هل زيادة صادراتنا بشكل فعلي مازال حلما صعب المنال رغم كثرة التصريحات التي لم تنقطع منذ فترة طويلة والتي تؤكد علي زيادتها. فهناك حديث يجري في مصر منذ قرارات يوليو الاشتراكية عام 1961 أو ما عرف وقتها بقرارات التأميم بشأن ضرورة زيادة الصادرات المصرية للعالم الخارجي لكونها السبيل الوحيد والأمثل للحصول علي العملة الصعبة التي تحتاجها البلاد، وكانت الصادرات المصرية في تلك الفترة تعتمد بشكل كلي علي الصادرات الزراعية وخاصة محصول القطن، أما الصادرات الصناعية والتي كان يتم توجيهها لدول الاتحاد السوفيتي السابق كانت تتسم بقلة الجودة ونقص الابتكار وعدم مسايرة خطوط الموضة في كل ما يتم إنتاجه سواء من غزل ونسيج أو صناعات جلدية وخشبية وهندسية. وبعد حرب أكتوبر واتباع سياسة الانفتاح بدأت مصر في تصدير البترول ليدخل كأحد أهم روافد التصدير إلي الخارج وفي نهاية حقبة الثمانينيات وبداية التسعينيات بدأت في تصدير الغاز الطبيعي. وبنظرة سريعة لتصريحات المسئولين في الحكومات المتعاقبة بداية من حكومة الدكتور فؤاد محيي الدين عام 1982 وحتي وزارة د.أحمد نظيف الحالية ومروراً بكل وزراء الاقتصاد والتخطيط ثم وزارة التجارة الخارجية فوزارة الاستثمار ووزارة التنمية الاقتصادية فكل هؤلاء أجمعوا علي ضرورة زيادة الصادرات المصرية للخارج وخاصة الصادرات الصناعية وتم وضع النظريات والآليات والاستراتيجيات لحماية إنشاء المؤسسات المالية متمثلة في بنك تنمية الصادرات وصندوق دعم الصادرات ولكن للأسف الشديد بعد كل ذلك نجد أن الصادرات المصرية مجتمعة بما فيها الصادرات الزراعية والصناعية والبترول المعادن والثروة التعدينية كلها لا ترتقي إلي 25% من صادرات دولة كماليزيا علماً بأن عدد سكان ماليزيا 22 مليون نسمة ومصر 80 مليون نسمة هذه النتائج المخيبة للآمال لم تمنع المسئولين من الاستمرار في التصريحات المستفزة بشأن استراتيجية الدولة لمضاعفة الصادرات حيث أعلن مركز تحديث الصناعة مؤخرآً عن وضع استراتيجية جديدة لمضاعفة الصادرات الصناعية المصرية تستهدف زيادة الصادرات من 95 مليار جنيه إلي 200 مليار جنيه وذلك خلال فترة الأربع سنوات المقبلة. المصدرون من جانبهم أكدوا أن الصادرات المصرية مازالت محدودة مقارنة بالإمكانيات المتاحة مشيرين إلي صعوبة تحقيق الأرقام المعلنة في ظل استمرار العمل بطريقة التفكير الحالية وفي ظل إطلاق استراتيجيات دون دراسة مسبقة ودون وجود جهة محاسبة لما تم انجازه في الوقت الذي أشار فيه الخبراء إلي ضرورة اعتراف المسئولين بوجود مشكلة في الصادرات حيث إن المسئولين عادة ما يخرجون علينا بتصريحات تؤكد زيادة الصادرات في الوقت الذي لم نسمع فيه عن مؤشر واحد فقط بأن هذه الزيادة قد وصلت بنا للحد الذي نراه مرضياً والسؤال الذي يطرح نفسه إذا كانت هناك زيادة في قيمة الصادرات كما يعلن المسئولون فلماذا لم يتم الإعلان عن الزيادة المقابلة في قيمة الواردات؟ وهل الصادرات زادت لأن أسعار المواد الخام زادت أو لأن حجم الصادرات زاد؟ هذه الأسئلة تحتاج إلي إجابات واضحة بدلاً من وضع النظريات والمؤشرات التي تتغير بتغير كل وزارة حيث يتم رفع شعار جديد لكل مرحلة من المراحل. بداية يؤكد أدهم نديم المدير التنفيذي لمركز تحديث الصناعة بناء علي النمو الواضح في الصادرات المصرية خلال السنوات الأربع الماضية والخطوات التي اتخذها المصنعون المصريون لاكتساب مكانة في الأسواق الدولية وفي سياق التغيرات التي أعقبت الأزمة المالية العالمية يقوم المركز بإطلاق مبادرة جديدة بهدف فتح قنوات جديدة للوصول إلي الأسواق العالمية، مضيفا أن المركز قام بطرح استراتيجية جديدة لمضاعفة الصادرات الصناعية تستهدف زيادة الصادرات من 95 مليار جنيه إلي 200 مليار جنيه وذلك خلال فترة الأربع سنوات المقبلة، مشيراً إلي أن تطبيق الاستراتيجية يستلزم ضخ 60 مليار جنيه استثمارات جديدة وزيادة عدد المصدرين بنحو ألف مصدر جديد. ومن النتائج المتوقعة لتطبيق الاستراتيجية الجديدة إتاحة 200 ألف فرصة عمل مباشرة و600 ألف فرصة تدريب في المصانع، منوهاً إلي أن العقبات المتوقعة تتمثل في التمويل حيث يمثل حصول القطاع الخاص علي التمويل اللازم الذي يمكنه من النفاذ للأسواق الخارجية تحدياً كبيراً ولكن لدينا استراتيجية لتخطي جميع العقبات وكما تمكنا من النجاح خلال الأربع سنوات الماضية حيث تضاعفت الصادرات الصناعية من 45 مليار جنيه إلي 90 مليارا حالياً.