في ظل استمرار رحلة الدولار للتراجع، اتجه المعدن الأصفر والذهب الأسود نحو مزيد من الارتفاعات المتوقع استمرارها لفترة طويلة نتيجة تراجع الوحدة النقدية المتعامل عليها في تلك السلع. أجمع خبراء سوق المال علي وجود علاقة عكسية بين سعر الدولار وأسعار النفط والذهب مرشحين الذهب للصعود في أوقات الأمن والاستقرار أما النفط في أوقات الأزمات. توقع الخبراء كسر الذهب لمستوي 1000 دولار واستمراره في الاتجاه الصعودي علي المديين القصير والمتوسط والنفط ليصل لمستوي 85 دولارا علي المدي القصير و100 دولار علي المدي المتوسط. أوضح محمد حسن - رئيس قسم البحوث بشركة الأقصر لتداول الأوراق المالية وجود العديد من العوامل التي تؤثر علي حركة أسعار الذهب والبترول صعودا وهبوطا مشيرا لتأثر حركة البترول بصورة رئيسية بالعاملين السياسي والاقتصادي. أضاف انه في أوقات الانكماش الاقتصادي والركود تقل معها حركة التجارة والصناعة وبالتالي الإنتاج ومن ثم ينخفض حجم الطلب العالمي علي البترول فتتراجع أسعاره، أما في أوقات الازدهار الاقتصادي ينعكس علي زيادة الطلب العالمي وترتفع معها أسعار البترول مشيرا إلي ما يسود بين العديد من المحللين عن قرب انتهاء الأزمة المالية العالمية نتيجة ارتفاع سعر البترول والذي يشير لوجود حركة إنتاج ورواج. أما فيما يتعلق بالذهب فأوضح حسن تحرك أسعار الدولار بصورة رئيسية في عكس اتجاه الذهب مشيرا لاختلاف نظرة المستثمرين للذهب والبترول وفقا للحالة العامة، ففي أوقات الأزما تعتبر الدولار هو الوعاء الاستثماري الآمن للعديد من المستثمرين أما في أوقات الاستقرار فيعد الذهب هو الأكثر استثمارا. لفت إلي أن البورصة أو سوق الأسهم تسبق حركة الأسعار أثناء الدورات الاقتصادية سواء في القمة أو القاع موضحا أنه مع صعود البورصات يتوقع صعودا مماثلا في وقت لاحق لأسعار السلع وبالتالي فمن الطبيعي أن تشهد أسعار البترول والذهب صعودا. ذكر حسن أن الذهب يتحرك في اتجاه صعودي علي المديين القصير والمتوسط متوقعا كسره لحاجز 1000 دولار ووصوله لمستوي 1055 دولارا بالإضافة لتحرك البترول أيضا في اتجاه صعودي علي المديين القصير والمتوسط موضحا الحد العلوي له عند 75 دولار ليتجه لمستوي 82 دولارا في حالة كسره للمستوي السابق مستهدفا 85 دولار علي المدي القصير و100 دولارا علي المدي المتوسط. ومن جانبه أشار عمرو العراقي - محلل وخبير سوق المال - إلي انه بعد التراجع الكبير الذي شهدته أسواق السلع العالمية بفضل الانكماش الاقتصادي والذي نتج عن أسوأ أزمة مالية بعد أزمة الكساد العظيم والتي أدت إلي تراجع مستويات الطلب العالمي إلا أنه مع بداية الربع الثاني من العام الحالي بدأت الاقتصادات العالمية الرئيسية تشهد شيئا من التحسن النسبي مقارنة بما كانت عليه منذ الأزمة إذ انخفضت وتيرة الانكماش العالمي وأدي ذلك إلي عودة بعض الثقة للمستثمرين في الأسواق والدليل علي ذلك أن أسواق الأسهم العالمية، والتي تعد مقياسا للثقة ارتفعت عن أدني مستوياتها. وأكد العراقي أن هذه الثقة انعكست علي أسواق السلع علي الرغم من انه حتي الآن لم تتحسن مستويات هذه الأسواق بالشكل الكبير إلا أن هذه الثقة ساهمت في دعم وزيادة الأسعار وذلك مع الأخذ في الاعتبار النظرة المستقبلية المتفائلة والتي تتنبأ بتعافي الاقتصادات العالمية حيث نجد أسعار النفط خلال الأسبوع الماضي قد حققت أعلي مستوياتها السعرية خلال عام كامل، أرجع العراقي