك: دبي للموانئ، المناطق الاقتصادية، نخيل، المنطقة الحرة بجبل علي، ومشروعات عقارية كثيرة مثل: جزر البالم، اتلانيس وشركات استثمارية مثل استثمار وتمويل. ديون الشركة تبلغ قرابة 60 مليار دولار تحاول الآن إعادة جدولة 26 ملياراً منها.. فيما تصل قيمة إجمالي ديون حكومة دبي الرسمية إلي قرابة ال 90 مليار دولار "تتضمن الديون الخاصة". وعلي الرغم من التصريحات المتكررة من وزير الاقتصاد الإماراتي بأن الأمور تسير علي ما يرام.. فإن درهماً واحداً لم يدعم الشركة.. فيما طرح السؤال الآخر: ماذا عن الشقيقة الكبري أبوظبي..؟! وهنا تتدخل السياسة. فدولة الإماراتالمتحدة كما أنشأها الراحل الشيخ زايد تقوم علي استقلال القرار لكل إمارة.. ولم تكن فورة دبي واستقلالها الزائد أمر مرحب به كثيراً للشقيقة الكبري أبوظبي التي تتحكم في قرابة ال 90% من عائدات النفط الإماراتية كما تملك أكبر صندوق سيادي في العالم يضم 627 مليار دولار من الأصول.. وكان هناك إحساس أن دبي تتحدي كل القواعد خاصة فيما يتعلق بتمليك الأجانب وإهدار الثروة العقارية. وعلي الرغم من أن أبوظبي قد تدخلت أوائل العام لشراء ديون سيادية لدبي قيمتها عشرة مليارات دولار.. كما ضخت بنوك أبوظبي ما قيمته 5 مليارات دولار في سندات دبي السيادية قبيل الأزمة، إلا أن الأمر توقف عند هذا الحد. ويلح السؤال الذي تنتظره الأسواق: هل ستدخل أي من الحكومتين لإنقاذ الشركة؟! وماذا عن صكوك نخيل الإسلامية التي تحل خلال أيام وقد يسعي حاملوها للقضاء لعدم تأجيل السداد؟! "حوالي 4 مليارات دولار". ربما لا تملك حكومة دبي القدرة علي التدخل الآن لضخ أموال.. ولكن ماذا عن أبوظبي.. وماذا عن الثمن الذي تتوقعه العاصمة مقابل ذلك؟! من المستبعد أن تلجأ دبي إلي بيع أصولها.. قد تلجأ إلي إيقاف بعض مشاريعها بالخارج.. تجميد توسعاتها ببيع بعض الاستثمارات الخارجية.. لكن الأصول في دبي ماتزال موجودة حتي إشعار آخر. تجربة دبي.. كما رأيناها بانبهار.. علينا أن نراقبها بحذر.. وليس بشماتة أو بإعداد للمقاصل لنمو احتفي به العالم.. ثم اهتم كثيراً برؤيته يسقط تماماً كما سقط الكبار. وربما كان الدرس الأهم هنا هو أن الشركة ليست هي الدولة حتي لو كان يملكها رئيس الدولة.