بقلم : إيمان أنور [email protected] لست من المتفائلين بما ستسفر عنه المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية غير المباشرة المقرر أن تلتئم غدا بإشراف المبعوث الأمريكي السيناتور جورج ميتشل - الذي نتابع بشكل متواصل رحلاته المكوكية التي أتعبته كما أتعبتنا - .. مبعث التشاؤم يرجع إلي أن نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة غيرمعنية حقيقة بعملية السلام .. وليس هناك ما يجزم أو يبشر بجديد لحلحلتها.. ولاتزال عازمة علي استغلال هذه المفاوضات " كديكور" لمجرد الخروج من المأزق الذي تعاني منه .. وخاصة العزلة الدولية .. إلي جانب فرض سياسة الأمر الواقع والإستمرار في الإستيطان .. والتهويد .. وإجراءات التطهير العرقي .... وأن محاولة ميتشل إنما تبدو منذ البداية ميتة .. فهي حركة نشعر أنها ليست بركة .. فما الجديد في هذه المفاوضات التي توحي بفشلها لأسباب عدة .. أهمها أنها تعيد نفسها دون جدية !!. نتنياهو لا يريد السلام .. رغم قول بعض اليهود المدافعين عن أوباما مثل مارتن إنديك سفير أمريكا في إسرائيل السابق .. الذي يري في مقالته التي نشرت منذ أيام في النيويورك تايمز أنه يريه "العين الحمرا".. إلا أن نتنياهو رغم العتاب الصريح والمبطن فإنه لن يمل المراوغة .. ولا يمكن أن يكون مقتنعا بعملية السلام الجديدة.. والتي تكرر نفسها بالأشخاص والوسطاء وباستخدام نفس الأساليب السابقة لاستدرار عطف إسرائيل المتعجرفة.. بينما تستمر الدولة العبرية في بناء المستوطنات بجهد مكثف ليلا ونهارا ودون رادع أو "عين حمرا من أحد" . وها هو نتنياهو يستمع إلي مطالب تعاد علي مسامعه دائما .. بضرورة الإمتثال لقرارات الشرعية الدولية و لكن دون جدوي ويبدو أنه نفسه قد "زهق" من تردادها. في العملية السياسية .. فإن المطلوب من الفلسطينيين إسرائيليا هو مواصلة المفاوضات من أجل المفاوضات فقط .. بينما تكسب دولة الإحتلال الوقت وحقائق الأمر الواقع علي الأرض .. ولاننسي مايؤمن به نتنياهو ورجاله .. أن السياسيين في الشرق الأوسط ملزمون بإجراء مفاوضات ولكن من المحظور عليهم الوصول إلي الهدف .. التفاوض يعني البقاء والحكم .. أما إتخاذ القرارات فيعني الموت السياسي !!.. فالوصفه الصحيحة لضمان حياة طويلة للساسة هي مفاوضات عقيم... والوعود والتصريحات الإسرائيلية شيء وما يجري علي أرض الواقع شيء آخر مختلف تماما ... لقد قدم النظام العربي كل ما يستطيع واستجاب للرغبة الأمريكية بالموافقة علي استئناف المفاوضات التقريبية .. ولكن هذه الموافقة في تقديرنا .. لن تستمر إلي الأبد .. إذا استمرت عصابات الإحتلال في التضليل والتسويف وتقطيع الوقت لاستكمال خططها وأهدافها التوسعية في تهويد الأرض والمقدسات. المطلوب من الإدارة الأمريكية بصفتها الراعية الوحيدة للسلام والمعنية ببدء المفاوضات وقد بذلت جهودا حقيقية لتحقيق ذلك .. أن تترجم أقوالها إلي أفعال وإجراءات .. وألا تكتفي بدور المراقب .. أو تقديم النصائح المجانية .. التي حتي لم تأخذ بها إسرائيل .. عندما رفضت الرؤية الأمريكية بوقف الإستيطان .. كمقدمة ضرورية لإطلاق مفاوضات جادة وفق أسس محددة وسقف زمني متفق عليه .. تفضي إلي حل الدولتين وتحريرالمنطقة كلها من الإرتهان إلي التطرف والإرهاب الإسرائيلي . إن المفاوضات الفلسطينية - الإسرائيلية غير المباشرة .. ستكون مثل حصان طروادة لفرض الأمر الواقع والهروب إلي الأمام للخروج من العزلة الدولية وفرض حقائق جديدة علي الأرض.. وهو ما يدعو واشنطن إذا كانت معنية بنجاح المفاوضات إلي الخروج من مربع الدبلوماسية الدافئة إلي إتخاذ الإجراءات الفاعلة التي تجبر عصابات الإحتلال علي الإمتثال لشروط واشتراطات السلام الحقيقية.. وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية... و لكن هيهات!!