ما حدث للعديد من العوامل منها انخفاض قيمة الدولار أمام العملات الرئيسية وعودة الثقة التي أدت لارتفاع شهية المستثمرين للقيام بالمخاطرة مع ارتفاع نتائج أعمال الشركات العالمية الكبري في الربع الثالث والتي فاقت التوقعات. علق علي التقرير الأخير لمنظمة الأوبك مؤكدا علي أن التوقعات بشأن مستويات الطلب علي النفط تتماشي مع التعافي الاقتصادي المتوقع أن تشهده الاقتصادات العالمية الرئيسية خلال الفترة المقبلة وأيضا مع التحسن الذي شهدته في الآونة الأخيرة أما بالنسبة لوكالة الطاقة الدولية فقد أشارت إلي انخفاض وتيرة انكماش مستويات الطلب العالمي خلال العام الحالي ليسجل 1،9% مقارنة بالتوقعات السابقة التي كانت تشير إلي -2.2%. أوضح أن هذه التوقعات تشير إلي ارتفاع مستويات الطلب علي النفط ليصل إلي 84،6 مليون برميل وذلك مرتفعا عن توقعاتها السابقة في شهر كما رفعت أيضا توقعاتها بشأن الطلب العالمي علي النفط خلال عام 2010 بنسبة 1،7% ليصل إجمالي الطلب 86،1 مليون برميل يوميا. أضاف العراقي أن الأزمة غير النظرة الكلاسيكية لارتباط بين العملات والسلع حيث كان المعتاد قبل الأزمة هو أن ارتفاع الدولار يتناسب طرديا مع ارتفاع الذهب ولكن من الملاحظ حاليا تغير هذه العلاقة وارتفاع الدولار والذهب في آن واحد وبفضل الاضطراب وإقبال المستثمرين علي الدولار لقلة المخاطر الناتجة عنه لانه أقل سعر فائدة في العالم كما أن الذهب هو الملاذ الآمن للاستثمار في تلك الأوقات مما دفع الذهب للوصول إلي أعلي مستويات سعرية علي الإطلاق. توقع العراقي استمرار ارتفاع سعر الذهب لتحقيق مزيد من المستويات القياسية الجديدة حيث يلعب الملاذ الآمن واداة تحوط من التضخم بالإضافة أن هبوط الدولار الأمريكي إلي أدني مستوي له هذا العام مقابل سلة من العملات الرئيسية وخاصة اليورو سيزيد من جاذبية المعدن الأصفر كاستثمار بديل. أكد أحمد شلبي - محلل وخبير سوق المال - ارتباط أسعار السلع ببعضها البعض وتحركها معا بشكل شبه جماعي خاصة السلع الأولية حيث تشهد الارتفاعات والانخفاضات بصورة مماثلة. أوضح شلبي تأثر الذهب والبترول بصورة أساسية بالدولار حيث يمثل الدولار الوحدة الأساسية للتعامل علي تلك السلع وبالتالي كلما انخفضت قيمة الدولار ارتفعت أسعار تلك السلع. أكد ارتباط حركة أسعار السلع بالاقتصاد الحقيقي وبالتالي تتأثر بالعوامل المؤثرة في الاقتصاد وخاصة فيما يتعلق بالبترول لافتا لعدم تحرك أسعاره بصورة عنيفة لارتباطه بالطب العالمي. استثني الذهب من تحركه بصورة جماعية مع باقي السلع حيث يتحرك بصورة مستقلة عن السلع الأخري لاعتباره مخزنا للقيمة حيث لا يتأثر بدرجة كبيرة في أوقات القلق السياسي. توقع شلبي كسر الذهب لمستوي 1000 دولار مستهدفا 1300 دولار خلال فترة قليلة. ذكر مصطفي بدرة عضو مجلس إدارة شركة أصول لتداول الأوراق المالية أن ارتفاع حجم السيولة بأي سوق من الأسواق يوجد أنشطة وأوعية استثمارية أخري بداخله كما يخلق طلباً علي أداء استثمارية كالذهب أو البترول وسوق المال بما يشمله من أسهم وسندات ومستحقات. أضاف أنه في حالات تشجع الأسواق واستقرارها يلجأ المستثمرون للتعامل في الأسواق الأخري خاصة السلع والمعادن لما يرونه فيها من استثمار آمن فيتم ضخ سيولة كبيرة في أدوات مستقرة شبه آمنة. اتفق بدرة مع الأراء السابقة في ارتباط أسعار الذهب والبترول بضعف أو قوة الدولار الذي يتحكم فيه ظروف اقتصاد الدولة المصدرة له.