قلنا إن الأرض العربية التي لاتزال اسرائيل تحتلها حتي الآن لها أصحاب ولن يغير من تلك الحقيقة المماطلة والتسويف والاستيطان والتهويد، ربما تكون الدعوة الي السلام والمفاوضات هي عنوان تلك الحقبة من الزمن ولكن من يضمن أن يطول الصبر لحقبة زمنية أخري. تقول الأوراق الاسرائيلية التي وثقت لحرب يوم الغفران وهي التسمية الاسرائيلية لحرب أكتوبر : كانت النظرية العسكرية تقضي بأنه طالما لا يوجد لدولة إسرائيل عمق جغرافي، وطالما أن احتلال إسرائيل يعني إنهاء وجودها كدولة، فإنه يجب أن يكون هناك دفاع صلب وقوي علي حدود الدولة، ونقل الحرب إلي أراضي العدو في أسرع وقت ممكن. الواقع لقد كانت حرب عيد الغفران هي المرة الأولي منذ عام 1949، التي هوجمت فيها إسرائيل علي أيدي دولة عربية. وفي هذه الحرب، لم يقم السلاح الجوي "الاسرائيلي " بالمهمة الثانية المخصصة له، علي ضوء نظرية الأمن، وهي المساعدة في صد هجوم العدو، وتقديم قوة نيران للقوات البرية في الحرب الدفاعية. بعد الزلزال الذي حدث في أكتوبر 1973، أصبح من المهم أن تحترس إسرائيل أضعاف المرات، ومن الواضح أن الحرب المقبلة ستكون أشد من سابقتها . يتضح من تلك الشهادة الاسرائيلية أن احتمالات نشوب حرب جديدة غير مستبعد اذا تعثرت الجهود السلمية بسبب متطرفين علي أي من الجانبين العربي أو الاسرائيلي ، ولكن الأهم هو ما انطوت عليه تحليلات الموقف من اعتراف اسرائيلي بامكانية الحاق الهزيمة بهم في حالة نشوب حرب في ظروف غير ملائمة . في تجارب اسرائيل علي شن حروب محدودة علي جبهات عربية دخلت في حرب ضد لبنان بغرض ازاحة حزب الله من جنوب الليطاني وقد حققت ذلك الهدف الجزئي وفشلت في تحقيق هدفها السياسي وهو اخراج حزب الله بسلاحه من المعادلة السياسية اللبنانية ولكنها، اسرائيل، دفعت ثمنا باهظا من سمعتها العسكرية . التجربة الثانية كانت في محاولة اقتحام قطاع غزة والقضاء علي قدرة حماس العسكرية المحدودة للغاية بالنسبة الي قوة وامكانيات الجيش الاسرائيلي، النتيجة المعروفة للجميع كانت نجاح اسرائيل في تدمير القطاع المدني وقتل المدنيين مما أثار المجتمع الدولي ضدها بصورة لم يسبق لها مثيل وبقي شبح اطلاق الصواريخ ماثلا لم يخفف منه سوي اتفاق غير رسمي علي التهدئة برعاية مصرية . ان تجنب الحرب هدف استراتيجي لدي الحكماء والعقلاء حول العالم ، ولكن من قال ان العالم ليس مليئا بالمجانين الذين يصلون الي الحكم في بلادهم ويستهويهم الانزلاق علي حافة الهاوية نحوالحرب؟