الأسباب وراء الأزمات المتتالية التي يتعرض لها القطن المصري وتأثير ذلك علي صناعة المنسوجات وحجم الصادرات المصرية وهل من الأفضل زيادتها أم الابقاء علي معدلها الحالي وتأثير السماح باستيراد الغزول.. هذه القضايا وغيرها كانت محور النقاش مع أحمد البساطي رئيس اتحاد مصدري القطان الذي أكد ان زيادة صادراتنا عن المعدل الحالي ليس في مصلحتنا.قال في حواره ل "المساء" ان زيادة حجم الصادرات سوف يؤدي الي تدني الأسعار في الأسواق العالمية وقيام المشترين بالتخزين مما يؤدي الي استمرار الانخفاض في السنوات المقبلة. أشار إلي ان الاعتماد علي أسلوب الجمع اليدوي وراء ارتفاع اثمان القطن طويل التيلة وان كان هذا الاسلوب يحافظ بشكل أفضل علي خصائص القطن المصري. أوضح ان السماح باستيراد الغزول ترك السوق للعرض والطلب يحقق التوازن المطلوب بشرط ان يتم ذلك من خلال ضوابط تضمن عدم انتقال الأمراض للقطن المصري. أكد أنه لابديل عن الاتجاه للصحراء لتحسين نوعية المنتج المصري وزراعة اصناف جديدة تراعي الاحتياجات الفعلية للسوق المصري والاسواق العالمية. * سألنا أحمد البساطي.. ماهو تشخيصك للأزمة التي يتعرض لها القطن المصري في السنوات الأخيرة؟ ** أسمحوا لي أن أعود للوراء قليلاً للاجابة علي هذا السؤال فالقطن المصري كان قاطرة الثورة الصناعية في انجلترا وعنصراً مهماً في الاقتصاد الامريكي وكان الاساس لصناعات عديدة هناك وفي مصر وتحديدا في القرن ال19 كانت مصر مجتمعاً ريفياً وكان القطن يمثل أحد أعمدة المجتمع واكتسب أهمية كبري بعد الحرب الاهلية الامريكية حيث كان يصدر الي امريكا وكان سبب الاحتلال الانجليزي لمصر والسودان وايضا السبب في انشاء أول سكة حديد في الشرق الأوسط بمصر وعندما جاء الاقتصادي الكبير طلعت حرب نظر للقطن نظرة مختلفة وايجابية أكثر من أجل تحقيق قيمة مضافة لهذا المنتج المهم وقام بانشاء عدد من القلاع الصناعية في المحلة الكبري وكفر الدوار بدلا من الوحدات الصغيرة التي كانت قائمة ونجحت هذه الفكره بسبب مايتمتع به القطن المصري من متانة وطول تيله باختصار قامت علي القطن عملية صناعية ضخمة وصادرات وكانت هذه الصناعات القائمة عليه تمثل اكثر من 38% من الناتج القومي المحلي الي أن قامت ثورة يوليو 52 التي اتخذت عددا من القرارات التي كان لها أثر سلبي لايمكن انكاره علي صناعة القطن كتأميم الصناعة ودمج الشركات المتعددة في كيانات حكومية وتحديد الدورة الزراعية الالزامية فرغم أنها مفيدة للتربة الزراعية الا أنها تحرم المزارع من اتخاذ القرار الذي يحقق مصلحته الاقتصادية والأخطر من ذلك انه منذ أوائل الستينات وحتي عام 1994 كانت الحكومة تقوم بتجديد سعر توريد القطن بأسعار متدنية للغاية وليست مرتبطة بالتكلفة الحقيقية أو بالسوق العالمي وهذه السلبيات مازلنا نعاني منها إلي يومنا هذا. وحدات للتوظيف * لكن الا تتفق معنا ان القلاع الصناعية حتي بعد ثورة يوليو لعبت دورا مهماً في الاقتصاد القومي؟ ** المشكلة ان هذه الوحدات الصناعية لم يتم تطويرها بالشكل المطلوب ولم نحافظ عليها كما ينبغي فلم يخضع القائمون عليها للتدريب والتطوير كما كان يحدث في الماضي من ارسال المهندسين الي مانشستر بانجلترا للتعرف علي أحدث التقنيات في الصناعة وتم الاعتماد علي ماكينات ليست علي درجة جيدة من الاتحاد السوفيتي والاخطر من ذلك ان مصانع القطن أو الغزل والنسيج تحولت من وحدات اقتصادية الي وحدات لتوظيف العمالة فقط فمثلا القلعة الصناعية في المحلة الكبري يوجد بها حاليا أكثر من 30 ألف عامل بينما الدراسات الحديثة تؤكد انه يمكن ان تدار بشكل أفضل من خلال عدد يتراوح من 1600 الي 1800 عامل فقط وان النتائج ستكون أفضل مما هي عليه الآن. سعر متدن * اذا عدنا الي قضية تحديد الاسعار هل اختفاء بورصة القطن في بعض الاوقات ساهم في الأزمة؟ * بكل تأكيد فقبل تحرير تجارة القطن في 1994 كان الفلاح مكروهاً علي التوريد بسعر ثابت ومتدن ومن ثم لم يكن يهمه أن يجود كثيرا في زراعته فطالما سيتم تحديد السعر بدون ارادته فما الذي يدفعه الي ذلك علي عكس الماضي حيث كان المزارع صاحب قرار وتوجد بورصة تحدد السعر العادل سواء للمزارع أو المشتري أو للمصانع. * وهل أدت مشاكل القطن المصري إلي تأثير علي صناعة الملابس الجاهزة؟ ** يجب ان نعلم ان قطاع الملابس الجاهزة في مصر لايعتمد علي القطن المحلي ولكن 95% من احتياجاته يتم استيرادها من خلال نظام السماح المؤقت والدروباك كما أن تكلفة الانتاج في مجال الملابس الجاهزة تعتبر ضئيلة واستثماراته متدنية علي عكس صناعة الغزول فيكفي أن نعلم ان انشاء وحدة صناعية متوسط للغزل تحتاج الي مبلغ يتراوح من 200 الي 400 مليون جنيه وهو مايتطلب وجود استثمارات ضخمة سواء كانت اجنبية أو عربية أو مصرية كما أنها تتأثر بالتغيرات الاقتصادية من حولها بصورة أكبر. حصة محددة * وهل تتفق مع الرأي القائل بأن صادراتنا من القطن شهدت تراجعا حادا في السنوات الأخيرة؟ ** القضية في رأيي ليست حجم صادرات فقط ولكن المهم ماتحققه هذه الصادرات من قيمة مضافة ودخل قومي فالواقع يؤكد أننا نصدر حاليا حوالي 100 الف طن يعني 2 مليون قنطار وهذا مناسب جدا للتعاملات في السوق العالمية لأن القطن طويل التيلة يمثل نحو 5% من حجم القطن المتداول في السوق العالمية ونحن حصتنا من ال5% هذه تمثل 35% وزيادة صادراتنا من القطن سوف تؤدي الي خفض الأسعار بشكل كبير أو قيام المشترين بتخزين كميات كبيرة منه تؤدي ايضا الي انخفاض اسعاره في سنوات مقبلة. عمالة مرفوضة * لكن ماتفسيرك لارتفاع أسعار القطن المصري طويل التيلة مقارنة بأسعار أقطان الدول الأخري لنفس النوع؟ ** السبب الأول وراء ذلك يعود الي أسلوب الجمع اليدوي حيث ان تكلفته عالية كما انه غالبا مايقوم به أطفال وهذا محل اعتراض من دول كثيره علي اعتبار ان عمالة الاطفال مرفوضة وقد سبق ان ناقشنا هذا الأمر مع الامريكان في لقاءات عديدة حيث هاجمونا من هذا المنطلق ورددنا عليهم بان هذا يحدث في الماضي مثلما كانت امريكا تعتمد في زراعتها وصناعاتها المختلفة علي العبيد أما الآن فلايوجد استعانة بالاظفال كما ان قوانين منظمة العمل الدولية لاتعتبر العمالة الأسرية عمالة أطفال وعموما فالجمع اليدوي رغم مشاكله ومن أبرزها وجود شوائب في القطن فانه يحافظ علي خصائص القطن طويل التيلة. * وما رأيك في الأصوات التي تطالب بالتوسع في انتاج الانواع الأخري من قصير ومتوسط التيله لتوفير احتياجات الصناعة؟ ** هذا اتجاه جيد للغاية ونطالب به منذ فترة طويلة بشرط ان يكون في اراض بعيدة عن الدلتا حيث يجب ان يحدث عزل تام في زراعة الاقطان بين الانواع الجديدة والانواع القديمة واستخدام اساليب حديثة في الزراعة وهذا بالطبع يحتاج دراسات جادة واستثمارات ضخمة بشرط ان يكون ذلك في مساحات كبيرة حتي تعطي الانتاجية المطلوبة خاصة وان هناك نماذج ناجحة في هذا المجال حيث ان زراعة القطن في الصحراء يعطي انتاجية 6 قناطير في المتوسط للفدان وفي هذه التجارب تم الوصول الي 12و14 قنطاراً اي مايزيد علي الضعف وفي نفس الوقت يجب اختيار الانواع التي يوجد عليها اقبال سواء من السوق العالمي أو السوق المصري. لا للاستثناءات * وهل ماتم مؤخرا من السماح باستيراد الغزول يمكن أن يؤدي إلي حدوث توازن في السوق المصري؟ ** هناك قانون الزراعة المصري الذي يتطرق لكل العمليات الزراعية من زراعة وتصدير واستيراد وفيما يتعلق بالقطن محظور استيراده هو والغزول مع امكانية وجود استثناء بقرار وزاري وهذا الاستثناء في رأيي غير مطلوب بل يجب ان يكون هناك تعديل تشريعي يسمح باستيراد الاقطان مع اعترافنا بضرورة وضع الضوابط التي تحمي زراعة القطن في مصر وتضمن عدم انتقال أي امراض اليه بجانب توحيد الاجراءات في المنافذ المصرية وكذلك في منافذ الدول التي نستورد منها فليس معقول ان تخضع الرسالة الي أكثر من عملية فحص فهذا يمثل زيادة في التكلفة واضاعة للوقت بدون أي مبرر حقيقي.