في ظاهرة غير مسبوقة شهدت العلاقة بين عملة الدولار والمعدن الأصفر تحولا تاريخيا خلال الأسبوع الماضي فبعدما ظلت العلاقة بين العملة والمعدن عكسية علي مدار العقود الماضية من وجهة النظر الاقتصادية انقلبت العلاقة لتتحول إلي طردية بما يثبت قوة الأزمة المالية العالمية التي وصلت إلي ذروتها فعلي سبيل المثال ارتفعت أسعار المشغولات الذهبية في السوق المصري بعدما ارتفع سعر أوقية الذهب الأسبوع الماضي 889 دولارا مقابل 870 دولارا وواكب ذلك ارتفاع في أسعار الدولار مدعوما بزيادة الطلب عليه من قبل المستثمرين الأمر الذي أدي إلي تحول العلاقات الاقتصادية التي ظلت راسخة لسنوات طويلة إلي العكس تماما مع استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية. يؤكد الدكتور علي خليفة الخبير الاقتصادي بجامعة القاهرة أن ارتفاع أسعار الذهب خلال الفترة الماضية وتنامي التوقعات بارتفاعه مجددا خلال الفترة المقبلة يأتي في إطار الاضطراب الاقتصادي والسياسي الذي يجتاح العالم حيث إن من أهم أسباب ارتفاع أسعار الذهب قلة المعروض من المعدن وتخوف بعض الدول المنتجة من طرح انتاجها في الأسواق، والسبب الرئيسي في ذلك، هو حالة عدم الاستقرار السياسي الذي يعم العالم، مما جعل تلك الدول تأخذ حذرها مترقبة أي تقلبات أو أزمات سياسية متوقعة، متخذة من الذهب الملجأ الآمن لها كوعاء ادخاري مستقر وأسعار الفائدة، أثبت علي مر السنين مدي قوتها في فترات الأزمات السياسية. إضافة إلي أن أحداث الإحصائيات تشير إلي ارتفاع حجم الموجودات من الذهب علي مستوي أكبر صندوق للاستثمار في المعدن الأصفر والمعروف باسم "إس بي دي آر جولد ترست" هذا بالإضافة إلي أن إقبال المستثمرين علي المعدن الأصفر كوسيلة استثمار شهد ارتفاعاً ملحوظا خلال عام 2008 إذ ارتفع الطلب علي السبائك والعملات الذهبية بنسبة 87% في ،2008 مما أدي إلي شح في هذه النوعية من الذهب في كثير من الدول. إنتاج المناجم واعتبر خليفة أن المخاوف تجتاح العالم بأن يعيد التاريخ نفسه حيث إن نفس المعطيات الحالية والمتمثلة في تقليل المناجم لإنتاجها من الذهب، نظرا لتوقعهم بلوغه 1500 دولار، وكذلك للإقبال القوي علي الذهب من المستثمرين، لأنه ملاذ آمن، بعد ضعف الثقة في الأسواق المالية والعملات بعد النكسة الاقتصادية الأمريكية. أضاف.. إن مستقبل الاقتصاديات غامض، وثمة توجه لتحويل النقد إلي ذهب، وعزا ذلك للخوف من انهيار الدولار، وأيضا الخوف من أن يعيد التاريخ نفسه مثلما حدث في عام 1819 من كساد وانهيار اقتصادي تسبب في حدوث مجاعات في بعض الولاياتالأمريكية مثل كاليفورنيا، وسان فرانسيسكو. ويلتقط أطراف الحديث الدكتورة مني المصري أستاذ التجارة الدولية بجامعة القاهرة قائلة إن الأحداث السياسية قبل الأحداث الاقتصادية كان لها أكبر تأثير في تغير اتجاه منحي الأسعار، حيث إن الأحداث السياسية من شأنها التأثير علي الاقتصاد العالمي مثل المناورات التي بدأت بين الكوريتين والإشاعات الإيرانية تجاه المفاعلات النووية الإسرائيلية والعلاقات البحرينية والسودانية والموريتانية والمزيد من الأحداث العامة التي تؤثر بلا شك علي أسعار المعادن الثمينة. أوضحت أن مجمل الأحداث السابقة كان لها مؤشر وحيد وهو اتجاه المستثمرين إلي الذهب كملاذ آمن وزيادة الشعور بفقدان الثقة في كل وسائل الاستثمار الأخري. أشارت إلي أنه في ظل الأحداث الحالية فإنه يصعب التنبؤ باتجاه الأسعار في المرحلة المقبلة ولكن المؤكد وفق الأحداث السابقة خلال 2009 أن مستوي الذهب سوف يستقر أغلب فترات العام بين مستوي 900 دولار إلي 1000 دولار مضيفة أنه يصعب الربط بين ارتفاع وانخفاض الأسعار بأي عوامل أخري مثل الدولار أو النفط كالسابق لتغير شكل العلاقة أكثر من مرة في الفترة الواحدة فمثلا كنا نقول إن علاقة الذهب والنفط علاقة طردية في بداية عام 2008 وصدق تحليلنا في هذا مع كل انخفاض أو ارتفاع لكليهما حتي وصل سعر النفط إلي 146 دولارا كأعلي مستوي وقابله الذهب بأقصي ارتفاع إلي 1033 دولارا ولكن انقلبت العلاقة أصبحت وعكسية الآن ونجد الذهب يتطلع إلي مستويات فوق ال1000 دولار للأونصة بينما يصارع بين قيمة الدولار وسعر الذهب وأصبحت علاقة طردية إلي حد ما خلال عام 2009 بعد أن كانت علاقة عكسية خلال عام 2008 ووصل الدولار إلي أدني مستوي له أما اليورو 1.601 دولار حينما كان الذهب يغرد فوق مستوي ال1030 دولارا وعكسية الأمس أصبحت طردية اليوم وكل ارتفاع في أسعار الذهب يصاحبه ارتفاعا في قيمة الدولار مثلما شهدته السوق المصري خلال الأسبوع المنصرم.